مؤرخون مدفوعو الأجر إستعملوا قصص مملة وتناقلوها فكان منها الفتور والسآمة فظهر على التابعين الكلل والملل. والتشتت أمسى سمة المقلدين الذين لغير أوليائهم لا يهتدون أو يدينون، لقد رأيت الأسماع تمل حتى من الأصوات المطربة والأغاني الحسنة إذا طال عليها ذلك، فما بالك ورواية الأمير بشير أحجية يلزمها حل، فلا ندري أكان إختياره لسمته أو لبياض لحيته أم أن وجوده إنتحال لصفة؟ أم تراه إستلب منصب على عجل قبل أن ينظر في شيء من نسبه؟ وحقيقة إنك لن تعرف قيمة كتاب حتى تجالس غيره، ولن تعرف قيمة علم حتى تعرف عكسه.
اقرأ أيضاً: بالأرقام(7): اقتصاد لبنان خليجي… والفساد الإيراني تحت عباءة الخامنئي!
أما وقد انتهى الحديث عن التاريخ، بات لزاماً معرفة كيف بني إقتصاد البلد العتيد، الذي ما عاد إحتياط الذهب يكفيه، ولا الصناعة الخجولة تسنده وتقويه، والتجارة المنسوبة إلى التهرب والتهريب تغمره وتغطيه، والخدمات ما عادت تليق بمن يملك عجز عن خدمة دينه وهو عن سداد الأصل بالاصل مستقيل، بلاد الترويكا الدينية والثمانية عشر زعيم، إقتصادها يختلف عن كل إقتصاديات السوق ويقيناً لم يعثر على مثله في كتب التفسير، ذلك أنه تبين وبشكل لا يقبل الشك أنه إقتصاد الهبات والمساعدات والمعطيات، إنه الإقتصاد الخفي، الإقتصاد غير الرسمي، الخارج عن الرقابة، إنه الإقتصاد الاسود، إقتصاد السلاح والسرقات والمخدرات…
اقرأ أيضاً: بالأرقام: اقتصاد لبنان بين السعودية وإيران
إقتصاد المبدأ الباعث الواهب العاطي الغير حكومي وله التابع بطبيعة الحال بالكامل يستكين .البلد بالكامل مرهون، والناس فيه دائماً وكل يوم للإبتزاز يخضعون، فما بالك وقد أتاه يوم القابض عليه استثناه من حساباته واودعه جانباً لصالح ما هو أصلح منه؟ لقد بات الكل بالمصلحة الراجحة يعملون، فهؤلاء الوزراء لوزارتهم مالكون، وأولئك المدراء لحسابهم عاملون، والحاكمون على ما أئتمنوا عليه متصرفون، وقادة الأحزاب بعدما إنقطع حبل الصرة بينهم وبين حاضنتهم باتوا للمشيمة آكلون ولمؤسسات الدولة خاطفون، لقد طاول الإفلاس جميعهم، والمستثمرون المصطنعون أخلوا دون خجل أو وجل ورشاتهم، وبات البلد كالعجين الذي إذا قابله فلق بطيخ لم يفلح أبداً ولم يختمر، وقعت الواقعة والكل بعد ما تقدم لا محال سيصدعون وينزفون.