لعنة «ما بدنا سعودي بلبنان» تلاحق علي بركات في المحاكم

أن تحاكم بموجب قضية يعني سقوط حيثياتها عنك، وبالتالي إغلاق ملف الدعوى وعدم العودة إليه مجددًا إلاّ في حال ظهور معطيات جديدة تغير نصّ الحكم أو تبدل بمسار الملف، غير أنّ الاجتهاد القضائي في لبنان تفوّق على نفسه مهنية وإنصافًا ليتحوّل الملف الجنائي "نفسه" إلى مادة مستهلكة تستعمل متى أراد للمستفيدين منها ذلك.

القضية أنشودة “علي بركات” والتي تحمل عنوان “ما بدنا سعودي بلبنان”، ولأنّ القضاء لا عدالة به تسبب إعادة تداول المستخدمين لهذه الأنشودة بإعادة فتح ملفها مرة واثنين.
ليس دفاعًا عن علي بركات ولا عن الأنشودة التي لنا موقفنا الخاص منها والذي نتحفظ عليه، ولكن في بلد عنوانه العدالة والديمقراطية لا يمكن لنا مهما كان التباين السياسي ومهما اختلفت المواقف من القضايا الإقليمية أن نصفق لقرار لا مرجع له لا قضائيًا ولا قانونيًا.

إقرأ أيضًا: المنشد علي بركات في قبضة الدولة والسبب.. السعودية

هذه الأنشودة والتي عادت إلى الواجهة على خلفية العقوبات الخليجية، ترافقت بمطالبة من الناشطين بمحاكمته، ممّا دفعنا في حينها إلى نشرها والتأكيد أنّ تاريخ الإصدار ليس بحديث العهد وإنّما يعود إلى العام 2014، وأنّ بركات قد حوكم سابقًا وسجن بسببها.

ولكن يبدو أنّ التوضيح لم يصل للمعنيين وأنّ القضاء لا بوصلة واحدة له، ليجدد وزير العدل السابق أشرف ريفي الدعوى القضائية والتي سبق وبتّ القانون اللبناني بملفها، واللافت وكما صرّح علي بركات لموقع “جنوبية” أنّه وبعدما ردّت الدعوى التي رفعها ريفي أعاد النائب العام التمييزي السير بها وقد أصدر بحقه بحث وتحري لمدة عشرة أيام ومن ثم حوّل الملف للنيابة العامة في النبطية.

المنشد علي بركات

مهزلة القضاء في قضية بركات لم تتوقف هنا، إذ يبدو أنّ أنشودة قديمة حوكم عليها أصبحت أكثر خطرًا على لبنان من الملفات الداخلية والإقليمية، ومن الفراغ الرئاسي والشلل المؤسساتي، ليتقدم السفير السعودي اليوم بإدعاء على المنشد لدى قاضي التحقيق في النبطية بجناية المادة ٢٨٨ من قانون العقوبات اللبناني على خلفية “نشيد”، كما طالبته السفارة أيضًا بمبلغ 100 مليون ليرة تعويضاً.

هذا الخبر الذي قرأناه في الصحف اليوم، جعلنا نحسب أنّ في المحاكم القضائية أنشودة أخرى استدعت هذا التحرّك، إذ لا يمكن للسفارة أن تكرر زلّة ريفي والتي قوننها القضاء، ولكن المفارقة أنّه لدى تواصلنا مع “علي بركات” أشار لنا أنّ الدعوى على الأنشودة نفسها.

إذًا، ثلاث دعاوي قضائية تتكرر في المحاكم اللبنانية والملف واحد، وقبل أن نتحدث في المادة 288 التي يتم الاستناد إليها، لا بد من التساؤل كم مرة على اللبناني أن يحاكم، وهل يحق لدولة عربية أن تقاضي مواطنًا لبنانيًا؟
في هذا الصدد أكد لنا مصدر قانوني مطلّع أنّه لا يحقّ لأيّ جهة إعادة محاكمة “علي بركات” في قضية قد أصدر القضاء اللبناني حكمه بها ولا سيما وأنّ الملف هو نفسه ولا جديد به.

أما بالنسبة للمادة 288 من قانون العقوبات والتي تنص على “أن يعاقب بالاعتقال المؤقت من أقدم على اعمال او كتابات او خطب لم تجزها الحكومة، فعرض لبنان لخطر اعمال عدائية او عكر صلاته بدول أجنبية أو عرض اللبنانيين لأعمال ثأرية تقع عليهم او على اموالهم.”
فقد اعتبر المصدر القانوني أنّ حقّ الإدعاء على المنشد علي بركات لا يكون بموجب هذه المادة وإنّما يفترض أن يكون أمام محكمة المطبوعات.

إقرأ أيضًا: المنشد علي بركات خرج من السجن: شكراً أمل وحزب الله
وفي هذا السياق وللإستيضاح أكثر من المنشد حول الملفات القضائية التي تحاوطه، فقد أكد لنا أنّه قد حوكم مسبقًا بناءً على المادة نفسها، ممّا يعني أنّه حتى المادة القانونية التي استعانت بها جهات الادعاء لم تتغير، وأشار بركات إلى “أنّه من الواضح انّ ملفه مسيس وخاضع للضغوطات السياسية إذ لا يمكن ان يكون هناك ثلاث ملفات قضائية لنشيد واحد بتّ به القضاء اللبناني وأصدر الحكم.”
بدورها تؤكد المحامية سندريلا مرهج التي توّكلت ملف “علي بركات” أنّها وكل الفريق القانوني سوف يتبعون كل الطرق القانونية لفسخ وردّ كل هذه الادعاءات لاسيما وأنّ المادة لا تنطبق على النشيد أولاً، كما أنّ المدة التي قضاها علي في السجن هي أكبر من المدة المطلوبة.

السابق
الطفيلي: سيأتي يوم على الشيعة يلعنون فيه حزب الله ورجاله
التالي
تيار الغد في مواجهة الإشاعات .. وهم مديح روسيا