ثلاثون طلقة… وطلقة!

هل تصدقون أنّ زهراء ضحية؟ وكيف لكم أن تدينوا أنور غسان النمر بجريمة أقلّ شيء أن يرتكبها..

زهراء القبوط استحقت مصيرها، أخطأت، وزوجها ما قتلها لو أنّها لم تسىء إليه، وما قتلها لو أنّها الم ترتكب الخطيئة أيّة خطيئة، زهراء كان لا بد أن تقتل فهو “رجل” وهي تعالت على هذا “الرجل”.
لا تتعاطفوا مع زهراء بل إخجلوا، وإخجلوا ألف  مرة حينما تطالبون بإنزال أقصى العقوبات بطليقها أنور النمر فأنتم إن كنتم تملكون قليلًا من الشرف والحياء لناديتم ببراءته ولطالبتم بإدانة القتيلة وهي في قبرها، بإدانة ترابها وهجره جنازتها.

إقرأ أيضًا: المرأة، محاولة فهم على هامش يومها
مقدمتي القاسية ليست افتراء ولا استكباراً ولكنها تلخص الواقع، زهراء قتلت بثلاثين رصاصة، مات جسدها وما زالت روحها تُهّمش برصاص المجتمع الغبي، زهراء التي لم يستحِ ذلك الرجل في القول وهو يلف قدمًا على قدم بزاوية القهوة “بتستاهل لو منها غلطانة ما قتلها”
ولم تتردد تلك العجوز الجالسة في سيارة الأجرة بأن تهمس لجارتها “أبصر شو عاملة طلعته عن دينه”.
ولم يخجل آخرون من القول “المرة ما بتنقتل إلا من ايدا”، “اكيد في شي هم البنات للممات خربتله بيته”.

زهراء قتلت بثلاثين رصاصة لأنها رفضت العودة إلى طليقها
زهراء قتلت بثلاثين رصاصة لأنها رفضت العودة إلى طليقها

إذًا زهراء هي الجانية، أما أنور فهو ضحية، زهراء مدانة ولا بدّ أن يختلق لها المجتمع الذكوري من تهمٌ عدّة تخفف لطليقها الحكم الجنائي وتضعها هي وعائلتها أمام محكمة الجناية المجتمعية ومحكمة ألسنة الناس.

ثلاثون رصاصة، أشبع بها أنور غليل ذكورية ناقصة بطليقته، ليرديها قتيلة بعد أن استقر بجسدها المتعب أربع منها، لم يغفر لزهراء في هذه الجريمة نظرات ابنة السنتين المنكسرة ولا رجاء والدة تشهد احتضار “دلوعتها” أمام عينيها ، لم يغفر لزهراء شيء، وكيف يكون الغفران وهي من ارتكبت جريمة الكرامة الكاملة بحقّ زوجها فرفضت الحياة تحت سقف التعنيف أولاً، ثم رفضت العودة إليه ثانيًا.

إقرأ ايضًا: تشريع الضرورة أم تشريع العنف؟

زهراء مذنبة، فلنتفق، زهراء جانية، وهنيئًا لنا بمجتمع عنوانه ( وَإذَا المَوْءُودَةُ سألَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ )، فبـأي ذنب قتلتِ يا زهراء؟ وبأيّ التهم سوف يلوثون كفنك الطاهر.
هو مجتمعنا الفاجر، والذكورية المريضة، وهو قضاء “الأقوى”.
زهراء ليست الضحية الأولى للعنف، ولن تكون الأخيرة، وهؤلاء الضحايا إن لم تنصفهن عدالة الأرض فعدالة السماء لا تميز بين ذكر وأنثى.

السابق
اميركا تناقش مع روسيا رحيل الأسد
التالي
أوغلو: هذا ما يجمع تركيا بالأردن