النظام في تدمر.. أي دلالات للأسد وبوتين وداعش؟

عندما غزا تنظيم “داعش” تدمر في أواخر أيار 2015، اعتبر ذلك الاجتياح ضربة استراتيجية واضحة للنظام السوري وكشف الضعف الكامن للجيش الذي “انسحبت” قواته أمام زحف العلم الأسود.اليوم، ومع دخول الجيش السوري بغطاء جوي روسي الى المدينة الواقعة في ريف حمص الشرقي ، تبدو الصورة معكوسة ومعها الدلالات أيضاً.

فبعد أكثر من اسبوعين على بدء معركة استعادة تدمر بدعم جوي روسي، دخل الجيش السوري بعد ظهر الخميس المدينة الاثرية التي اثار سقوطها في يد التنظيم قلقا في العالم على آثار يعود تاريخها الى الفي سنة.
وبثت قناة “الاخبارية” السورية مشاهد من المدينة، وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن :”دخلت قوات النظام السوري حي الغرف في الجهة الجنوبية الغربية لمدينة تدمر اثر معارك عنيفة مع تنظيم الدولة الاسلامية”، مشيرا الى أن “قوات النظام تتقدم ببطء خشية من الالغام” التي زرعها الجهاديون في المدينة وأحيائها.

الى ذلك، نسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى مصدر عسكري أن “الجيش يدخل من الجهة الشمالية الغربية بعد سيطرته على المدافن الغربية في منطقة وادي القبور”.
وكان مصدر أمني أوضح أن المدينة أصبحت بين “فكي كماشة” الجيش السوري من الجهتين الجنوبية الغربية والشمالية الغربية.

مقتل ضابط روسي

ويأتي هذا التطور بعد عشرة أيام تقريباً من اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحباً جزئيا لقواته من سوريا.ولكن اعلان #موسكو الاسبوع الماضي أن مقاتلاتها تنفذ 25 طلعة يوميا دعماً للقوات الحكومية في محيط تدمر يوحي بحسب خبراء بتحول في الأولويات القتالية لروسيا في سوريا.كذلك، وردت تقارير عن قوات خاصة روسية تشارك في المعركة.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن مركز التنسيق الروسي للمصالحة في #سوريا، أن ضابطا في القوات الخاصة الروسية لقي مصرعه أثناء العمليات ضد مسلحي داعش في محيط مدينة تدمر.

وقال مصدر في المركز ومقره في قاعدة حميميم الجوية، إن الضابط في القوات الخاصة الروسية قتل أثناء قيامه، على مدار أسبوع، بمهمة كشف أهم مواقع داعش في منطقة تدمر وتحديد إحداثياتها من أجل إبلاغ سلاح الجوي الروسي.

تحويل الانتباه

وكان اتفاق وقف الأعمال العدائية جمد النزاع ضد الفصائل المعارضة على نحو كبير .وفي هذا السياق، يقول المحلل في معهد دراسات الحرب كريس كوزاك أن روسيا تحول انتباهها الى “داعش”، التنظيم الذي كان بوتين برر به في أيلول الماضي حملته العسكرية في سوريا.
وقال:”من وجهة نظر بوتين، حان الوقت لتحويل الانتباه الى الدولة الإسلامية…ففيما أدى اتفاق وقف الأعمال العدائية الى تجميد القتال على جبهات أخرى،يبدو أنها طريقة واضحة جداً للتأكيد لأوروبا أن روسيا مهتمة حقاً بمقاتلة الدولة الإسلامية”.
لا شك في أن استعادة تدمر ستشكل انتصاراً للنظام وحلفائه نظراً الى الأهمية الثقافية للمدينة، اضافة الى موقعها الاستراتيجي. فمن شأن السيطرة عليها ان تفتح الطريق امام الجيش السوري لاستعادة منطقة البادية على مساحة 1200 ميل وصولا الى الحدود السورية العراقية شرقاً، كما ستتيح له حماية المدن التي يسيطر على مساحات واسعة منها، وهي حمص وحماة ودمشق.
وفي هذه الحال، سيضطر التنظيم المتطرف الى الانسحاب شرقاً الى محافظة دير الزور أو الى مناطق سيطرته في العراق.

اقرأ أيضًا: داعش يتراجع في سوريا والعراق ويتقدم في أوروبا‏

تطور كبير ذو دلالات

بالنسبة الى الباحث في الشؤون السوري آرون لاند تشكل استعادة تدمر تطورا كبيرا ودليلاً على مدى تعزيز التدخل الروسي موقع االنظام ، وذلك بعد الاختراق الذي حققته القوات الحكومية في حلب في شباط الماضي.
أما ل”داعش”، فهذا التطور يعني أن موطئ قدمه في وسط سوريا قرب حماة وحمص وعلى طريق التهريب الى درعا صار معزولاً أكثر.ويقول ل”النهار”:”إذا سقطت تدمر، يتوقع أن تواصل القوات الحكومية تقدمها شرقاً لاستعادة السيطرة على منشآت الغاز في الصحراء ثم محاولة فك الحصار عن دير الزور “.
ويتنازع النظام و”داعش” السيطرة على دير الزورمنذ صيف 2014 .وقبل ذلك، كان النظام يتقاتل مع فصائل أخرى في المنطقة.وقد استثمر طاقات كبيرة في المنطقة في محاولة لابقاء موطئ قدم له في منطقة الفرات.

الطوق يشتد على “داعش”

وعلى الجهة الثانية من الحدود، بدأت القوات العراقية الخميس مرحلة اولى من عملية عسكرية لاستعادة محافظة نينوى وكبرى مدنها الموصل التي استولى عليها التنظيم في هجوم كاسح قبل سنتين.
إذا، يبدو أن المعركة ضد داعش تكتسب زخماً جديدا، والتنظيم يواجه هجمات على جبهات عدة.ويقول لاند:”الولايات المتحدة تدعم القبائل السورية والعراقية في محاولة لتأمين الحدود، كما ان الهجوم الذي يشنه الأكراد ضد داعش في الشمال يضعف التنظيم أيضاً”، و”إذا استمر الهجوم على داعش بهذا الزخم سيكون التنظيم في وضع صعب سنة 2016″.ومع ذلك لا يستبعد تباطؤا ،أقله لأسباب اقتصادية.

(النهار)

السابق
كيف يخدم ارهاب «داعش» إسرائيل؟
التالي
عون لـ«حزب الله»: لماذا تركتني؟