وداعا للصحافة الورقية اللبنانية!‏

الصحافة اللبنانية
وصلت الأزمة التي تعصف بالصحافة الورقية في لبنان أوجها. وأمس الثلاثاء، خرجت الأزمة إلى العلن وذلك مع تداول ومصادر ومعلومات تفيد بأن صحفاً تعتبر تاريخيا من أهم أعمدة الصحافة اللبنانية تدرس امكانية ايقاف طبعتها الورقية إلى جانب اللجوء إلى سياسات تقشفية من خلال فتح باب الاستقالة لموظفيها.

لا شك أن تاريخا من العمل الصحافي سيطوى والاف الصحافيين سيجدون أنفسهم خارج مؤسساتهم الاعلامية في المدى القريب نظرا لشح المال السياسي والتدهور الكبير في المبيعات إلى جانب تراجع في سوق الإعلانات وغيرها من العوامل التي تضافرت حتى فاقت هذه الصحف قدرتها على التحمل. فتلقى موظفو جريدة “اللواء” الأسبوع الماضي، تعميماً إدارياً موقع من رئيس تحريرها صلاح سلام أعلنت فيه الادارة أنه “فتحت باب الاستقالة أمام من لا يستطيع الاستمرار في العمل في هذه الظروف القاسية”، بدءاً من 15 آذار/ مارس الحالي.

اقرأ أيضاً: 6 أيار: أول شهداء الصحافة اللبنانية.. والحبل على الجرّار

في وقت، تدرس صحيفة “السفير” امكانية ايقاف طبعتها الورقية، أو تخفيضها إلى 8 صفحات، بهدف تخفيض نفقات الطباعة. وذلك استنادا على رسالة داخلية أرسلها رئيس تحرير “السفير” طلال سلمان إلى أسرة الصحيفة. تخطط “النهار” بدورها إلى الاستغناء عن عدد من الموظفين في المرحلة المقبلة، لكنها لم تحدد بعد عددهم، ولا طبيعة مهماتهم. فهي تعمل على إعداد خطة “توازن فيها المصاريف مع المداخيل”.

لكن، وسط أزمة التمويل وشحّ الإيرادات لا يمكن فصل أزمة الصحف الورقية عن ثورة الصحافة الإكترونية التي أصبحت منافسا شرسا لها حتى تفوّقت عليها. فإلى أي مدى يمكن ربط هذه الأزمة بانتشار الوسائل الرقمية؟ وإلى متى ستبقى الصحف الورقية صامدة في وجه الواقع الرقمي في وقت، أصبح الكلاسيكيون يدركون جيدا أن العالم كله أصبح متجها نحو الـ ” Online” إلاّ انهم يصرون على أن البشرية لن تستغني عن الورق.

في هذا السياق، رأت الدكتورة إيمان عليوان الأستاذة في مجال الصحافة الالكترونية أنه “لا شك، أن الثورة الالكترونية لعبت دورا كبيرا في هذا المجال. لكن، يجب الإشارة إلى أن الصحف اللبنانية مدعومة بشكل دائم وكبير من الخارج”. وتابعت في حديثها لـ “جنوبية” “فالسؤال الأهم هل هذه الجهات التي كانت داعمة في السابق لا تزال بحاجة إلى هذه الصحف”.

ولفتت عليوان إلى “أن تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في لبنان بشكلعام أثر على وضع الإعلام”. مشيرةً إلى أنه “إذا كانت التلفزيونات تعاني من أزمة فكيف حال الصحف الورقية”؟

الصحف

واعتبرت أن “ثورة التكنولوجيا كان لها أثر كبير في تفاقم المشكلة وسبقت التوقعات بتأثيرها المبكر نظرا لأننا من الدول النامية إلى ذلك ضعف شبكات الانترنت”. وأوضحت أن “هذه الأزمة ليست خاصة في لبنان أو العالم العربي فقط، بل موجودة قبل في الغرب إذ ستستغني صحيفة “ذي اندبندنت” البريطانية عن نسختها الورقية اعتبارا من 26 اذار المقبل لتحصر اصداراتها بالنسخة الرقمية وغيرها من الصحف العريقة أيضًا”.

ولم ترَ عليوان “أن الأزمة كارثية طالما أن لهذه الصحف مجالا للانتقال إلى العالم الالكتروني خصوصا أنه مجال واسع، وصحيح أنه في مكان ما أغلقت مجالات عمل بالنسبة للكثير من الصحافيين إلّا أنها في الوقت نفسه تفتح مجلات أخرى للعمل”.

إيمان عليوان
إيمان عليوان

كذلك أشارت إلى أهمية المرحلة القادمة من خلال مواكبة التطور والبدء بالتنظيم الذاتي، إضافة إلى إعتماد مهنية وأخلاقيات الصحف الورقية الكترونيا. مضيفةً “لكن، يخشى من الإنزلاق نحو الإثارة أكثر وأكثر”.

كذلك أكّدت عليوان “أنها مرحلة انتقالية صعبة ومحطة طويلة تتطلب استراتيجية عمل وإعادة تنظيم من قبل المعنيين لإعداد قانون إعلامي حديث لتدارك الأمور”.

وخلصت أنه “لا شك أن من عايش الصحف الورقية سيحزن لكن هناك واقعا يجب التعايش معه، خصوصا مع انخفاض توزيع وتدهور وضع الصحف. لكن يوجد طوق نجاة في المواقع الالكترونية فلكل صحيفة نسختها الالكترونية ،وتأكيدا تعمل “السفير” على تحديث موقعها مؤخرا كما أن “النهار” تعمل على تمييز نفسها بين المواقع”.

ومن جهة أخرى، اعتبر الصحافي حسان الزين في حديثه لـ “جنوبية” أننا “في مرحلة تحدي الـ “online” والورق أصبح من العصر الماضي وهذا ما يوجب التطور لتصبح الصحف قادرة على منافسة الثورة الاكترونية”. مشيرا إلى انه “عى الرغم، من أن الصحف الورقية لديها نسخة الكترونية الا انها لا تزال عالقة في العقل الورقي ولم تستطع مواكبة العصر وهذا جزء من الأزمة غير أزمة تراجع المال السياسي والإعلانات”.

حسان الزين
حسان الزين

كما اعتبر الزين أن “أمس الثلاثاء هو بالفعل يوم أسود على الصحف الورقية لما تشكله من حيوية إضافة إلى أنها تعبر عن حرية المجتمع في وقت ينطفىء هذا الجزء وهو جزء من التاريخ”.

وبحسب قراءة الزين السياسية وجد أن “لبنان القديم ينتهي وهناك مرحلة جديدة والصحف جزء من طي مرحلة من هذا التاريخ “.

كما لفت أن ما يجري هو صرخة حقيقية ولا شك أن هناك أزمة فعلية لكن ليس المهم أن تستمر الصحف بقدر ان الأهم هو كيف ستستمر”.

اقرأ أيضاً: من شارل أيوب إلى رائد أبو شقرا: الصحافة اللبنانية على طاولة الخمر والميسر‎

وفي الختام، قال الزين “الأكيد أن هناك تحدّ كبير يتطلب خطوات جدية من الصحف الورقية كي تستمر على أمل أن تجد مصدر دخل فعلي منتج مغر يشد الناس اليه”.

 

السابق
انفجار ضخم في سوق طهران الكبير وأنباء عن إصابات
التالي
الصور الأولية للإنفجار في طهران