فتنة مرآب التل في طرابلس: هل من يصغي ؟!

مرآب التل
قطوع طرابلس اليوم او هذه الفترة هو مشروع انشاء مرآب في ساحة التل. لسنا هنا في مقام او موقع اتخاذ موقف من مشروع المرآب المزمع البدء في أقرب وقت بأعمال الحفريات في موقعه في ساحة هي قلب الفيحاء النابض، وليس عن الحسنات او المساوىء، فقد قيل في الاولى الكثير وفي الثانية أكثر وأكثر.

المرآب الذي تنوي السلطة المركزية تنفيذه بالتعاون مع بلدية المدينة ومجلس الانماء والاعمار، الذي لم يعد الكثير من الطرابلسيين يؤمنون بجدوى بقائه ككيان “اعماري تنموي” بقدر ما يصفه هؤلاء بأنه شريك سلطوي يتعامل بفوقية مع شؤون المدينة ويدرك الجميع “دهاليز غرفه” التنموية والمحاصصة السياسية في انجاز عقود التعهدات والتسويات، كما يرى اهل المدينة المنهكون من “سمّات البدن” المتواصلة والمتقطعة، دون فارق يذكر، طالما أن المدينة على حالها منذ عهود.

السؤال المطروح الآن لماذا تلجأ السطلة عبر مختلف أدواتها وأجهزتها الى استنفار أهل طرابلس في كل مناسبة واشعال نقمتهم وإثارة حفيظتهم في أكثر من مناسبة سواء أكانت تنموية او ادارية او سياسية او في قضية الموقوفين وسواها الكثير، فاللائحة تطول وتطول.
لماذا تلجأ هذه السلطة الى استخدام ادوات “تستعدي” بواسطتها أبناء المدينة دون أن يكون لهم الحق في إبداء آرائهم؟
وزير الشؤون الاجتماعية المحامي رشيد درباس، وهو ابن طرابلس، اعتبر في مؤتمر صحافي له ان من يعارضون انشاء هذا المرآب، “ليسوا أبناءنا”، إذن من هم هؤلاء؟! يتساءل من يسمع هذا الكلام، هؤلاء هم مواطنون طرابلسيون من مختلف الفئات والاطياف الاجتماعية والمهنية، حيث وقفوا ورفعوا صوت الرفض لكن هيهات من يصغي ويستمع.
من جهتها بلدية طرابلس قامت بخطوة تعد سابقة وغريبة فبعد اجماع المجلس البلدي على رفض انشاء المرآب، عاد المجلس نفسه واقر المشروع، رأى أبناء المدينة هؤلاء ان فيها من معالم الصفقة المكتملة ما يؤكد أن جيوبنا ستفرغ في سبيلها من دون جدوى حقيقية تذكر فيها لا بل انها تحد لإرادة الطرابلسيين وجلب المزيد من الفقر والمآسي على أهلها دون حسيب ولا رقيب ولا سائل او مهتم.
اما اذا اعتبرنا ان ردة فعل العامة من الطرابلسيين انفعالية وعاطفية وغير مدروسة كما يحلو للبعض من “الخبثاء”وصفها على حد قول بعض المعترضين على المرآب، فالسؤال المطروح لماذا لا يستمع اصحاب السلطات المنوطة بأمر المرآب، بعيداً عن اي انفعال عاطفي او مصلحي، الى أصوات وآراء أصحاب الخبرات ممن عملوا طويلا على أرض الواقع في مدينتهم، ومشهود لهم بأنهم لا مصلحة لهم، ولا ناقة ولا جمل، في التقرب من أي فريق ولا في استعداء اي فئة في هذا النقاش الذي يبدو أنه ليس بيزنطياً، بل الخوف ان يصبح مواجهة بين ابناء المدينة والقوى الامنية على اختلافها من قوى امن داخلي او وحدات الجيش اللبناني، خاصة بعد ان قام بعض المعترضين من أبناء المدينة برفع العوارض الحديدية التي تم تثبيتها بداية الاسبوع في موقع المشروع في ساحة التل بمواجهة قوى الامن وشرطة بلدية طرابلس التي كانت في المكان.

إقرأ أيضاً: مرآب طرابلس يقسم أبناء المدينة: حافظوا على طرابلس الثقافة
كما انه مؤخرا اعلن محافظ لبنان الشمالي القاضي رمزي نهرا بأن وحدات من الجيش اللبناني ستؤازر الاعمال يوم غد الخميس.
فهل سيكون عناصر الجيش هذه المرة في مواجهة غضب الطرابلسيين المعارضين “لمرآب الذل” كما يسميه هؤلاء.
ماذا يقول المحايدون اذا صح وصفهم كذلك؟
المهندس جمالي متخوفاً
رشيد جماليهنا يرى المهندس رشيد جمالي المشهود له بسيرة رائدة في العمل المتخصص وفي النشاط المدني والاهلي حيث كان رئيس التجمع الوطني للعمل الاجتماعي، كما رئس بلدية طرابلس في فترة سابقة، اما في فترة رئاسته لأهم مركز ثقافي في طرابلس (الرابطة الثقافية) في الثمانينيات والتسعينيات، الغنية عن التعريف فقد شهدت تحت ادارته عصرها الذهبي بحق،
المهندس جمالي يتساءل منذ يومين على صفحته الخاصة على موقع الفايس بوك والتي يتابعها الاف الطرابلسيون، بل هو يطلق تخوفاً من طريقة تعامل السطلة مع طرابلس وأهلها قائلاً:

“تابعت تطورات مشروع مرآب التل بطبقاته الأربع تحت الارض، واجزم انه مشروع يحمل مخاطر وأضراراً كبيرة على الوسط المديني لطرابلس خلال مرحلتي التنفيذ والتشغيل، ويتعارض مع التوجه العالمي لتخفيف حركة السيارات (او منعها) في وسط معظم المدن في العالم، وهو ابعد ما يكون عن تصنيفه مشروعا إنمائيا، وسيفاقم أزمة الازدحام المروري وسط المدينة، وسيتحول سريعاً الى بؤرة فساد ورذيلة تدفع طرابلس ثمنها غالياً … فهل هناك من يصغي؟

 

الاستاذ أديب نعمة
الاستاذ أديب نعمة

اما الباحث الاجتماعي الاستاذ أديب نعمة وهو ابن طرابلس وخبير تنمية في لبنان وخارجه فيقول: “لنناقش المشروع من منظور شامل ومستقبلي؟ هذا المشروع سيخرب طرابلس لعقود طويلة قادمة ويلحق بها ضرراً لا يمكن اصلاحه. لا بد من اخراج المناقشة من الجزئيات ومن التوظيف السياسي الضيق ويجب الربط بين الامور: طرابلس تتعرض الآن لفضيحتين في الوقت نفسه هنا المرآب وتوقف اعمال كورال الفيحاء الذي نال جائزة عربية منذ ايام. انه العقل نفسه الذي يستخف بالناس والمواطنين وكل ما له قيمة حقيقية وكل ما هو تنمية فعلية. من يقول ان هناك خطة ورؤية كامنة خلف المرآب لا يقول الصواب، ولا يتعلق الامر بدراسة هندسية فهذا ليس المطلوب.

كل الافكار الجيدة لتنمية طرابلس، وهي كثيرة، تهمل ويجري الالتفاف عليها بسبب قصورالرؤى والتقاسم الغنائمي كما في كل شيئ في البلد. الملامة طبعاً تقع اولاً على عاتق القيادات السياسية، ولكن هل نحن شركاء في ذلك ايضاً؟ وهل يجوز على سبيل المثال ان ننظم مهرجانات خطابية عن التنمية كما حصل مؤخراً في المدينة ام المطلوب عمل جاد من نوع آخر؟.
وتابع نعمة: “لطالما كانت طرابلس صندوق بريد، اكثر من ذلك كانت اقرب الى كونها قطع غيار (اكسسوار) لمشاريع اخرى في طرفي النزاع في لبنان على حد سواء. هذا العقل القاصر يرسل التنمية كل يوم الى معامل الكسر، لينتقي منها القطعة التي تناسبه يستخدمها في مشروعه الفئوي ويلونها قليلاً زاعماً على انها انجاز تنموي للمدينة.

إقرأ أيضاً: طرابلس تمزّق صور زعمائها الذين تخلوا عن أهلها
لا بد من وقف هذا المسار، خصوصاً اننا على ابواب تركيبة بلدية جديدة بعد النجاح المنقطع النظير للتركيبة البلدية السابقة”.
اما الصحافي الاستاذ مايز الأدهمي صاحب ورئيس تحرير جريدة الانشاء الطرابلسية فيرى أن: الجهتين لا تواكبان الحدث فعلياً، ممكن انهاء الموضوع بدعوة جميع الاطراف من معترضين ومؤيدين وهيئات استشارية وهندسية لكي يدلي كل طرف بما لديه، ومن ثم تشكل لجنة لدرس الموضوع بعقلانية بعيدا عن الاعتراض لمجرد الاعتراض. ويتساءل: “ان كان هناك من سرقة فلماذا الاعتراض على هذا المشروع البلد كلها على ما يبدو تتعرض للسرقة؟
لقد تم عقد لقاء سابق في نقابة المهندسين في طرابلس لكننا لم نخرج بنتيجة عملية يجب اعطاء نظرة علمية للمشروع مع احصاءات وتوضيحات لخطة عمل المرآب وعدد السيارت وكيفية دخولها اليه وخروجها من الموقع وفي أي اتجاه للسير، وآلية اعطاء الاذونات للمواقف المزمع تواجدها داخله، وختم الادهمي: ان عدم التنظيم واهمال الدولة هوما اوصلنا الى هنا”.

إقرأ أيضاً: لماذا أزيلت الشعارات المؤيدة للمشنوق من طرابلس؟
مرآب طرابلس المزمع إنشاؤه كان الهب ويلهب، منذ بدء الحديث عنه في الأشهر الاخيرة ليس فقط قلوب وعقول من يعارض انشاءه، بل ان وسائل التواصل الاجتماعي بمعظمها كانت وما زالت تشهد النقاشات المتعقلة حيناً والحادة بل الحامية اكثر الاحيان بين المؤيدين والمعارضين له وبين مش عارف سو يعني مرآب في ساحة التل وبين من لا يهمه الأمر اصلاواخرين ممن يقولون ” شو وقفت عالمرآب هلأ”. مرآب التل المزمع سيظلم المدينة وسيظلم أهلها، فهل من يصغي ؟؟

السابق
وزراء خارجية الخليج والمغرب والأردن: «حزب الله» إرهابي وعلى إيران وقف تدخلاتها
التالي
عقوبات الخليجية تطال: الإعلاميين المتعاطفين مع حزب الله والنظام السوري وإيران!