«مثلث الموت» في الجنوب السوري يشتعل بـ «وإن عدتم عدنا»… ما تفاصيل المعركة؟

سوريا

كما كان متوقعاً، بات الميدان السوري هو الحكم بين المعارضة والنظام السوري، بعدما أفشل الأخير الجولة الأولى من محادثات جنيف 3 ورفضت روسيا بطريقة غير مباشرة مقررات ميونيخ الداعية إلى وقف إطلاق النار، بل كان الطرفان يسيران عكس السير عبر المزيد من الهجمات والقصف العشوائي المكثف بحجة ضرب الإرهاب.

وفي ظل انشغال النظام السوري والطيران الروسي بمعركة حلب، وتزامناً مع المواقف التصاعدية من الدول الداعمة للشعب السوري كالسعودية وتركيا، اتخذت الجبهة الجنوبية القرار بـ “وإن عدتم عدنا”، وهو اسم معركة جديدة تعيد الأنظار إلى “مثلث الموت” في الجنوب الذي يربط أرياف القنيطرة ودرعا ودمشق ببعضها، خصوصاً بعدما استطاع النظام أن يسيطر بمساعدة سياسة روسيا “الأرض المحروقة” على الشيخ مسكين في درعا.
وكان الجنوب السوري قد شهد في فترات سابقة أعنف المعارك، ولم يحقّق فيها النظام تقدمًا رغم دعمه بقوات من “حزب الله”، إلى حين دخول الطيران الروسي الذي سمح للنظام بالسيطرة على بعض المناطق الاستراتيجية وأهمها “الشيخ مسكين”، وهذا ما دفع بالجبهة الجنوبية التي تديرها غرفة العمليات المشتركة المعروفة باسم “الموك” إلى التخطيط مجدداً لمعركة تستعيد المناطق التي خسرتها.
تدمير شامل
“مثلث الموت” معروف انه بقعة جغرافية حساسة واستراتيجية، لهذا يشدّد المتحدث باسم “#جبهة_ثوار_سوريا” الرائد ابو حمزة على أهمية المعركة “لأن المنطقة تعتبر نقطة تلاقي أرياف درعا ودمشق والقنيطرة، ومعركتنا هدفها استعادة النقاط التي سيطرت عليها قوات النظام منذ عام، وهي فعل حقيقي على الأرض وليست بيانات شجب واستنكار بل هناك عمل جاد نبذل فيه الدماء من أجل التقدم وفك الحصار بطريقتنا الثورية”، معتبراً أن “ذلك هو التعبير الأسمى عن وحدة جسدنا السوري المعذّب منذ خمس سنوات”.
الهدف العسكري للمعركة هو “فتح الطريق إلى غوطة دمشق الغربية لفك الحصار عن المناطق المحاصرة كداريا والمعضمية، وكذلك مباغتة قوات النظام وإفشال مخطّطاتها التي قد ترمي إلى أي عملية تقدّم في المنطقة” وفق ما يقول أبو حمزة لـ”النهار”، أما عن توقيتها فأشار إلى أن “المعركة مخطط لها من فترة طويلة، وتمّ إعداد خطة عسكرية محكمة من فصائل الجبهة الجنوبية”.

لا يزال عمر المعركة أقل من 24 ساعة، وحصيلة انجازاتها “قصف ثكنات قوات النظام بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، في كل من جبا وتل كروم وتل الشعار وتل جرين”. وسماء الجنوب لا تخلو من الطائرات الروسية، ويقول أبو حمزة: “الطيران الروسي يقوم باتّباع سياسة التدمير الشامل وليس الأرض المحروقة، من خلال الغطاء الجوي الهائل مع استخدام أنواع الأسلحة كافة والمحرمة منها، فلا تزال قرى وبلدات ريفي درعا والقنيطرة تشهد تساقط القنابل العنقودية، ما يعني سياسة تهجير حقيقية للسكان نحو المجهول هذه المرة، وهي في شكل أدق سياسة الإبادة الجماعية، كما شنّ الطيران الروسي عدداً كبيراً من الغارات على منطقة الاشتبكات، مستهدفاً بلدة عقربا بـ 5 غارات وكفر ناسج بـ 7 غارات والحارّة والمال والطيحة العالية بعدد من الغارات الجوية”. وحصلت “النهار” من الجبهة على صورة حصرية من المعركة.

اقرأ أيضًا: هل تتدخل تركيا والسعودية في الحرب السورية؟
قلب المعادلة
ألوية سيف الشام تشارك أيضاً في “وإن عدتم عدنا”، ويقول عضو المكتب الاعلامي للالوية وعضو القيادة العامة في الجبهة الجنوبية رائد طعمة لـ”النهار”: “في خضم الهجمة العنيفة التي تتعرض لها فصائل الثورة من آلة العدوان الروسي ومرتزقة النظام وإيران، وبعد تراجعنا في الشيخ مسكين، قررنا في الجبهة الجنوبية قلب المعادلة والهجوم على مواقع تمركز قوات النظام وحشود مرتزقة الميليشيات في مثلث الموت والقنيطرة، بعد ورود أنباء ورصدنا لحشود عسكرية في تلك المنطقة كانت تهدف الى إحتلال المناطق المحررة في القنيطرة وشمال درعا”.
ويوضح أن “المعركة بدأت بمشاركة 12 فصيلاً رئيسيًّا في المعركة هي: – ألوية سيف الشام – جبهة أنصار الإسلام – جيش اليرموك – جيش الأبابيل – ألوية الفرقان – المجلس العسكري في القنيطرة – لواء السبطين – مجاهدي حوران – الفرقة 24 مشاة – فرقة الحمزة – فرقة فجر التوحيد وجبهة ثوار سوريا”.
ولا يخفي طعمة أن “المعركة ستكون صعبة، لا سيما أن الطيران الروسي بدأ بحملة القصف الهمجي على مواقع الثوار، كما استعان النظام بالطيران المروحي الذي ألقى ما يزيد عن 30 برميلاً متفجراً منذ ساعات الصباح”.
ولم يكن الوصول إلى المشاركين في المعركة أو اعضاء الجبهة الجنوبية أمراً سهلاً، خصوصاً أن “الاعلاميين في الفصائل العسكرية المشاركة اتفقوا على التكتّم الإعلامي على مجريات المعركة التي ستستمّر حتى تحقيق أهدافها بالتقدّم وتحرير مناطق جديدة”.
نوع جديد من التنسيق
ويؤكّد عضو الهيئة السورية للاعلام المقربة من الجبهة الجنوبية الصحفي وليد السليمان لـ”النهار” أن “المعركة جديدة، لكنها استكمال للمعارك التي خاضتها تشكيلات الجبهة الجنوبية في منطقة مثلث الموت الاستراتيجية الفاصلة بين ثلاث محافظات: درعا وريف دمشق والقنيطرة”.
تكمن أهمية المعركة في أنها محاولة لـ “فك الحصار عن الغوطة الغربية في ريف دمشق، وتحديداً عن مدينة داريا التي تعاني حصاراً خانقاً تفرضه قوات الاسد وحزب الله”، وفق ما يقول السليمان، لافتاً إلى أن “المعركة تتميّز بنوع جيد من التنسيق والتنظيم بين الفصائل المشاركة وتم تشكيل غرفة عمليات واحدة تحت راية الثورة”.

(النهار)

السابق
هل بات لبنان «دولة حزب الله»؟
التالي
سعد الحريري في مواجهة «جمهورية المرشد»