هل يقطع العبادي أذرع إيران بالسكين الأمريكية؟

يمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بمرحلة وصفها مراقبون بأنها الأشد صعوبة منذ توليه المسؤولية، وهو ما بدا واضحاً في آخر تصريحات رسمية له بثها تلفزيون العراق الرسمي، الثلاثاء، دعا فيها إلى تغيير وزاري.

ليس الشعب وحده هذه المرة يطالب بالتغيير، الذي من الممكن تجاوز مطالباته كما حصل في مرات عديدة سابقة، بل جاء هذه المرة من خلال ضغط أمريكي، وهو ما يجعل العبادي يقف حائراً بين رغبات قوتين؛ أمريكية تدفعه باتجاه التغيير، وإيرانية تملك وجوداً عسكرياً في البلاد، وتحكمه على أرض الواقع من خلال الأحزاب والمليشيات المرتبطة بها، وفقاً لمراقبين.

وكان العبادي قال: إنه “من منطلق المسؤولية والمصلحة العليا، ومن مستلزمات المرحلة لقيادة البلد إلى بر الأمان أدعو إلى تغيير وزاري جوهري، ليضم شخصيات مهنية وتكنوقراط وأكاديميين، وأدعو في هذا الإطار مجلس النواب الموقر وجميع الكتل السياسية للتعاون معنا في هذه المرحلة الخطيرة”.

وأوضح أن اختيار الوزراء في الحكومة الحالية “تم على أساس اختيار الكتل السياسية في مجلس النواب كما ينص الدستور على ذلك، وضمن التمثيل السياسي وحجم الكتل السياسية في المجلس، وقد أقرها البرلمان على هذا الأساس”.

دواعي التغيير

بحسب المراقبين، يعود تخوف العبادي من إصدار أوامر مباشرة لتغييرات في كابينته الوزارية إلى وجود دعم من قبل إيران لبعض الشخصيات، خاصة أن الملف الأمني الذي تمسكه المؤسسات الأمنية، بيد مسؤولين مرتبطين بإيران.

وكان مصدر أمني أكد في وقت سابق، لـ”الخليج أونلاين”، وجود “احتلال إيراني للعراق، من خلال السيطرة على المؤسسات الأمنية، والقيام بطرد وقتل الضباط القدامى، وإبدالهم بآخرين تدربوا في إيران”.

ومن بين الشخصيات التي تولت واحدة من أهم وأخطر المؤسسات الأمنية المدعو “أبو خميني”، وهو اللواء عبد الرزاق العبودي، الذي تولى إدارة مديرية شؤون الداخلية والأمن، العام الماضي، الذي عمل وفق خطة طائفية، داخل المؤسسة.

ووفق المصدر فإن أول القرارات التي اتخذها “أبو خميني” بعد توليه منصب مدير مديرية الشؤون والأمن، “نقل جميع الضباط “السُّنة”، بالإضافة إلى جميع الكفاءات وأصحاب الخبرة، حتى وإن كانوا من طوائف أخرى، والاعتماد على أشخاص جدد لا يمتون بأي صلة لوزارة الدفاع”.

المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أكد أن التغييرات التي أجراها “أبو خميني” حصلت خلال فترة لا تتجاوز الشهر، موضحاً: “والمؤكد أن الخطة كانت مدبرة لهدم مؤسسة أمنية كشفت حقائق تتعلق بضلوع إيران في أعمال إجرامية تتعلق بالأمن والاقتصاد في العراق”.

وأكد أن “المؤسسات الأمنية والعسكرية باتت ملغمة بضباط من نوعية أبو خميني، وهم ينتمون لمليشيات “شيعية”، أهمها منظمة “بدر” و”كتائب حزب الله” و”عصائب أهل الحق”، وهي أقوى المليشيات، وأكثرها سطوة وسلطة، بدعم من شخصيات سياسية، بالإضافة إلى ارتباطها بالحرس الثوري الإيراني، وهذا الأمر معروف للجميع”.

وأكد متابعون للشأن العراقي صعوبة مهمة حيدر العبادي، وأنه أمام منزلق خطير، فإما أن يكون مع أمريكا أو إيران، وكلاهما يمثل خطراً على مستقبله ومستقبل حزب الدعوة الذي ينتمي إليه.

وذهب الكاتب والمحلل السياسي إياد الدليمي، إلى أن “مهمة العبادي كانت صعبة منذ قبوله بتشكيل الوزارة”، لافتاً إلى أن العبادي “يعرف جيداً أنه سيكون بين مطرقة النفوذ الإيراني الكبير جداً، وسندان الرغبة الأمريكية في تجاوز أخطاء ما بعد الانسحاب من العراق”.

ومن ثم، والحديث للدليمي، فإن “هذه المهمة كانت تتعقد يوماً بعد آخر، خاصة أن الرجل ظهر في أكثر من مرة بمظهر غير القادر على اتخاذ القرار، وهو ما دفع بالمرجعية الدينية بالنجف إلى ما يمكن تسميته رفع اليد عنه، وإعلانها عدم الحديث في السياسة خلال خطب الجمعة”.

وأضاف الدليمي، لـ”الخليج أونلاين”، أن “العبادي يدرك جيداً أن مهمته ربما شارفت على الانتهاء، فهو إما أن يكون مع الإيرانيين أو مع الأمريكيين، فكل طرف منهما له توجه معين في معالجة الوضع في العراق، وإن كنت أرى أن هناك توافقاً على النظرة العامة لما يمكن أن يكون عليه شكل العراق بعد داعش، إلا أن الطرفين الآن في مرحلة تقاطع في الآليات”، منتهياً إلى أن “العبادي إذا ما فشل بإحداث هذا التغيير الجوهري في تشكيلة حكومته، فإن ذلك سيعني، ربما، نهايته كرئيس للوزراء”.

اقرأ ايضًا: العبادي: العراق ليس طرفا في الصراع الإيراني – السعودي

إلى ذلك يرى المحلل السياسي علي الصميدعي أن “العبادي تعرض لضغط شديد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية”، وأنها هي من “طالبته بتغييرات وزارية، بالإضافة إلى تغيير كبار الشخصيات المرتبطة بالأمن والقضاء، وكذلك إلى تغيير قادة في المليشيات”.

وأشار إلى أن “تلك المعلومات لم تعد سراً، وكنا نتوقع أن يظهر العبادي بتلك التصريحات، وهو الآن يمر بفترة لا يحسد عليها، فإيران هي الحاكم الفعلي على أرض الواقع بالعراق، ولها مليشيات تتمتع بنفوذ واسع، وأمريكا قوة عظمى لا يمكن عصيان أمرها”.

وأضاف: “المليشيات سيكون لها ردة فعل لن يستطيع العبادي تحمل إيقافها، هذا إذا ما سارعت أمريكا بخطواتها للإحاطة بالمليشيات وقياداتها بالإضافة إلى شخصيات سياسية وأمنية، وإبطال مفعولهم، لمساعدة العبادي في السيطرة على الوضع”.

وخلص إلى أن “أمريكا اليوم تقف في ظهر العبادي، وعلى الأخير أن يستغل تلك القوة، وأن يقطع أذرع إيران بالسكين الأمريكية، إذا ما أراد فعلاً الذهاب بالعراق إلى بر الأمان”.

(الخليج اونلايين)

السابق
مؤتمر صحفي فلسطيني ضد قرارات الأنروا
التالي
تراجع سعر النفط الخفيف في آسيا الى اقل من 27 دولارا