لم يكد يجف حبر التوقيع على قرار إلغاء العقوبات الدولية على إيران، حتى أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها فرضت عقوبات جديدة على إيران على خلفية نشاطها الصاروخي.
وقد أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، بعد أقل من 24 ساعة على قرار بدء رفع العقوبات الدولية عن إيران، أنها فرضت “عقوبات على 11 شخصا وشركة إيرانية مرتبطة ببرنامج إيران الصاروخي، على خلفية تجارب صاروخية، في انتهاك واضح لبنود الاتفاق”، الأمر الذي استدعى الولايات المتحدة الأميركية الاعتراض على لسان سفيرتها الدائمة في الأمم المتحدة سامنتا باور، التي أعلنت أن بلادها “سوف يكون لها رد على هذا الخرق”. في حين اعتبرت لجنة مراقبة العقوبات في الأمم المتحدة أن “التجربة الصاروخية الإيرانية نقض للاتفاقيات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص إيران”.
إقرأ أيضاً: هل يساهم رفع العقوبات عن ايران باستقرار المنطقة…أم بتصعيد النزاعات فيها؟
وكان وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان قد أعلن قبل شهر تقريبا من دخول الاتفاق حيز التنفيذ- أن إيران أجرت اختبارات ناجحة على جيل جديد من الصواريخ البالستية “عماد” أرض – أرض البعيدة المدى. تزامنا، أعربت جهات إيرانية مفاوضة في فيينا عن قلقها من أن هذه الاختبارات قد تؤثر سلبا على سير المفاوضات مع الدول الست، وتشكل استفزازا للمجتمع الدولي العازم على التصالح مع إيران.
العقوبات الأميركية “الجديدة” على إيران، كأي حدث آخر، تحولت إلى حرب إعلامية بين مهندسي الاتفاق النووي والمشككين بجدواه. ففي حين أحرجت هذه العقوبات قادة المفاوضات، الذين حرصوا على مقارعة الجانب الأميركي بالقانون، وضمنوا تصريحاتهم نوعا من “عتب المحبين”، شن المعترضون حملة سخرية شديدة على سموه “عشوائية” الاتفاق.
وصباح اليوم، استنكرت وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية، في بيان، قرار الإدارة الأميركية فرض عقوبات جديدة على إيران على خلفية اختبار صواريخ “عماد” البالستية، واعتبرت أنه “قرار قاقد للمشروعية القانونية والأخلاقية”، مذكرة الولايات المتحدة بأنها “تبيع سنويا، أسلحة حديثة بمئات مليارات الدولارات لدول المنطقة، وهي مسؤولة بذلك، عن جرائم الحرب التي تحصل ضد المدنيين في فلسطين ولبنان واليمن” من دون الإشارة إلى ما يحصل في سوريا والعراق، موضحة أن “صواريخ “عماد”، لم تصمم بأي شكل من الأشكال، ليكون لديها قابلية حمل رؤوس نووية، لذلك هي لا تتنافى مع القوانين المتفق عليها دوليا للحد من انتشار الأسلحة النووية، وليست خرقا لبنود اتفاق فيينا”.
إقرأ أيضاً: هكذا تحيا إيران… ويموت أتباعها من الشيعة العرب…
وحسب موقع “إيسنا” الإخباري أكدت وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية في بيانها “الغاضب” أن الرد الملائم على هذه العقوبات سيكون بالتزام إيران بـ”متابعة العمل قانونيا في برنامجها الصاروخي، وتطوير قدراتها الدفاعية وتحصين أمنها القومي”.
بدوره، قال الناطق باسم الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري في مؤتمر صحفي عقده صباح اليوم في طهران، ردا على حملة التشكيك بالاتفاق التي هبت من جهة المحافظين، أكثر منه ردا على القرار الأميركي المحرج، أن العقوبات الأميركية الجديدة “هي في الواقع، عقوبات إضافية، وليست جديدة، فلا يجوز أن نستخدم مصطلح العقوبات الجديدة، لأن هناك عقوبات أميركية قديمة مفروضة على إيران من قبل وزارة الخزانة الأميركية، لم تتم معالجتها في اتفاق فيينا”.
من جهته، سخّر فريق المحافظين المتشددين، كل قدراته ووسائله الإعلامية لنعي الاتفاق بين إيران والدول الست، فاعتبر ان العقوبات الأميركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على البرنامج الصاروخي الإيراني، تؤكد أن “تسوية الصراع بين إيران النووية والقوى الدولية خطة فاشلة”.
إقرأ أيضاً: رفع العقوبات عن إيران مع بدء تطبيق الاتفاق النووي
وقد عنونت صحيفة “وطن أمروز” صفحتها الأولى، بالخط العريض: “صباحا تبريكات بعد الظهر عقوبات”، واصفة حكومة روحاني بـ”حكومة الوهم”، لأنها توهمت “انتهاء الصراع بين إيران وأميركا بتوقيع اتفاق”.
ورأت الصحيفة في أحد مقالاتها أن “واشنطن لم تغير ولن تغير سياستها الاستراتيجية تجاه إيران”، وادّعت أن “الأميركيين يخططون لإعادة إحياء العقوبات بمعزل عن المجتمع الدولي، أما إعلانهم وضع اسم 11 شخصية وشركة إيرانية على لائحة العقوبات، فيعطي انطباعا، أو يؤكد أنهم بصدد إدارج أنواع جديدة من العقوبات في قطاعات مختلفة في الأيام المقبلة، ولهذا هدف بعيد المدى، هو شق الصف الداخلي، وخلق أزمة داخلية بين أقطاب الإدارة الإيرانية، وإحداث شرخ لدى الرأي العام الإيراني”.
صحيفة كيهان التي يرأسها حسين شريعتمداري المقرب من مرشد الثورة السيد علي خامنئي، أدلت بدلوها في هذه القضية أيضا، ولم يكن رأيها مخالفا لما ذكرته صحف المحافظين الأخرى، واعتبرت قرار رفع العقوبات الدولية عن إيران تم بطريقة “عشوائية”، وغير واضحة، وعنونت صفحتها الأولى:”العقوبات غير الملغاة… عادت”.