رسالة سعودية خطيرة لايران وأميركا

الاصرار الواسع على وجود أسباب داخلية لاعدام الرياض الشيخ نمر باقر النمر لا يحجب الرسائل الخارجية التي تنطوي عليها هذه الخطوة التي فجرت أزمة كبيرة بين الخصمين الاقليميين اللدودين. أزمة تعكس انقساماً عقائدياً واستراتيجياً أساسياً في طول الشرق الاوسط وعرضه وبات يضاهي الانقسام العربي – الاسرائيلي من حيث تعقيداته وحدّته.
الانقسام المذهبي المتفاقم في المنطقة في السنوات الاخيرة هو أحد الصدوع الاعمق للانقسام السني – الشيعي الاول الذي يعود الى وفاة النبي. والازمة الاخيرة بين الرياض وطهران ليست نتيجة تراكم أزمات أعقبت الانتفاضات العربية عام 2011 وتحولت مواجهات بالواسطة بين الجانبين. فقبل النمر، كان الاسد عنوان توتر رئيسي بينهما منذ نزلت طهران بثقلها وراءه ومدت عبره نفوذها في المنطقة، بينما اصطفت السعودية الى جانب المعارضة ورفعت الصوت ضد تمادي النفوذ الايراني في أكثر من دولة عربية.
وفي السنوات الاخيرة، لم تترك الرياض مناسبة الا واشتكت فيها عبثاً من التدخل الايراني في شؤون الدول العربية. وكانت “عاصفة الحزم” رسالة أولى الى كل من طهران وواشنطن بأنها قررت المواجهة بنفسها بعدما بلغ التمدد الايراني فناءها الخلفي. ولا يبدو اعدام النمر بعيداً من هذا السياق بالمعايير السعودية، ففيه رسالة واضحة الى واشنطن تحديداً بأنها مصرة على وضع حد لايران، وقت تتجنّب واشنطن اية خطوة من شأنها عرقلة تنفيذ الاتفاق النووي مع طهران.

اقرأ أيضًا: حصر إرث «سعودي – إيراني»
منذ توقيع الاتفاق في تموز الماضي وقبله، لم يتوقف المسؤولون الاميركيون عن التصريح بعزمهم على العمل مع حلفاء واشنطن لوضع حد للتدخلات الايرانية في شؤون المنطقة، معتبرين أن رفع الطموحات النووية الايرانية عن الطاولة يتيح لهم الانتقال الى ملفات أخرى تبدأ بسوريا والعراق ولا تنتهي باليمن. ولكن ما حصل مذذاك لا يوحي بذلك. ايران زادت انخراطها في الحرب السورية، وليست الحصيلة المرتفعة للضحايا من الايرانيين منذ الصيف إلاّ دليلاً قاطعاً على هذا الامر. أما الاستفزازات الايرانية الصاروخية للعالم فمستمرة وتتزايد. وثمة من يعتقد أن تراجع واشنطن عن الردّ على الاختبارات الصاروخية والغاءها عقوبات اضافية على طهران هو ما دفع الجمهورية الاسلامية الى رفع مستوى التحدي باطلاقها مزيداً من الصواريخ التي سقط احدها، باعتراف أميركي، على مسافة غير بعيدة من حاملة طائرات أميركية. في ظل هذه الصورة، لا تعود الخطوة السعودية الخطيرة مفاجئة، وإن تكن ارتداداتها قد تتجاوز مفاعيل الرسائل الى واشنطن وطهران، وتزيد التوترات في منطقة تعيش منذ سنوات على برميل بارود.

(النهار)

السابق
الاسد يرحل في آذار 2017.. بعد اوباما بشهرين؟
التالي
رفع مستوى الحذر خوفاً من الإغتيالات