حزب الله.. من الوحدويّة إلى المذهبية!

بعد جهود مضنية طيلة ثلاثة عقود من العمل على الوحدة الإسلامية، وأقلها كان منع بيع الكتب التراثية التي تؤدي الى مزيد من التفسخ، كبعض الأجزاء من موسوعة "بحار الأنوار" الشهير، ها هو حزب الله يُطلق إذاعة مذهبية جديدة، بعد قناة "الصراط" المذهبية لرفع شعار ولاية الفقيه! وعليه يبقى السؤال الأساسي، لماذا في هذا التوقيت وفي غمرة الإستعار المذهبي؟

في خطوة غير مسبوقة، بدلالات مهمة، يُجيّر “حزب الله” خبرات وطاقات إعلامييّه نحو مزيد من المذهبيّة بغلاف وطابع مدنيّ. إذ يستولد الحزب من قلب مؤسساته الإعلامية العامة مؤسسات دينية متخصصة.

اقرأ أيضاً: هكذا يشبّح أبناء مسؤولي حزب الله في «قهوة» إبن السيّد حسن نصرالله

فبعد أن بدأ إنطلاقته الإعلامية بدور دينيّ دعويّ مختلط، أو وحدوي، يستعمل اليوم النظام “المدنيّ” -إذا جاز التعبير- لخدمة أهدافه المذهبيّة، وهو يعمد الى فصل الدين عن السياسة في سبيل مزيد من الخصوصية الدينية، وليس العكس، في تطور يُعدّ بارزاً ومهماً بالنسبة للأحزاب التي تشبهه.

فهذا الحزب الذي لا ينام، اكتشف بعد أكثر من عقدين ونصف من الزمن تقريبا أهمية الإعلام المتخصص. وبعد 20 عاما على اطلاقه قناة “المنار” التي باشرت إرسالها عام 1991، وتميّزت بتغطياتها للأعمال العسكرية للمقاومة الإسلامية وللحزب في جميع ساحاته، مع طابع دينيّ اتسمت به صورته من خلال بثّ مجالس عاشوراء والأدعية والمحاضرات الدينية والبرامج الإرشادية والفقهية، ها هو يتوجه الآن نحو فصل الإعلام السياسي عن الديني بشكل تدريجي. حيث عمد في العام 2011 الى افتتاح قناة “الصراط” الفضائية الدينية، والتي ترفع شعار “قبس من نور الولاية” وتُعرّف عن نفسها بأنها “قناة إعلاميَّة دينية تُسهم في نشر الإسلام المحمديّ الأصيل”.. تقدّم الصراط باقة من البرامج الدينية والإجتماعية المتنوعة التي تستهدف أغلب الفئات العمرية، وتولي إهتماماً خاصاً بالقرآن الكريم ونشر علومه المختلفة.

اقرأ أيضاً: سبع أدلّة على أنّ حزب الله في أضعف أيّامه ويفقد توازنه

ها هو اليوم، ومن جديد، يُكمل مشروعه الإعلامي هذا نحو مزيد من التخصص فيعمل بعد 27 عاما على إطلاقه “إذاعة النور”، التي انطلقت في العام 1988، الى اطلاق إذاعة “صوت الهدى” الشقيقة، وهي إذاعة دينية كما يظهر من اسمها.

يربط الحزب قضاياه كافة، سواء العسكرية أو السياسية أو الدينية بمفهوم الولاية، فقد بات يُركز جلّ اهتمامه على الطابع المذهبيّ بعد أن جرّب منذ تأسيسه الإبتعاد عن الطابع والخطاب المذهبيين، والتوسع باتجاه الأعم، إلا أنّ الصراع المذهبيّ- الذي يضرب المنطقة وتساهم فيه بشكل مباشر مشاركة الحزب في الحرب الدائرة في سوريا – دفعه نحو الخاص والمذهبيّ، والى مزيد من التقوقع، الأمر الذي يُثلج قلوب فئات كبيرة داخل الطائفة الشيعية كالحوزويين والخرّيجين من مدارس قمّ، الذين يشجعون على هذا التوجه حيث كانوا يعبّرون دوما عن تذمّرهم من الخطاب الوحدويّ لحزب الله ويلومونه على موقفه من الوحدة الإسلامية.

وها قد أتتهم الفرصة على طبق من ذهب، إذ بات حزب الله (الوحدويّ) حزب الشيطان (المذهبيّ) بالمعنى الذي يؤكد ما يُدركه العقلاء داخل الطائفة الشيعية من أن المذهبيّة هي الشيطان، والوحدة هي الله.

حزب الله

فهل توجهات حزب الله الجديدة أي فصل الإعلام الدينيّ عن الإعلام السياسيّ تهدف إلى المزيد من المهنيّة؟ أم إلى تقوية ودعم الشعور المذهبي الذي تؤكده البرامج التي لا تطلّ على أفكار وآراء أي مذهب إسلامي مختلف! بل إنها لا تطلّ على فكر وتوجهات أي مرجع شيعي آخر، له توجهات مختلفة عن مرجعية ولاية الفقيه!؟..

اقرأ أيضاً: ملف حزب الله (10): الوظيفة الأسهل في الجنوب أن تنتسب الى حزب الله

ولمن سيحاول الدفاع عن توجهات الحزب الوحدوية، فهو كذلك في السياسة فقط، رباط هذه الوحدوية السياسية هي قضية فلسطين. أما في الأمور الدينية، فشأن آخر، لكن أيضاً لا يمكن فصله عن الإطار العام في التوجهات لدى الحزب، إذ أن من يرفض المختلف داخل طائفته كيف له أن يقبل الآخر من الطوائف والمذاهب الأخرى؟

 

السابق
بالفيديو.. جثمان زهران علوش عقب مقتله
التالي
خطابات «السيّد»… صدمات لجمهوره!!