معركة كسر عظم قادمة بالانتخابات التشريعية في إيران..

الانتخابات التشريعية في إيران على الأبواب، حوالي ثلاثة أشهر تفصل الكتل الناخبة ومن خلفها التياران المتنافسان (الإصلاحي والمحافظ) عن الموعد المحدد في أواخر شباط 2016. وتكتسب هذه الدورة أهمية خاصة، كونها ستجري برعاية إصلاحية متمثلة برئاسة الجمهورية، وكون التيار الإصلاحي قرر خوضها لطرد المحافظين من البرلمان، أو على الأقل سحب الأكثرية التمثيلية من أيديهم.

على مستوى المحافظين، الانتخابات التشريعية هذه، ستكون بمثابة معركة وجود، لأن مجلس الشورى هو الموقع التمثيلي المتبقي لهم من مؤسسات الحكم الثلاثة، بعد خسارتهم موقعي رئاسة الجمهورية والحكومة.

لا يمكن للإصلاحيين تحقيق أي خطوة تغييرية أو إصلاحية، إلا بالحصول على أغلبية برلمانية. فالبرلمان الحالي يسيطر عليه المحافظون، وهم يجهضون كل محاولات الإصلاح التي تتقدم بها حكومة روحاني، لذلك تبدو معركة الانتخابات التشريعية مصيرية، يتوقف عليها رسم ملامح إيران النووية وتحديد سياساتها الداخلية والخارجية.
يرى التيار الإصلاحي أن إيران بحاجة إلى ثورة، لكن ليس ثورة جماهيرية تقليدية، أو ثورة شارع، انتهى في رأيهم عصر الجماهير الغفيرة. الثورة الجديدة يجب أن تكون على مستوى النخب السياسية والثقافية والفكرية، التي يمكنها أن تشكل بتضامنها وتكاتفها وتوحدها كتلة تاريخية تستطيع قيادة تحول جديد في حاضر إيران.

اقرأ أيضًا:  رفسنجاني أشعل «حرب خلافة المرشد»

انطلاقا من هذه الرؤية المتقدمة، جمع الإصلاحيون أشتاتهم المبعثرة، متغلبين على الضغوطات التي مورست عليهم من قبل الحكومات السابقة، والحظر الذي عانوا منه طيلة ست سنوات خلت، على خلفية إطلاقهم حركة الاعتراض “الثورة الخضراء” على تزوير الانتخابات الرئاسية في حزيران 2009، وعقدوا مؤتمرهم التأسيسي الهادف إلى صهر أطياف المعارضة المعتدلة في جبهة واحدة، وتمكنوا من انتزاع ترخيص من وزارة الداخلية بتشكيل حزب جديد، أطلقوا عليه اسم “نداء إيران”. مهمة الحزب الجديد التحضير للانتخابات التشريعية وإدارتها وخوضها في الموعد المعلن عنه. والسعي عبر هذا المنبر المعترف به رسميا، إلى تأمين أكبر نسبة مشاركة شعبية في  الانتخابات التشريعية، على غرار تجربة الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوزهم.

ايران انتخابات

المؤتمر الذي شارك فيه رئيس الجمهورية حسن روحاني، حاز على دعم من قطبين معتدلين هما محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني، وخرج بعدة توصيات أهمها: احترام حقوق المرأة، الاعتراف بالحقوق المدنية للأقليات، التجاوب مع مطالب جيل الشباب، رفع رقابة الأجهزة الأمنية على حرية التعبير والرأي والصحافة وغيرها، كما بارك المؤتمر جهود الرئيس روحاني في تسوية “الملف النووي”.
في هذه الأثناء، يعدّ المحافظون عدتهم أيضا، المعركة معهم ليست سهلة، فهم مازالوا يتمتعون بتأييد شريحة لا بأس من الشعب الإيراني، ربما لا يمكنها ان تؤمن لهم الفوز، لأنها ليست بحجم الشريحة الداعمة للإصلاحيين- الانتخابات الرئاسية الأخيرة أثبتت ذلك، كما تسوية الملف النووي-  إلا أنهم  حاصلون على دعم أهم أقطاب الحكم الفعليين في إيران: المرشد والحرس، وهذا وحده كاف لكي يثقوا بانتصارهم على الإصلاحيين.

مواجهة محمود أحمدي نجاد ومير حسين موسوي، ما زالت ماثلة في الأذهان، يومها حسم المرشد فوز نجاد، رغم عمليات التزوير الواسعة التي شهدتها العملية الانتخابية، ثم أمر بوأد “الفتنة” أي حركة الاعتراض على تزوير الانتخابات، واعتقال زعيمي المعارضة موسوي وكروبي وزوجتيهما.

اقرأ أيضًا: رفسنجاني: إيران تدرس المرشحين المحتملين لمنصب «المرشد الأعلى»

كلا الطرفين بدأ بالتحضيرات باكرا، والتحالفات تكاد تكون تبلورت بشكلها النهائي، كذلك الخطابات والمشاريع والخطط والآليات الانتخابية أصبحت جاهزة وتنتظر ساعة الصفر. المعركة حامية، ولا تبشر بولادة تسوية ترضي الخصمين، وبالتالي هي لا تحتمل إلا نتيجة واحدة، أي خسارة أحد الفريقين، وهو المحافظ أغلب الظن. رغم ذلك فإن فوز الإصلاحيين لن يكون مدويا، إنما هادئ، وربما يحتاج إلى أكثر من عهد رئاسي ليتبلور بالشكل المأمول. فرغم كل التباين الذي يظهر في سياسات وممارسات الطرفين -الإصلاحي والمحافظ- إلا أن كليهما جزء من النظام الإسلامي الذي أرسته الثورة، ورموزهما يعملون تحت عباءة المرشد.

اقرأ أيضًا: إيران بين التشدّد والانتخابات الواعدة بالتغيير!

وعليه، لا يمكن القول، رغم كل هذا الضجيج، إنه يوجد معارضة في إيران، معارضة حقيقية باستطاعتها القيام بعملية إصلاح جذري  للنظام أو تغييره، إنما يوجد معارضون للتيار المحافظ المسيطر على النظام، لا تعجبهم طريقة آيات الله في إدارة الحكم والسلطة، ويتصارعون معهم لسحب السلطة منهم والحدّ من صلاحياتهم.
لكن المتفائلين يرون أنه ليس مطلوبا من الإصلاحيين أكثر مما يفعلونه الآن، فتغيير الأنظمة الحديدية فعل تراكمي، وليس فجائي، فهي لا تأتي دفعة واحدة بل تدريجيا، وقد تكون هذه التحوّلات البسيطة والبطيئة نقطة الإنطلاق نحو التحوّل الفعلي.

 

السابق
«التحالف الاسلامي» يقسم اللبنانيين…والحكومة مستهدفة‏
التالي
الكونغرس الأمريكي يقر عقوبات على البنوك التي تتعامل مع حزب الله