كيف ستنعكس عملية التبادل على «جبهة النصرة»؟

جبهة النصرة

بعد اتمام صفقة تبادل العسكريين بنجاح، سارع النائب وليد جنبلاط إلى التساؤل: هل لا زلتم تعتبرون “جبهة النصرة” إرهابية؟ وموقف جنبلاط من هذا التنظيم معروف، وبعيداً عن هذا الموقف وأسبابه التي ترتبط ربما بالطائفة الدرزية وحالها في سوريا، يمكن القول إن “النصرة” أرادت من إنجاح العملية في هذا التوقيت أن تحسّن من صورتها أمام الرأي العام.

نعم، قد نجحت “النصرة” في القيام بعمل ايجابي، لكن ذلك لن يغيّر من المعادلة ومن موقعها في الأزمة السورية كتنظيم يتبع لـ “القاعدة” صوّب سلاحه إلى فصائل المعارضة المعتدلة في مناسبات عدّة، ومارس عقيدة متطرّفة تجاه المواطنين في أماكن سيطرته، وبالتالي فإن موقف الدول من هذا التنظيم لن يتغير إلا بفكّ ارتباطه بـ”القاعدة” وتحوّل إلى فصيل سوري واضح المعالم والنيّة تجاه مستقبل سوريا.

 

“لم تحقق شيئاً”
ممر إنساني آمن بين مخيم اللاجئين في الجرود وعرسال. مساعدات إغاثية شهرية للاجئين من خلال الهيئات الإنسانية. معالجة جرحى سوريين في الاراضي اللبنانية وتسوية أوضاع إقاماتهم. تأمين المواد الطبّية لمشفى عرسال وتجهيزه، تحويل وادي حميد إلى منطقة آمنة للاجئين السوريين، هي بنود الصفقة، ويضاف إليها الافراج عن أسرى فضّل معظمهم البقاء في لبنان وتسوية أوضاعهم قانونياً.
البعض اعتبر أن البنود تعني خروج عرسال عن نطاق الدولة إلا أن مراقبين يؤكّدون أن كل ما تم الاتفاق عليه يمكن تنفيذه بإشراف الدولة وبسيطرة تامة، ولفت آخرون إلى أن الأمور يمكن أن تتوقف طالما هي بقيادة الأجهزة الأمنية.
ولا شك في أن “النصرة” استطاعت أن تكسب مشاعر اللاجئين في الجرود والبلدة بما حقّقته من المطالب، لكنها برأي البعض لم تحقّق شيئًا، وأن مطالبها لم تختلف عما طالبت به منذ بداية الأزمة. ويقول المحلّل في الفكر السياسي الاسلامي رضوان السيّد لـ”النهار”: “لم تحقق النصرة شيئاً سوى انها حاولت تحسين صورتها”، معيداً سبب ذلك إلى “أن غالبية الأسرى الذين ساهمت في الافراج عنهم ليسوا تابعين لها أساساً، حتى المسائل النسائية هي إنسانية، فهي تحاول ان تؤهل نفسها لتكون فصيلاً من فصائل المعارضة المقبولة في سوريا”.

القاعدة والتكفير
وعلى الرغم من ذلك، لم تستطع النصرة أن تكون إلى جانب باقي الفصائل، فبرأي السيّد: “مشكلتها مختلفة، ولا بدّ من أن تخرج من تنظيم القاعدة، وتتوقف عن العقائد التكفيرية وظلم الناس الذين يتبعون لسيطرتها”، ويضيف: “صحيح انها من التنظيمات الرئيسة التي تقاتل النظام، لكنها أيضا صارعت كتائب عديدة من المعارضة، وقاتلت ضدها أكثر مما قاتلت ضد داعش”.
النقطة الايجابية الوحيدة التي قامت بها “النصرة” هي مقاتلتها النظام، لكن السيّد يذكّر بأن “علاقتها مع الفصائل المسلحة سيّئة، كما أنه رغم نشوء صراع بينها وبين “داعش”، إلا أن العلاقة بينهما لا تزال غامضة، ولا تزال الجبهة على ولائها للقاعدة وعناصرها متشددون دينيا”.
ويلفت إلى أن “مطالب النصرة لم تكن كبيرة، وهي في جوهرها نفسها منذ سنة ونصف السنة، لكن النظام اللبناني والقوى المتعدّدة المتناقضة هي السبب في عدم إجراء صفقة سابقاً، وفي مقتل 4 من العسكريين لدى داعش والنصرة”.

اقرأ أيضًا: بالفيديو الـ MTV تردّ «الغيرة والحسد وقلة الحياء صفات اجتمعت في البسام»

كسر التصور… مقايضة
المقايضة والتفاوض هما أهمّ عنصرين استطاعت “النصرة” تحقيقهما، ويقول رئيس جمعية السكينة أحمد الأيوبي لـ”النهار”: “أهم ما حقّقته النصرة في الصفقة هو قدرتها على التفاوض والوصول إلى نتائج مع الدولة اللبنانية، لأنها كانت تجربة مريرة. والانجاز الأول هو لصالح اللبنانيين، و”النصرة” شريكة فيه حتى لو كان البعض يتحفّظ على هذه المقاربة، لكن الحقيقة تثبت أن “النصرة” أوصلت الامور إلى إطار إيجابي”، ويضيف: “المسألة الثانية ترتبط بالحالة الانسانية للاجئين في جرود عرسال، وتأمين ما يلزم لهم من مواد إغاثية وغذائية، وهذا لا يجب أن يكون مطلبًا للنصرة فحسب، فهو أمر انساني كان يجب الوصول إليه منذ مدة طويلة. و”النصرة” نجحت في أن تظهر كتنظيم واقعي وبراغماتي قادر على الأخذ والرد والوصول إلى نتائج واقعية بخصوص الأزمات كقضية الاسرى العسكريين”.

مستقبل عرسال في رأي رضوان السيّد “متوقّف على حزب الله وليس الجيش اللبناني، لأن الحزب كان يحول دون إتمام الصفقة، لكن منذ اسابيع أعطى الحزب الضوء الاخضر لإتمام الصفقة، أما الممر الآمن ودخول الشاحنات فيمكن ان يتوقف”، مشيراً إلى أن “تقدير الحزب للموقف اختلف فليس هناك من كلمة في الاتفاق حصلت من دون التشاور مع حزب الله”.
بالنسبة إلى الأيوبي “حزب الله والنصرة لهما مصلحة في إرساء هدنة معيّنة في منطقة عرسال وجرودها، ولكل واحد أسبابه في ذلك. والتقت المصالح من اجل هذه النقطة، وأعتقد أن تهدئة الحدود يجب أن تكون هدفا استراتيجيا عند الجميع، وهذا ما حصل، إذ يفترض ان تصبح منطقة جرود عرسال وجوارها منطقة غير متنازع فيها بل شبه آمنة”.

اقرأ أيضًا: صفقة التبادل بين الجيش وجبهة النصرة لم تخلُ من مفاجآت…
وفي شأن بنود الاتفاق ومستقبل تحقيق البنود على عرسال، يقول الأيوبي: “موضوع الجرحى والمساعدات له علاقة بمدى حضور الدولة في عرسال، وهي تستطيع ان تحقّق حضورًا جيّدًا وتشرف على المستشفيات الميدانية وتضعها تحت العين الامنية، وإذا كان هناك جريح دخل عرسال لتلقي العلاج فلا مشكلة طالما هو ليس مسلّحًا ولا يستهدف الامن والاراضي اللبنانية”.
ويرى أن ما جرى “رسالة من الدولة إلى تنظيم الدولة الاسلامية بأن الأولى باتت جاهزة لفكرة التفاوض والمقايضة فما حصل هو خرق كبير على مستوى تصور الدولة اللبنانية للأزمة، وربما المقايضة قد تحرّك الملف مع تنظيم الدولة”.

“ملف النصرة لم يتحسّن بصرف النظر عن المظاهر الإعلامية التي ظهرت اليوم، واللبنانيون لن يغيّروا رأيهم فيها ولا الجهات العربية أو الدولية، طالما هي جزء من القاعدة، ولأنها تفرض سياسة دينية متشدّدة وتهجّر الناس وتقتل من تعتبره مشتبهًا به لأسباب أمنية ودينية على زعمها، وعلاقتها بنصف قوى المعارضة المعتدلة سيئة”.

(النهار)

السابق
هكذا علّقت عائلة الجندي الشهيد محمد حمية بعد أن تسلمت الجثة
التالي
اعدام 4 اشخاص ادينوا بالتورط في هجوم على مدرسة في بيشاور