كيف ضرب الإرهاب برج البراجنة؟

من السيارات المفخّخة إلى الأجساد المفخّخة بدّلَ الإرهاب أساليبه الإجرامية ليخترق أمن الضاحية الجنوبية لبيروت ويرتكب مجزرة مروّعة في منطقة برج البراجنة للمرّة الأولى، ذهبَ ضحيتها 43 شهيداً و239 جريحاً

وقف لبنان مذهولاً أمام الحصيلة الدموية الباهظة للتفجيرين الانتحاريين اللذين ضربا منطقة برج البراجنة مساء أمس واضعين البلاد في مواجهة موجة ارهابية اجرامية بدت بصمات “داعش” واضحة عليها، مما استدعى استنفاراً واسعاً سياسياً وأمنياً وعسكرياً. وسدد تنظيم “داعش” هجمته الاجرامية الارهابية على الآمنين في حي مكتظ بعد صلاة الغروب عبر نمط “متطور” في الاجرام استعان فيه بمجموعة من ثلاثة انتحاريين فجروا أحزمة ناسفة في ساعة الذروة فأوقعوا أكبر حصيلة دموية من الشهداء والجرحى لم ترس حتى ساعات الليل المتقدمة على رقم نهائي.
وشكل الانفجاران بحسب “اللواء” صدمة مدوّية في كل الأوساط اللبنانية، كما احدثا اهتماماً عربياً واقليمياً ودولياً بهذا التطور الخطير الذي أعاد التفجيرات الأمنية التي تستهدف الاحياء السكنية في الضاحية، بعد ان كانت تراجعت على نحو شبه كلي خلال عام وأكثر من عام.

شاهد أيضاً: بالصوت: تهديد داعشي بتقجير انتحاري في «حيّ السلم»

 

“داعش” يتبنى
شكّل دخول “داعش” على خط معاودة الهجمات الارهابية في قلب الضاحية الجنوبية والعمق اللبناني بعدما سارع التنظيم الى اعلان تبنيه التفجير المزدوج في برج البراجنة وفق “النهار” عاملاً طارئاً يتسم بخطورة شديدة. ولاحقاً، تبنّى تنظيم “داعش” عبر موقعه الرسمي تفجيري الضاحية الجنوبية ونعى ثلاثة من منفذي ما أسماها “الغزوة”، وهم الفلسطينيان حامد رشيد البالغ وعمار سالم الريس، والسوري خالد أحمد الخالد.

 
تفاصيل الاعتداء
وفي تفاصيل الاعتداء الإرهابي، أنّ ثلاثة انتحاريين كانوا قد تسللوا مشياً على الأقدام إلى محلة “حيّ السكة” في منطقة برج البراجنة حيث سرعان ما أقدم أحدهم على تفجير نفسه وسط حشد من المواطنين قبيل نحو 5 دقائق من تفجير انتحاري ثانٍ نفسه على مقربة من الانفجار الأول إلى جانب إحدى حسينيات المنطقة، الأمر الذي ضاعف أعداد الشهداء والجرحى وأدى إلى مقتل الانتحاري الثالث قبل التمكن من إتمام مهمته الإرهابية.
وأوضحت قيادة الجيش في بيان أنّه “حوالى الساعة 18:00 أقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بواسطة أحزمة ناسفة في محلة عين السكة- برج البراجنة، تلاه إقدام إرهابي آخر على تفجير نفسه بالقرب من موقع الانفجار الأول”، مؤكدةً “العثور في موقع الانفجار الثاني على جثة إرهابي ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه”.
ورجّحت مصادر أمنية عبر “الأخبار” أن العملية نفذها انتحاريان اثنان، فجّر أحدهما دراجة نارية مفخخة، فيما فجّر الثاني حزامه الناسف بالجموع التي اتت لإسعاف جرحى التفجير الأول. وقللت المصادر من دقة المعلومات التي تحدّثت عن وجود ثلاثة انتحاريين، بعد العثور على جثّة أحد الإرهابيين مصاباً بقدميه، ولم ينفجر حزامه الناسف.
وفيما راجت معلومات عن انتحاري ثالث (بيان قيادة الجيش) وحتى عن رابع وعن القاء القبض على أحدهما، أكدت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ”السفير” أنه لا دليل قاطعا حتى الآن على وجود الانتحاري الثالث، ورجحت فرضية أن يكون الانتحاري الأول قد فجر الدراجة النارية التي كان يستقلها فانشطر جسده، ولم ينفجر الحزام الناسف الذي كان يزنر صدره به، فيما تناثرت الأجزاء السفلى من جسده، أما الثاني، فهو الذي فجر نفسه بالحزام الناسف وظل رأسه واضح المعالم، فيما تناثرت بقايا جسده في أرجاء المكان.

إقرأ أيضاً: الشهيد عادل ترمس الذي منع الانتحاري من تفجير نفسه في المسجد
التحقيقات
على الأثر كلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات في الجيش إجراء التحقيقات الأولية وفرض طوق أمني في مكان الانفجارين. ولفتت “السفير” إلى أن التحقيقات الأمنية والقضائية
ولفتت “السفير” إلى أن التحقيقات تجريها استخبارات الجيش والشرطة العسكرية، ويجري التكتم على النتائج. لكن يبدو أن ثمة خيطاً مهماً يعوّل عليه المحققون، يتصل بالإرهابي الذي أوقفه فرع المعلومات فجر امس في طرابلس حاملاً حزاماً ناسفاً. فبحسب مصادر أمنية، لوحظ وجود شبهٍ كبير بين الحزام الذي لم ينفجر في الضاحية، وذلك الذي عُثر عليه مع الموقوف في طرابلس. ووصفت مصادر امنية موقوف الشمال بـ”الصيد الثمين”، مرجحة بصورة شبه مؤكدة وجود صلة بينه وبين المسؤولين عن تفجير الضاحية المزدوج.
المحصلة شبه النهائية
وبحسب المحصلة شبه النهائية التي أعلنتها وزارة الصحة قبيل منتصف الليل، فقد أسفر الهجوم الانتحاري المزدوج عن استشهاد 43 شخصاً بالإضافة إلى إصابة 249 آخرين بجروح جرى نقلهم للمعالجة في مستشفيات بهمن والساحل والرسول الأعظم والبرج والزهراء ورفيق الحريري الجامعي والسان جورج.
تدابير وتعاميم
أعقبت التفجير المزدوج تدابير امنية استثنائية بحسب “الجمهورية” اتخذتها وحدات الجيش والأجهزة الأمنية على مداخل الضاحية الجنوبية التي تقيم حواجز فيها منذ أكثر من سنتين. وإلى ذلك عمّم الحزب رسائل قصيرة على كوادره جاء في إحداها: “نطلب من المواطنين عدم التجمّع، خصوصاً في المقاهي، وأي شخص يحدث ريبةً لا تتهاونوا معه، فهناك معلومات عن وجود عدد من الانتحاريين، ونطلب عدم الركض امام الاخوة اثناء توقيفهم لهؤلاء تحت طائلة المسؤولية”.

إقرأ أيضاً: في انتحار السنّة والشيعة…
مخاوف من تجدد الموجة الارهابية
وأثار التفجير المزدوج بحصيلته الضخمة المفجعة بحسب “النهار” مخاوف من تجدد الموجة الارهابية وخصوصاً في ظل مؤشرات سبقته كان من أبرزها الشريط الذي نشره “داعش” قبل أيام مهدداً فيه مجموعة شخصيات سنية سياسية ودينية لبنانية، وقت تكثفت عمليات مخابرات الجيش والاجهزة الامنية وتمكنت من توقيف عدد من الرؤوس الارهابية المنخرطة في خلايا لـ”داعش”.

السابق
سراج الدين زريقات مغرداً: لن تنفعكم بعد الموت رايات «يا زينب» و«يا حسين»
التالي
صورة الانتحاري الثالث… مزيفّة