تفاصيل «تسوية» التي أنقذت «الجلسة التشريعية»

الاجتماع في منزل الرئيس سعد الحريري في الرياض
التسوية تحَقّقت. المخاوف من مواجهة طائفية تبدّدت. تشريع الضرورة فرضَ اتّفاق الضرورة. المجلس النيابي يفتح أبوابه اليوم للتشريع، لا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولكن هذا بحدّ ذاته يُعتبر إنجازاً في سياق التعطيل الذي يضرب كلّ المؤسسات الدستورية. وهكذا تمت التسوية:

وزعت التسوية “أنصاب” مكاسبها على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بل عبر خروج “الجميع رابحين” كما يحلو للبعض ان يصورها. اذ أعتمد التوازن  في تثبيت موعد الجلسة أخرج واقعيا كلا من الرئيس بري وعون جعجع في مراتب متساوية من المكاسب.

 

–          وصَف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون يوم أمس بأنّه “يوم سعيد”، معلِناً المشاركة في الجلسة بعد زوال كلّ الإشكالات، وحصول اتّفاق شامل حول قوانين الجنسية، والبلديات، والانتخاب وما تبَقّى من أمور تفصيلية. وتمنّى استمرار التعاون دائماً من دون الحاجة إلى أيّ مصالحة جديدة.

–          شدّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على أنّ “الشراكة الوطنية هي فوق كل اعتبار”، وقال: “هذا شعار استهلّينا به يومنا واختتمناه عليه، فكان فيه انتصارٌ للجميع، وتحديداً للروح الوطنية اللبنانية الجامعة، هو انتصار للروح التي رافقَت ملايين اللبنانيين في 14 آذار 2005، كان انتصاراً للمبادئ التي طالما نادى بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي جسَّدها في هذا اليوم بالذات خيرَ تجسيد الرئيس سعد الحريري”. واعتبَر أنّ إنقاذ الموقف “جاء من قبَل الحريري، بعدما كنّا وصَلنا بالأمس وحتى اليوم صباحاً إلى وضع شِبه مقفَل كان سيَستدعي منّا خطوات أخرى”.

اقرأ أيضًا: معركة التشريع تثبت زعامتي عون وجعجع مسيحياً

المشاورات الأخيرة

وعن ساعات المشاورات الأخيرة على خط الرياض بيروت، أوضحت مصادر الوفد الوزاري المرافق لسلام إلى السعودية أنّ اجتماعاً عُقد بُعيد منتصف الليلة الماضية في فندق “ريتز كارلتون” مقر إقامة سلام بحضوره وبمشاركة وزير الدفاع سمير مقبل ضمّ الوزراء علي حسن خليل وجبران باسيل ووائل أبو فاعور، وخلص إلى تأكيد باسيل عدم إصرار “التيار الوطني الحر” على شرط إدراج مشروع قانون الانتخابات النيابية على جدول أعمال جلسة التشريع اليوم للمشاركة فيها لافتاً الانتباه إلى أنّ المطلب العوني يتحقق من خلال مشروعي قانون استعادة الجنسية وقانون توزيع عائدات البلديات بينما مشروع قانون الانتخاب هو مطلب “قواتي” أما “التيار” فيكتفي بتكليف لجنة مختصة لدرسه كما اقترح خليل خلال مهلة شهر على أن يُحال بعدها إلى اللجان المشتركة تمهيداً لطرحه أمام الهيئة العامة بعد التوافق عليه لكن شرط معالجة التمسك القواتي ببند قانون الانتخاب. وعلى الأثر بادر أبو فاعور إلى إبلاغ الرسالة العونية هاتفياً للحريري الذي تولى على هذا الأساس استكمال اتصالاته التي كان قد بدأها منذ أيام مع المعنيين في بيروت وأثمرت في محصلتها التوصل إلى مخرج تشريعي توافقي تجلّى في نصّ البيان الصادر عنه.

بنود التسوية

وعلى أثر مفاوضات مضنية ولقاءات مكّوكية بين كلّ القوى السياسية واتصالات بين بيروت والرياض وحبس أنفاس، نضَجت التسوية التي تضمّنت وفق “الجمهورية” النقاط الآتية:

–          إقرار قانون الجنسية كما أحيلَ إلى الهيئة العامة بعد تعديل في بعض بنوده.

–          إقرار قانون تحرير أموال البلديات، الذي قدّمه عون بلا حسومات ولا سوكلين. ما يؤمّن لصناديق تنميتها نحو ألفَي مليار ليرة.

–          إقرار سلسلة القوانين المالية الضرورية، والتي تَحوز على إجماع القوى السياسية.

–          الاتّفاق على سحب توصية سابقة للمجلس، حول عدم أولوية قانون الانتخاب. وذلك بناءً على طلب ممثّلي تكتّل التغيير والإصلاح.

–          تشكيل لجنة نيابية مصغّرة، مع مهلة شهرين لإعداد قانون انتخاب وإقراره. وإلّا فلا تشريعَ، كما تعهّد الحريري ووافقَه الجميع.

لا غالب ولا مغلوب

على الطريقة اللبنانية المعتادة، وُلدت التسوية التشريعية في ربع الساعة الأخير. إنها “تسوية الضرورة” التي منحت الجميع حبل نجاة، قبل انفلاش الأزمة في الشارع المحتقن طائفياً. وبدا واضحاً ان الجميع خرجوا من الأزمة رابحين، بفعل قابلية “التسوية المطاطة” للتأويل، كلٌ وفق موقعه:

–          “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” انتزعا التزاماً بإقرار قانوني استعادة الجنسية وتحرير أموال البلديات، وتعهداً بمناقشة وإقرار قانون الانتخاب في أول جلسة تشريعية لاحقة، إضافة الى تكريس ثنائية “التيار – القوات” التي أثبتت جدواها بمعايير الشارع المسيحي، في ترجمة لمفاعيل “إعلان النيات”.

–          بري حافظ على ثوابته، ولم يتراجع، برغم كل الضغوط، عن موقفه المعلن وهو عقد جلسة تشريع الضرورة في موعدها المحدد، ووفق جدول الاعمال المقرر. ولكن بري استطاع ان يمزج تصلبه هذا بمرونة تفاوضية قادته الى ان يكون عنصراً حاسماً في إنجاز التسوية بعد الضمانات التي قدمها بتصويت كتلة “التنمية والتحرير” على قانون استعداة الجنسية، بمعزل عن موقف “المستقبل”، إضافة الى الليونة التي أبداها حيال المخرج المتعلق بقانون الانتخاب.

–          الرئيس الحريري قطف “زهرة التسوية” من خلال تطوعه للتعهد بعدم حضور أي جلسة تشريعية مستقبلاً، لا يتصدر قانون الانتخاب جدول أعمالها.

–          “حزب الله” خرج من الإحراج سالماً، بعدما نجت العلاقة بين حليفيه من “وعكة صحية” صعبة، علماً أن الحزب أدى بعيداً عن الأضواء دوراً حيوياً في المساهمة في ترطيب الأجواء بين بري وعون.

 

السابق
بالفيديو: القبض على مجموعة من «طلعت ريحتكم» أثناء رميهم النفايات امام عدد من الوزارات
التالي
إطلاق الناشطة سكينة فواز من فصيلة البرج