مداهمة «المعاملتين» الدمويّة…من هو المسؤول عن فشلها؟

مخابرات الجيش اللبناني
كثير من علامات الإستفهام طرحت حول حادثة المعاملتين التي وقعت فجر أمس، خاصّة أن عملية التقصي التي قامت بها مخابرات الجيش للقبض على المطلوبين في الملهى الليلي "wet" اسفرت عن ازهاق ارواح ثمانية أشخاص من بينهم شهيدان للجيش.

ثماني ضحايا ليس برقم سهل، قياسا لعملية مداهمة كانت تهدف الى القاء القبض على شخصين فقتلا، وأُزهقت معهما أرواح أربعة آخرين، كما كلّفت الجيش شهيدين.

ملابسات الحادثة تركت نقاطا مبهمة عند المواطنين إضافة إلى الاستفسار عن الأسباب الملّحة التي دفعت إلى اقتحام ملهى ليلي يغصّ بالروّاد حيث كان من الممكن أن ترتفع حصيلة الضحايا الذين لا ذنب لهم سوى أنه صودف وجودهم بتواجد أحد المطلوبين في المكان نفسه. إلى ذلك هل كانت مخابرات الجيش على علم بخطورة المطلوب وانه مسلح؟ أم ان ما حصل كان خارج كل التوقعات؟ وماذا عن مستوى التنسيق بين الجهات القضائية والأمنية؟

إقرأ أيضاً: 8 قتلى بسبب الكبتاغون اليوم… أين الإعلام الشامت بالأمير السعودي؟

هي أسئلة مشروعة تطرح حول أسباب فشل عمليات المداهمة والتي باتت تسفر عن مقتل عددا من العسكريين كحادثة استشهاد المقدم عباس جمعة أثناء عملية القاء القبض على المطلوب حسن كركي الملقب بـ “عنتر” في منطقة الغبيري، إلى معركة عرسال التي بدأت بمداهمات دموية أسفرت عن استشهاد عدد لا يستهان به من الجيش.

وبحسب مصدر أمني خاصّ لـ “جنوبية” أنه وفيما كان يحتفل مجموعة من الشبان وعلى رأسهم المطلوب بجرائم اتجار بمخدرات مهدي حسين زعيتر بعيد ميلاد صديقه المطلوب الآخر أحمد علي عمار ورفاق لهم في الملهى الليلي “wet”. وبعد ان توافرت معلومات لمخابرات الجيش عن مكان المطلوبين، وفيما دخل عنصران بلباس مدني لرصد المطلوبين من الداخل عن كثب، كان المدعو زعيتر على علم بأنهما من مخابرات الجيش ويلاحقانه وما إنْ شاهدَهما حتى سحبَ مسدّسه وأطلق النار، فأرداهما على الفور وهما الرّقيب الأوّل مارون طانوس خوري من بلدة بقرزلا، والثاني ميشال زكي الرحباوي من بلدة الشيخ محمد.

وعندما سمعت المجموعة العسكرية المساندة في الخارج صوت اطلاق النار، بدأت المداهمة، ليستمرّ إطلاق النار، ما أدّى إلى مقتل زعيتر والمطلوب أحمد علي عمّار، و4 مواطنين كانوا برفقتهما، بينهما فتاتين هما ميرنا أبو زيد، وفانيسا أبو رجيلي».

ويتابع المصدر “نظراً لضيق مساحة الملهى والأضواء الخافتة فانه قد يؤدي الى وقوع ضحايا آخرين”. وبحسب المصدر نفسه الخطة كانت قائمة على أساس رصد مخابرات الجيش للمطلوبين من الداخل بانتظار ثملهم لإلقاء القبض عليهم دون وقوع بلبلة. لكن المدعو زعيتر المقيم في الفنار عرف هويّة العسكريين وهذا ما أفسد المهمة. ويؤكّد المصدر، أن الجيش ليس محدود المعلومات وبلا دراية لدرجة اقتحام الملهى بشكل عشوائي.

 

وفور تنفيذ العملية، فرض الجيش طوقاً أمنياً حول مسرح الجريمة مانعاً الجميع بمن فيهم الصحافيين والاعلاميين من الاقتراب، وأقفِل الملهى بالشمع الأحمر. كما كلّف مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الشرطة العسكرية إجراءَ التحقيقات الأوّلية، وكلّف الطبيب الشرعي والأدلّة الجنائية الكشفَ على الجثث ووضع التقارير الفنّية بنتيجة المعاينات.

وفي هذا السياق، أكّد الخبير العسكري اللواء المتقاعد وهبي قاطيشا، أن “التنسيق العملي بين الجيش والمخابرات صحيح لكن في بعض الأوقات تدخل عوامل أخرى تؤثر على هذا التنسيق كمبادرة المطلوب في هذه الحادثة باطلاق النار، فترغم عناصر الجيش على فتح النار من باب الدفاع عن النفس وهذا ما يبينه التحقيق لاحقًا، لذا فهو يتعلق برد فعل الملاحَق وليس بالعمل العسكري الذي يقوم به العسكري”. لافتًا إلى أن ” من يرافق مطلوبين عليه أن يعلم أنه قد يدفع الثمن احيانا”.

وأكّد قاديشا أن “أي عمل عسكري يوجّه اليه الكثير من الملاحظات لكن لا نستطيع الحكم إلّا عند انتهاء التحقيقات”.

اقرأ أيضاً: الأمير والمخدرات وحزب الله

وصدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان الآتي:

“فجر اليوم (أمس)، وأثناء قيام دورية تابعة لمديرية المخابرات، بالتقصي عن بعض المخلين بالأمن في أحد الملاهي الليلية في محلة المعاملتين – جونية، بادر المطلوب مهدي حسين زعيتر ومرافقوه إلى إطلاق النار باتجاه الدورية، ما أدى إلى استشهاد عسكريين إثنين. وقد رد عناصر الدورية على النار بالمثل، فنتج عن الاشتباك مقتل المدعو زعيتر والمطلوب أحمد علي عمار، و4 مواطنين كانوا برفقتهما. والمطلوبان المذكوران، بحقهما 11 بلاغ بحث وتحر و6 مذكرات توقيف، لارتكابهما جرائم منظمة مختلفة في أوقات سابقة. تولت الشرطة العسكرية التحقيق في الحادث بإشراف القضاء المختص”.

السابق
الجلسة التاسعة للحوار لم تتوصل الى حل للنفايات وخيار الترحيل مطروح
التالي
اندبندنت: حرب كلامية محورها الطائرة الروسية المنكوبة