نصر الله في الليلة الأخيرة من عاشوراء: حكوماتنا سلطات حكم إداري ذاتي وقرار السياسة الخارجية عند أميركا

أطل الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في الليلة الأخيرة من ليالي عاشوراء في مجمع سيد الشهداء شخصيا، وألقى كلمة وسط هتافات من المشاركين، شكر فيها “القيمين على المناسبة والجيش اللبناني والاجهزة الامنية الرسمية على جهدها في تأمين سلامة المشاركين وأمنهم في كل المناطق”.

وتناول الوضع السياسي في المنطقة والعالم، فقال: “إن الولايات المتحدة والغرب هدفهما واحد محدد يضعان له استراتيجيات وخططا وبرامج في أوقات زمنية متفاوتة، والادارة الاميركية لا تتصرف في منطقتنا على أساس عشوائي، بل تسعى الى تحقيق اهدافها المرسومة، التي لا تختلف بين ادارة وأخرى أو بين جمهوري وديموقراطي، فأميركا كوريث للاستعمار القديم ومعها قوى الاستعمار القديم، وفي مقدمها فرنسا وبريطانيا هدفها الهيمنة على بلادنا، سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وثقافيا”.

أضاف: “ما تريده لنا أميركا في السياسة والأمن والاقتصاد والثقافة والدين لن نقبل به، فهي تريدنا أن نقبل باسرائيل في المنطقة، وممنوع علينا أن نقاتلها أو نناقشها في شروط وجودها. ومن لا يخضع أو يقبل فليؤذن بحرب ذكية متعددة الأشكال، حربية حينا، وأحيانا في الحصار والعقوبات والأمن والسياسة، هذا هو ثمن الإرادة الحرة في العالم، ومن يريد أن يكون سيدا في بلده ومستقلا في مصالحه وأمته، فهذا ليس مقبولا اميركيا. هذا هو عمق المسألة في بلادنا بعد الحربين العالميتين الثانية والأولى. هم يريدون أن تكون الموارد الطبيعية في منطقتنا تحت إمرتهم وشركاتهم النفطية الكبرى، وألا تستطيع الحكومات العربية والاسلامية أن تسعر النفط والغاز. ومثال على ذلك، ما تفعله اميركا ضد ايران وفنزويلا وغيرهما في خفض سعر الغاز، وهو ما أمرت به الحكومات العربية مع أن قرار التخفيض ليس لصالح هذه الحكومات”.

وأشار الى أن “مشتريات السلاح من أميركا لصالح السعودية وقطر تجاوزت قيمتها عشرات مليارات الدولارات، ولا نعرف إذا كانوا بحاجة لها، لكن اميركا تعمل على ترتيب أسواقنا لصالح شركات السلاح والنفط الكبرى لديها، لقد سيطروا اقتصاديا، واميركا تريد من حكومات ودول المنطقة السياسة الخارجية والنفط والغاز، أي ان حكوماتنا هي سلطات حكم إداري ذاتي يترأسها من يسمى ملكا أو أميرا أو رئيسا، لأن قرار السياسة الخارجية والنفط والغاز والحرب والسلم والسوق الكبرى عند اميركا”.

وقال: “إن اسرائيل ليست المشروع، إنما هي أداة تنفيذية في مشروع الهيمنة الأميركية في منطقتنا. ولذا، تؤدي دورا إجرائيا ويقومون بحمايتها ودعمها ويقاتلون من أجلها. فلو أتى يوم انشغلت اميركا بأسبابها الداخلية، فماذا سيكون مصير اسرائيل، فهل ستبقى بالتأكيد، لا”.

وأشار إلى “أن الشعب الفلسطيني عانى ويعاني الاحتلال الاسرائيلي والادارات الاميركية المتعاقبة، مجددا “تحميل المسؤولية للادارة الاميركية الحالية والسابقة”، وقال: “لذلك، من غير المسموح في إطار مشروع الهيمنة الاميركية في المنطقة أن تقوم دولة عربية أو إسلامية مستقلة بقرارها، وتراعي مصالح شعبها، وتتطور علميا وثقافيا”.

أضاف: “اذا أرادت مصر ان تصبح دولة قوية ممنوع، ومثلها باكستان. وهنا، لا يوجد سني أو شيعي أو مسلم أو مسيحي، فهذا ممنوع أميركيا. ولذلك، تشن الحروب، كما فعلوا عندما دفعوا صدام حسين في حربه ضد إيران أو في طرق اعلامية ومخابراتية، فمن أساسيات مشروع الهيمنة الحديثة: الديموقراطية، حقوق الانسان، محاربة الفساد والمجتمع المدني، والدليل على ذلك دول ديكتاتورية في المنطقة ترعاها أميركا، لا بل تعمل على دعمها، وهي انظمة لا دساتير فيها ولا حرية تعبير. لذلك، فإن كل كلام اميركي عن الحريات وحماية حقوق الانسان كذب وتضليل. وبعض شعوب منطقتنا مخدوع أو قابل للخدعة”.

ولفت إلى “كيفية تعاطي أميركا مع البرنامج النووي الايراني، إذ انها اخترعت كذبة لاخضاع هذا الشعب الرافض لسياستها، فمنذ 13 سنة، اخترعت اميركا كذبة أن ايران تريد تصنيع قنبلة ذرية، وأدى ذلك الى عقوبات اقتصادية عليها. ونأسف لعقدة النقص في العالم العربي، إذ كان بعض العرب اميركيين أكثر من اميركا في هذا المجال، لكنهم وجدوا ان ايران لم ترضخ، ولم تصل العقوبات ضدها الى نتيجة، فلجأت اميركا الى الحوار مع ايران، فسياسة اميركا ضد ايران لأن الأخيرة تريد أن تكون دولة مستقلة تحافظ على كرامة شعبها”.

وسأل: “إلى أين وصلنا بعد هذه التطورات والهزائم التي لحقت بإسرائيل في المنطقة منذ الثمانينات، وإلى هزيمة أميركا في العراق، حيث حصل انتصار لم يحتفل به أحد مع أنه انتصار للجميع، والمقاومة في العراق هي التي انتصرت”، مشيرا إلى هزائم اميركا في أكثر من مكان، ولكن ها هي الآن تطلق حربا جديدة هي حرب اميركية على كل من يرفض الخضوع لها، وهذا ما يحصل في سوريا والعراق، إذ أن عشرات الآلاف من التكفيريين جمعتهم دول عربية وغربية وقدمت لهم التسهيلات والمال والسلاح المتطور، فهل تفعل هذه الدول العربية والاقليمية والغربية ذلك من دون علم اميركا؟ هذا عمل تتدخل فيه السعودية وتركيا، ولكن القائد الحقيقي اميركا، التي قدمت السلاح لداعش في العراق، بعد أن هزمها العراقيون وطردوها”.

وعن سوريا، قال: “المطلوب إخضاعها لاميركا، والذين يقاتلون فيها سواء أكانوا علمانيين أم إسلاميين يقاتلون لمصلحة اميركا. وعندما تنتهي الحرب في سوريا، فلن تسمح اميركا للسعودية وغيرها من الدول الاقليمية بأن تحكم في سوريا”.

وعن اليمن، قال: “إنها حرب اميركا التي تريد إبقاء اليمن تحت هيمنتها، فأميركا لم توفق في جعل الصراع سنيا – شيعيا بفضل وعي الشعوب وعلماء السنة والقوى السنية الاسلامية، وكان لهؤلاء الفضل الاكبر بألا تتحول هذه الحرب في اليمن الى سنية شيعية”.

ووصف من يقاتل نيابة عن اميركا ب”المرتزقة والتنابل”، وقال: “كان المطلوب استفزاز مشاعر اهل السنة ليقاتلوا عن الملوك وناهبي الشعوب واصحاب الكروش كي تكون نتائج المعركة لصالح أميركا. هذه هي حقيقة المعركة الآن، وندعو الى قول الحق، لأن الحرب الآن ليست من اجل الديموقراطية والتنمية وحقوق الانسان ومعالجة الفقر والامية، وانما هي حرب تقودها أميركا لإخضاع كل الذين تمردوا وما زالوا، وهدفها معاقبة الذين أسقطوا مشروع عام 2006، هذا المشروع الذي اسقطته المقاومة في لبنان، واسقطه كل الذين وقفوا مع المقاومة، وأسقطته سوريا الاسد بصمودها، والمقاومة الفلسطينية وإيران ودعمها للمقاومة”.

وجدد دعوته إلى “معرفة حقيقة المعركة القائمة الآن، إذ أنها جبهة قائدها ليس ابو بكر البغدادي وإنما اميركا، يقابلها جبهة أخرى يقف فيها كل من يرفض الخضوع للادارة الاميركية”، وقال: “إن اليوم شبيه بالامس، اذ يقال لنا إما أن تخضعوا لاميركا وتقبلوا بإسرائيل، وإما نعلن عليكم الحرب، ونفرض العقوبات، ونرسل اليكم الانتحاريين إلى حسينياتكم وكنائسكم واسواقكم”.

أضاف السيد نصر الله: “نحن اليوم في مواجهة إسرائيل التي كانت تحتل أرضنا لتبقى فيها وتفرض شروطها المذلة على لبنان، ولكن كلنا وقفنا في لبنان من مقاومة وجمهورها منذ 1982 ولا نزال نواجه إسرائيل، ونقول لها كما قال الحسين بين الحرب والذلة هيهات منا الذلة”.

وتابع: “اليوم في ظل مواجهة هذا المشروع الاميركي التكفيري، والذي يضعنا مسلمين ومسيحيين امام خيار الخضوع والانتحاريين، نقول له ليس بالموقف فقط وانما بمقاومين يقاتلون في سوريا، ونكرر القول هيهات منا الذلة. نحن في معركة الدفاع عن الاسلام ومقدسات المسلمين ومظلومي هذه المنطقة، ولن نتراجع، فهذه معركة نؤمن بها، ونشارك فيها وسننتصر فيها ولن نتراجع، ومن يفكر بالانسحاب منها فهو كمن يترك الحسين في ليلة العاشر”.
(الوطنية)

السابق
5 قتلى في بنغازي بسقوط قذائف على متظاهرين رافضين لمشروع الامم المتحدة
التالي
الملتقى الثقافي الجعفري في المتن الشمالي احيا مجلسه العاشورائي السنوي في سد البوشرية