إيران وروسيا يتقاتلان سرًّا في سوريا!

امتعاض كبير داخل نظام آل الأسد من الهيمنة الايرانية على القرار السوري، بشقيه السياسي والميداني، إضافةً إلى النظرية التي تقول أن التواجد الروسي القوي إنما حصل بهدف انتزاع الورقة السورية من أيدي الايرانيين وجعلها ورقة روسية من أجل استعمالها لاحقا في بازار التسويات الدولية، كل هذه المعطيات تشير إلى أنّ حرب حقيقية تدور بالخفاء بين ايرا وروسيا، وإن كان من مصلحة الطرفين التستر عنها في هذه المرحلة.

يقال أنّ دائما بالحروب تكون الضحية الأولى هي الحقيقة، هذه المقولة الثابتة نتلمّسها في الصراعات واضحة المعالم والاطراف والغايات، فكيف بنا بالحروب الأهلية، وكيف إذا تداخلت وتشابكت مجموعة كبيرة من العناصر المشاركة، وتعددت الدول والتنظيمات والأحزاب مع مروحة واسعة من تعارض المصالح المتنوعة والغايات المكشوفة وغير المكشوفة، كل هذا على مساحة جغرافية مهمة وشاسعة كالمساحة السورية، فحينئذ تصبح قراءة الأحداث والتحولات أقرب إلى التنجيم والضرب بالرمل ويتعذر عندئذ الرؤية الواحدة فتتعدد الى رؤى كل بحسب الزاوية التي منها يطل على المشهد العام.

اقرأ أيضاً: روسيا وأميركا: غموض ديبلوماسي لا يحجب حقائق الجيو ـ سياسة

إلا أنّ المسلّم به في مثل هذه الحالات، هو فقدان الثوابت وبالتالي تصبح القراءة المعتمدة على سياقات مستقرة أقرب الى قراءات رغبوية منها الى مقاربات واقعية، وهذه الحالات من التحولات المتسارعة كنا عرفناها نحن اللبنانيين إبان الحروب الأهلية عندنا، بحيث كنا ننام على تحالفات معمّدة بالدم، ونستيقظ في اليوم الثاني على معارك طاحنة بين الحلفاء أنفسهم.

وبالعودة الى الوضع السوري والأحداث المتسارعة هناك بعد الدخول الروسي كلاعب أساسي، وما أحاط بهذا المتحول الميداني الكبير من تناقضات ضخمة، ليس أقلّه أنّ هذا الدعم الروسي من “أبو علي بوتين ” لنظام بشار الأسد حامي ظهر مقاومة حزب الله ومحور الممانعة الممتد الى طهران يتم بمباركة اسرائيلية!

مما يعني بأنّ هذا التوصيف فيه من مجافاة للحقيقة، ويضع متبني هذه المقاربة بمكان المجنون أو على أقل تقدير بمكان الساذج، في مقابل المقاربة التي تقول أن التواجد الروسي القوي إنما حصل بهدف انتزاع الورقة السورية من أيدي الايرانيين وجعلها ورقة روسية صافية من أجل استعمالها لاحقا في بازار التسويات الدولية.

روسيا ايران

والروسي المعروف أنّه يتعاطى السياسة الدولية منذ سقوط الإتحاد السوفياتي بذهنية التاجر لا يمكن أن يرتضي لنفسه شريك إذا ما استطاع إلى ذلك سبيلا، أو قل لا يمكن أن يرضى بأن تكون حصته أقل من 50+1، وإذا أضفنا على ما تقدم، ما يقال عن امتعاض كبير داخل نظام آل الأسد من الهيمنة الايرانية على القرار السوري، بشقيه السياسي والميداني (اتفاق الزبداني الذي تولته ايران بشكل كامل) وما يقال عن تصدر ماهر الأسد ورامي مخلوف لمهمة تقليم الأظافر الايرانية، مع علمنا بأن هذا الثنائي يمكن له أن يبيع حلفائه بأبخس الاثمان من أجل الاستمرار بحكم دمشق ولو لزيادة يوم واحد (وما اغتيال عماد مغنية عنا ببعيد).

اقرأ أيضاً: الأسد من رافعة إيرانية إلى أخرى روسية

يمكن لهذه المعطيات مجتمعة أن تنبأنا بأنّ تحت سطح التحالف الروسي الايراني المروّج له بأعلام الممانعة، تدور حرب حقيقية بالخفاء بينهما، وإن كان من مصلحة الطرفين التستر عنها في هذه المرحلة، إلاّ أنّ هذا لا يعني ان ارهاصاتها لن تبرز الى العلن، وما  اغتيال الجنرال الايراني حسين همداني الغامضة ومعه قيادات رفيعة من حزب الله على رأسهم ابو محمد الاقليم واخرون لم يعلن عن اسمائهم بعد، إلاّ واحدة من هذه المؤشرات، فهل سنسمع في الأيام القادمة عمليات اغتيال مماثلة، وكيف سترد إيران وحزب الله على مثل هذه العمليات؟ الإجابة في الأسابيع القادمة.

السابق
ما نطلبه من إيران
التالي
لماذا بكت فاليري؟