لماذا تتحوّل جلسات مجلس النواب الى حلبات مصارعة؟

مجلس النواب
تاريخ لبنان حافل بمشاهد السجالات والمشادات السياسية التي طالما جرت بين زعماء الطوئف في بلدنا ونوابهم ووزرائهم داخل الحكومة والندوة النيابية ، غير ان ما برز اخيرا هو تحوّل تلك السجالات الى حفلات شتم وسباب، مهدّدة ان تتحول لاحقا الى حلبات مصارعة، وهي بدأت فعلا بالتحوّل أمس، مع رمي النواب عبوات المياه باتجاه بعضهم.

ما حصل أمس من مشهد عراك وتبادل تهم وشتائم وصلت لـ “تحت الزنار” بين نواب المستقبل والتيار الوطني الحرّ في اجتماع لجنة الأشغال العامة النيابية

 

لا تعكس حدّة الاحتقان في البلد مدى التباين بين القوى السياسية المتناحرة فحسب، بل انه يعطي صورة واضحة أن باب الحلول أقفل بالشمع الأحمر بعد أن فقدت لغة الحوار وغلبت لغة الإتهامات.

مشهد حلبة المصارعة بين هؤلاء السياسيين ليس بجديد وقد اعتاده المشهد السياسي اللبناني، لكن الجديد أن لغة التخوين بين فريق 8 و 14 أذار استبدلت في الفترة الأخيرة مع مشهد الحراك برمي كل فريق تهمة الفساد والسرقة على الآخر.

فبالأمس، انفجر الاشتباك “الكهربائي” بين النائب العوني زياد الاسود، والنائب المستقبلي جمال الجراح بشكل عنيف، فتبادلا السباب بأقذع “مفرداته”، وتطوّرت الشتائم لتتحوّل الى تدافع ورمي قناني المياه بين معسكري التيارين، بعد ان توسّع الاشكال ليشمل نواباً آخرين من بينهم حكمت ديب وفادي الأعور ونبيل نقولا، وهم اعترضوا لاحقا على تراكم العمل داخل اللجنة.

ومن شواهد تلك الاشكالات ما حدث بالأمس القريب من حرب كلامية بين وزير المالية علي حسن الخليل المحسوب على حركة أمل ووزير الطاقة ارتور نظريان المحسوب على التيار الوطني وذلك اجتماع لجنة “الطاقة والمياه والأشغال العامة النيابية” التي انعقدت لبحث موضوع الهدر في الكهرباء . شهدت اللجنة احتكاكاً بينهما وتبادل تهم إذ إلقى كل منهما مسؤولية أزمة الكهرباء على عاتق الآخر.

ومن اللجان النيابية الى مشاحنات مجلس الوزراء، حيث شهدت إحدى جلسات الحكومة في الشهر السابع من هذا العام مشادة كلامية بين الرئيس تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل وذلك عندما اتهم باسيل رئيس الحكومة في بداية الجلسة بمخالفة الدستور وتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، فرد عليه سلام بالقول “لم اعطك الحق بالكلام واذا لم يعجبك افعل ما يريحك”.وتابع سلام في رده على باسيل بالقول: ” هذا النوع من المشاغبات غير مقبول، وانا عندما اتكلم انت تسكت.”.

هذه الاشكالات الساخنة التي شهدناه منذ وقت قريب، تذكرنا بالمشادات الكلامية التي كانت تحصل في “الزمن الجميل” حينما كانت تعقد الجلسات النيابية

وكانت تحفل تلك الجلسات بشتى انواع الجدل الذي يتحوّل الى تبادل اتهامات ثم يتدرج صعودا الى شتائم وسباب، وذلك قبل ان يتدخل رئيس المجلس ليفض النزاع أو العراك تهديدا او بالتي هي أحسن.

https://www.youtube.com/watch?v=8ME9GFehHjw

كانت مشاهد تبدو وكأنها نزال في الشارع، فنذكر على سبيل المثال لا الحصر الإشكال الذي وقع بين النائب خالد الضاهر والنائب عاصم قانصو حين نعت الأوّل الثاني بـ “الكلب” ووقع الخلاف ليردّ بـ “انت الكلب”، أما تعليق الرئيس بري حينها:”اخوان وتعاتبوا على طريقتن.!!”

كذلك الإشكال الذي حصل بين النائب علي عمار والنائب السابق الياس عطالله الذي كان ينتقد حزب الله فما كان من عمار إلّا مقاطعته والقول له جملته الشهيرة” عندما تتكلم عن حزب الله طهّر نيعك”…

كذلك المشادة الكلامية بين النائب نهاد المشنوق والنائب نواف الموسوي في المجلس النيابي الذي تجاوز فيها الاخير الخطوط الحمر حينما خوّن المشنوق على عادة ما درج عليه مسؤولو الحزب في مخاطبة خصومهم، معتبرا كلامه فتنوي وقائلاً للمشنوق ” انت عميل عند المخابرات معروف قديش سعرك”…

فهذا المستوى المتدني من التخاطب بين اقطاب الطبقة السياسية اللبنانية واعوانهم وإن إعتدنا عليه منذ سنوات فأضحك عددا من المواطنين، وأشمت آخرين، الا انه يعبّر بالنهاية عن وضعنا الميؤوس منه بشكل دقيق، فعندما توصد أبواب الحلول، لا تبقى الّا لغة الشتائم والسباب كي تعبّر عن واقع الحال.

إقرأ أيضاً: حزب الله والقيصر أجيبونا على 3 أسئلة

السابق
مجهولون أطلقوا النار على منزل والد نادر ياغي في بعلبك
التالي
اصابة مواطنة برصاصة طائشة في قدمها بحي النبي انعام بعلبك