موت لحد يحيي أمجاد «جمّول» المنسية

على الرغم من المحاولات التي قام بها حزب الله ليمحي تاريخ "جمّول" في تحرير الأراضي اللبنانية، إلاّ أنّ موت انطوان لحد أعاد تقويم التاريخ للمقاومين الوطنيين اللبنانيين في جمّول، موت العميل لحد أعادنا بالذاكرة الى المناضلة سهى بشارة التي أطلقت على لحد رصاصتين من مسدس المناضل جورج حاوي. فهل يحق للمقاومة الإسلامية مصادرة تحرير الجنوب؟

يعتقد الغالب منّا أن التحرير رهن العام 2000، وأنّ المقاومة الإسلامية هي من أخرجت اسرائيل من لبنان .
في الظاهر هذه الصورة التي نشأنا عليها والتي تدارسها الأجيال حتى أصبحت مرسخة تاريخياً كما لو أنّها عقيدة، ولكنها في الواقع صورة ضبابية تقصي الكثير من الحقائق، وتُغّيب العديد من الأبطال، فما قبل عام التحرير أعوام من النضال لا يستذكرها حزب الله في إحتفالاته، وكثيرٌ من المقاومين الأبطال – اللبنانيين الذين لم يكّرموا ولم يذكروا في أعياده، هذه النضالات التي قامت بها جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ..وهي التي لايستطيع احد اختصارها بحزب لأنها كانت تعبيرا عن مقاومة وطنية وعنوانا لمقاومة شعب.

يوم أمس سقط لحد صريعاً، ليعيد موته تقويم التاريخ، وليرجع لـ”جمّول” بعضاً من أمجادها التي جَهُدَ البعض على مسحها، موت انطون لحد أعاد بطولة سهى بشارة الفتاة العشرينية الأرثوذكسية “عضو الحزب الشيوعي” التي غادرت منزلها إلى الجنوب لتنفذ مهمة اغتيال لحد، أعاد مجد مؤسس الجبهة جورج حاوي والذي منح سهى مسدسه لتنفذ الإغتيال …
لحد لم يقتل على يد سهى وإنما شلّ، لتولد الحرية حينها من رصاصتي بشارة ومن “مفهوم المقاومة الوطنية” الذي رسخته !
شيوعي، قومي، اشتراكي امل وعشرات المجموعات المستقلة والمتنوعة …. لم تحمل جبهة المقاومة الوطنية صبغة طائفية مذهبية، بل حملت مفهوم النضال اللبناني ضد الاحتلال وعملائه، وحققت العديد من الإنجازات التي عمل البعض على مصادرتها واستغلالها.
ففي السادس والعشرين من أيلول 1982 تمكنت “جمّول” من تنفيذ عدة عمليات بطولية أجبرت العدو على الانسحاب من بيروت ومكبرات الصوت تردد “يا أهل بيروت لا تطلقوا النار نحن منسحبون” ..
وفي نيسان العام 1985 دفعت الجبهة الوطنية بعملياتها المتتالية العدو المحتل على الإنسحاب من صيدا والزهراني وصور والنبطية وغيرها من القرى والبلدات، لينحصر تواجده في الشريط الحدودي وهو الذي انسحب منه في 25 ايار 2000 لينطوي مفهوم عيد التحرير على ذاك اليوم وذاك الانسحاب ! تحت مظلة المقاومة الوطنية حررت معظم الاراضي التي احتلتها اسرائيل في العام 1982. خلال ثلاث سنوات اي حتى العام 1985 كان اكثر من سبعين بالمئة من الاراضي المحتلة قد جرى تحريره.

هذا العيد الذي بدأ من رصاصة زيتونة في دير ميماس إسمها سهى بشارة، ومن نضالات “جمّول” التي حررت غالبية الأراضي اللبنانية، ومن عديد من الشهداء قدموا قرابين النفس لحرية الوطن …
فهل يحق للمقاومة الإسلامية مصادرة شهداء جمّول؟
فهل يحق لها مصادرة مسدس جورج حاوي ورصاصتي سهى؟!
اليوم لم يمت لحد طبيعياً، وإنما قتل بذات الرصاصات التي أطلقتها سهى ليل السابع عشر من تشرين الثاني عام 1988، قتل ليذكر أن معركة الحرية بدأت من حيث “جمول” وأنّ مواجهة المحتل هي سلسلة نضالات قام بقطفها وبحصاد انجازاتها طرف واحد، متخطياً كل التضحيات التي قدّمها اللبنانيون لأجل لبنان والتي دونها ما انسحب الاسرائيلي ولا كان مجد التحرير الأصفر!

السابق
معالم خطة طهران للتهجير الديموغرافي لحماية الأسد
التالي
ما هو الدور الخفي الذي تلعبه 8 آذار في «أزمة النفايات» ؟