مهرجان الصدر لحركة أمل: استفتاء شعبي لممارسات حزب الله

مهرجان حركة أمل في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر هذه السنة ليس ككل عام. إذ تعتبر الذكرى اليوم إستفتاء. والدعوة لها من النبطية يأخذنا إلى استنباط شيء يسعى البعض الوصول إليه من مبدأ عام. وهذا الشيء يعني أنه لا بدّ من أن ينبط شيء ويظهر بعد خفاء، على أمل أن يكون المستنبط قادر أن يأخذنا من قضية إلى قضية أخرى أصح وأسلم وأصلح وفق قواعد المنطق. فما بالك ومعتلي موج البحر، كما في كل مرة، أستاذ في العقل والنقل، ودولة في الرأي الصائب، ونبيه حسن الكلام مفرط الذهن قوي القريحة صاحب دلالة ورئيس؟

حشد الأحد المقبل، 30 آب، في ذكرى الإمام المغيّب موسى الصدر، سيستعيد من دون شك مشوار أمل وسيعيد التوازن إلى العلاقة بين جمهورها وقادتها، وهو حتماً سيعيد الإعتبار إلى الخيار الآخر. حركة الناس ستظهر أن المظلوم منتصر وأنّ الظالم منهزم، وأنّ المحروم مطلبه العدل وليس الفوضى كما يحلو للمفسدين ويتمنى دائماً المجرمون.

مهرجان للتاريخ هذا العام يحمل بين دفّتيه درراً وجواهر من أمثال وأقوال الإمام المغيّب الذي صرف عمره في مساعدة الفقراء والمعوّزين، ودافع عن قضايا المظلومين المقموعين بكل ما أوتي من قوة… وهو ما كان بالنسبة له نعمة أنعم الله عليه بها وتكلّلت بثقة الناس وهي ملكهم .

خطباء المهرجان هذا العام سيضطرون إلى الحديث عن جبهات الانتحار. مفرداتهم ستتخطى الوجدانيات ولن تكتفي بالندب ولن تعتمد فقط على الدعاء، بل ستعبر إلى الحرب العبثية السورية وستطرق باب الفوضى اليمنية والأزمة البحرانية، وصولاً إلى اللعنة العراقية جراء الإحتياطات النفطية. لتدعو بعدها صراحة إلى تحييد القضية اللبنانية والحفاظ على ما تبقى من الجمهورية، والدفع باتجاه الحلول التسووية بانتظار القرارات الدولية والأطراف النافذة الإقليمية.

من شائع القول إنّه مقابل الجلوس قومة ومقابل الخروج مجيء، ولكي تجلس وجب أن تقف بين الواقفين وإلا ذهب الموج الهادر وبقي الزبد الزائل وبقيت المناسبة ذكرى لا عبرة منها ولا فكرة. وهذا ما حاول حزب الله فعله مراراً عبر ضمّها كمناسبة إلى أجندة مناسبته، ليصار لاحقاً إلى استخدامها في خدمة مصالحه، وهذا ما لم ينجح به لأسباب عدة لسنا بمعرض سردها الآن.

لكن فكرة ترك المناسبة اليوم ما عادت تستهوي الكثير من قادته، إذ إنّ القضية تخطت التغييب بعد قتل مسبب التغييب. وباتت المناسبة تشكل دافعاً أكبر للناس بإتجاه تبني أفكار الدفاع عن مصالح المظلومين التي حملها الإمام وعجزت عن حملها أحزاب الهجوم والسلاح. أحزاب ما قبل الطوفان تلك التي احتكرت السلطة ونجحت في رهن الطائفة الشيعية والإمساك بقرار البلاد والعباد.

من أعماق الفتنة وهيجان اللهب ومع تحسّس الخطر وتسرّب الموت، مع تهرّب البعض وتقدّم البعض للموت أو الذبح وفي ظلّ وجود فئة كبيرة ترتع… يطلّ من نافذة الشرق في الجنوب نور أمل، يؤمل منه التبشير ببزوغ فجر جديد يضع حداً لليل الطويل، وينبئنا بانطلاقة قافلة الوطن من التفرقة والخلافات إلى التصالح والتضحيات.

هناك حيث نصيحة الإمام وفكرته عن ضرورة انتصار العقل على الغباوة والعناد، وضرورة التغلب على كل أساليب ووسائل الإنتحار التي تطورها النفوس، وتجعل منها عجباً سفينة للنجاة، زورا وبهتانا، وهي في الواقع ليست إلا سيرا محتّما على طريق الزوال وبديلها أو خلاصها لن يكون إلاّ بالجمع بين مختلف الأطياف والتصدي إلى الأخطار… فترحم البلد، ويرحم الأبرياء، ويضمن مصير الخائفين، وتمسح جروح المصابين، وينطلق الجميع من التقوقع الى الأفق البعيد.

السابق
تسجيل حالات إغماء بين متظاهري حملة طلعت ريحكتم جراء إلقاء القنابل المسيلة للدموع
التالي
سقوط عدد من الإصابات في صفوف المتظاهرين برصاص القوى الأمنية