يوم في مركز الضمان الاجتماعي حيث لا قيمة للمواطن

الضمان الإجتماعي
هل مررت قارئي العزيز بفرع من فروع الضمان الاجتماعي في لبنان؟ وهل حملت الأكياس والأوراق ووقفت في الصف تتوسل الموظف كما كان حالنا خلال الحرب الاهلية حين كنا نتوسل المسلحين على الحواجز؟ هنا تجربة يومية ..

من المستحسن على المسؤولين اللبنانيين زيارة هذا المرفق الحيويّ، أي مركز الضمان الاجتماعي، ليطلعوا مباشرة على ما يحصل في داخله بحق المواطنين إن لم يكونوا ممن حظوا بهذا الشرف. ليس لسوء معاملة أدبية أو أخلاقية، بل لمعاينة صفوف المواطنين الذين يصطفون منذ الصباح الباكر جدا أمام مبنى الضمان، حاملين أكياسا صغيرة وكبيرة، ممزقة وبالية. يصطف من المواطنين الكبير والصغير، والعجوز والشاب، الصبية والزوجة، والولد والبنت، ومنهم أيضا المريض والمريضة، والمعوّق والمعوّقة الذين يحتاجون لمن يرافقهم…

إقرأ أيضاً: لبنان يتجه نحو الإنهيار النفسي بعد الإقتصادي والأمنيّ

إنها صورة تستلزم من الإعلام اللبناني إجراء التحقيقات والقيام بتصوير أفلام وتقارير حول المشهد المأساوي لمجتمع خرج شكليّا من الحرب اللبنانية، إلا أنه فعليا لا زال يعيشها في كل شيء إلا ما ندر.

هل نسينا مشهد الصفوف أمام الأفران أو محطات البنزين؟ هل نسينا المواطن الذي ينتظر أمام أبواب المؤسسات الأوروبية والغربيّة بكافة أصنافها من أجل مساعدة ما أو منحة أو ملف طبي ما.. او ذاك الذي يقف أمام الحواجز ذليلا؟

اليوم، ورغم عودة الدولة – شكلا – إلاّ أنها خرجت علينا كعجوز بملابس رثّة… ويا ليتها تهندمت وترتبت، بل هي خرجت علينا بكامل (جيّتها).

البارز في مراكز الضمان هو أمران: الأول الازدحام، والثاني البطء في تسليم المعاملات. فالموظف البارد والهادىء لا يتحرك قبل التاسعة صباحا. كما أنه لا يعمل قبل احتساء فنجان القهوة الذي من المفترض أنه شربه في منزله قبل مجيئه إلى العمل.

الضمان الإجتماعي

ورغم أنه “يتصبّح” بالمواطنين كالمرشح الانتخابي الذي تنتظره الجماهير ليطل عليها، وفيهم من هو أستاذ، او عامل استأذن رب عمله، ومنهم أخذ إجازة لأن “اليوم يوم الضمان الطويل”… إلا أنه يبدو كـ”الوالي” المستبد الذي لا كلمة بعد كلمته.

هذا فيما يتعلّق بالضمان الذي من المفترض أن يكون العمل فيه ممكنن وحديث كما هو حال الشركات والبنوك والمستشفيات. فلماذا هذا الاستهتار بالناس وأوقاتهم وحياتهم… فمسيرة تقديم الأوراق إلى موظف الضمان تستلزم سلسلة إجراءات ما أنزل الله بها من سلطان حيث أنه لكل معاملة شهرية عدة خطوات ووثائق وإثباتات من المفترض أنها متوفرة وموجودة منذ بداية تسجيل العامل أو العاملة في الضمان او ان تكون العملية آلية.

ورغم أنّ فكرة الضمان هي بالأساس خدمة أجتماعية إشتراكية حيث تتكفل الدولة بكافة أبنائها الفقراء منهم أو متوسطي الحال وحتى الأغنياء، كونها تأخذ من الجميع الضرائب، كل بحسب دخله، إلا أنّنا في لبنان بقينا عند نقطة متخلفة، ولم نطوّر هذا النظام الذي هو فكرة عن تلازم الدولة مع الشعب.

فهل ما أصابنا كلبنانيين هو اننا لا زلنا نقف عند ما طرحه الرئيس فؤاد شهاب في ستينيات القرن الماضي؟ وإلى أين وصلنا؟ وكيف يرضى التفتيش المركزي بما نشهده جميعنا؟ ومن هو الذي يتحمل مسؤولية ما يجري؟

ففي تبرير جاهز يقول أحد مسؤولي الضمان لإحدى وسائل الإعلام أن هذا عائد إلى نقص في عدد الموظفين. لكن في إطلالة بسيطة نرى أن فاتورة صحيّة عادية تأخذ سنة ونصف السنة ليسترجع المضمون قيمة ما دفعه مع سلسلة من الوثائق والمستندات تُطلب منه باستمرار نتيجة غياب المكننة وكثرة السرقات والنهب وآخرها حادثة ضمان المصيطبة منذ أعوام قليلة، التي أدت الى إحراق المفسدين لعدد من الملفات لطمس الفساد المستشري هناك.

إقرأ أيضاً: رجال الدين المناهضين لحزب الله.. صنوف وطبقات

فمتى تدخل المكننة المؤسسات الرسميّة ليهرب الفساد من الشباك؟.. ويدخل المستقيمون الى المؤسسة العامة الغنيّة والتي باتت مافيا ماليّة من يدخلها كمن يدخل مغارة علي بابا…

السابق
ما سرّ فتوى «تحشيش»
التالي
مجلس الوزراء لم يتخذ أي قرارات وحرب أعلن اعتكافه