من كثرة انشغالنا بما بعد الموت.. نموت ولا ننتبه

مجلس النواب
في كل الحالات هي حالة اكتئاب تعمّ مجتمعاتنا لأنها ببساطة لم تغادر إلى الآن صوامعها إلا نادراً، واستمرت بملازمة سريرها وقراءة الكتاب نفسه الذي ورثته وأصرّت على معاودة . قرأته مراراً وتكراراً، وكرّست معظم الوقت للتفكير في الموت وما بعد الموت وتأثير ذلك صراحة سيكون أننا نعيش حالة احتضار.

إنّ أفضل وسيلة لحكم البلد والتملّص من المسؤولية هي في إبقاء كرسي الرئاسة شاغراً، بل والتأكد من أن 128 كرسيّا مثبتا لأصحاب السعادة خاوية أيضا وعاطلة عن العمل التشريعي. طبعًا مع الحرص على هشاشة كراسي معالي الوزراء الموقرة أسماؤهم، بحيث لا يأتي منهم وهم جالسين عليها إلاّ الغمّ والهمّ وبأحسن الأحوال صوتاً يصدر من بطونهم يصنّف في العرف على أنّه عمل لكنه في الحقيقة خواء، وقد يكون ناتجا عن غازات يلزمها إخراجا.
لقد فاتهم جميعاً أو ربما هم تغاضوا (لأسباب نجهلها فيزيولوجياً) عن حقيقة أن القهر مرعب سواء أتى من الحكام أو من سلطة الكرسي الممنوحة لهم أو بدونها. فالفوضى نار ستصلي بلهيبها الكلّ بمن فيهم مضرمها.

الدولة تكون قوية بحب الناس ووفائهم لها لأنها تصون مصالحهم

صدق القول إنه حين يخرج الإنسان من خوفه نهائياً لا تعود هناك نهايات في نظره، وسيان عنده إن كان الوضع خطيراً يشبه مرضا عضالاً لا شفاء منه، فالحرب مع الخوف عنده تمسي أشبه بالصّراع مع مرض أطلق عليه بالعربي تسمية “السرطان” تيمناً بسرطان البحر المنتفخة أرجله.

وإن استثنينا الحر(درجة الحرارة المرتفعة) والحرب، وغضضنا الطرف عن القتل والخطف، لوجدنا أنفسنا واقفين حائرين أمام كمّ الأزمات المفتعلة التي يتوالى إسقاطها على رؤوسنا تماماً كالجرف السائر نزولاً إلى الحافة ومنها نحو حتميّة الإنهيار. وقضية إفراغ المؤسسات من شاغليها و تعطيل ما تبقى منها هي مفتعلة ولا يلزمها كثير كلام للإثبات. أما النفايات فملفّ كامل ووجوده مرتبط أصلاً بوجود الكائنات ومنهم الإنسان الذي خلقه الله بأحسن تقويم، هذا من دون إغفال الكهرباء المرتبط حلّها بقصة إبريق الزيت وكذا الماء الشفافة تكشف المستتر وراءها والغاية منها برمجة ما بين الأحداث وملء الفراغ بالفوضى الخلاّقة. لقد سبق تلك الإثارة ما هو أخطر، أبسطها تحريب الإدارة وآخرها التمويه بألوان قوس قزح التي تشبه ألوانه إلى حدّ ما لباس الكلسات الذي يلبسه المهرّج في السيرك .

بلاد التيه توّهت أبناءها وهجّرتهم، والقابضون عليها دوّختهم شهواتهم ومصالح الناس باتت ألعوبتهم يتجاذبونها كفعل القمر بالماء أي كحصول المدّ والجزر .

الكهرباء المرتبط حلّها بقصة إبريق الزيت وكذا الماء الشفافة تكشف المستتر وراءها والغاية منها برمجة ما بين الأحداث وملء الفراغ بالفوضى الخلاّقة

قصة البلد وأبطالها عمل خيالي، والأسماء والشخصيات والوقائع الواردة فيها هي من نتاج مخيّلة المدبّر والمسيطر والمهيمن القهار، وأيّ تطابق في الأسماء الواردة فيها لأحياءٍ مع أسماء أشخاص عرفوا تاريخياً بالأبطال هو محض مصادفة حتى وإن كان لفعلهم أثر أو هم ساهموا في تبديل بعض المواقع وغيّروا في الأحداث.

النفايات

المسألة حلها في عقدتها، والدولة تكون قوية بحب الناس ووفائهم لها لأنها تصون مصالحهم، فتحميها سواعد مموّهة بألوان الأرض وترابها، عمادها المؤسسات العقل والحكمة سبيل تقدّمها والصورة لن تكتمل إلا بزيادة إنتاجها وصناعة تاريخ يضاف إلى ما وصل إلينا من تاريخها. فالدماء المراقة في سبيلها تؤصّل حقّها في الوجود.

السابق
دائماً على قناة «المنار»: غوبلز أو الإمام علي؟
التالي
غداء لحفد: تطويب محليّ وإقليميّ لجان قهوجي رئيساً؟