تقرير «حماس» بذكرى عدوان غزة: خسرنا إقتصاديا وخسروا سياسيا

حرب غزة
تعتبر حرب "العصف المأكول"، وهو الاسم الذي أطلقته حركة حماس على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في شهر تموز/يوليو 2014، والذي سمّاه الاحتلال "الجرف الصامد"، أطول الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، في ذكراه الأولى أصدرت حركة حماس ملفا بعنوان"صاعدون نحو الانتصار" نعرض أبرز ما تضمنه:

في السابع من تموز من العام 2014، شنّت سلطات الاحتلال الصهيوني عدواناً على قطاع غزة سمّته “الجرف الصامد”، تحت ذريعة وقف إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية باتجاه المستوطنات والمدن الصهيونية، وتدمير الأنفاق التي تمتد من حدود قطاع غزة إلى داخل المستوطنات المتاخمة للقطاع.

تصدّت المقاومة الفلسطينية للعدوان الصهيوني، الذي استمر 51 يوماً، بمعركة سمّتها “العصف المأكول”، استطاعت خلالها إلحاق هزيمة فادحة بالكيان الصهيوني على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية. اعتبر بعدها الكثير من ساسة الاحتلال الإسرائيلي أن الكيان أصبح أمام “خطر وجود” حقيقي، وكان أبرزهم ‏”عوزي لاندو” وزير السياحة الإسرائيلي، الذي قال “خسرنا معركة استراتيجية أمام قطاع غزة‎”، ورئيس الموساد الإسرائيلي السابق مائير دغان الذي صرّح “إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فشل فشلاً مدوياً في غزة”.

استشهاد حوالي 2200 فلسطيني، منهم ستون عائلة أبيدت بشكل كامل، فيما أصيب حوالي 11150 آخرين بجراح مختلفة، فضلاً عن تدمير وتضرر حوالي 50000 منزل سكني..

وتسببت هذه الحرب باستشهاد حوالي 2200 فلسطيني، منهم ستون عائلة أبيدت بشكل كامل، فيما أصيب حوالي 11150 آخرين بجراح مختلفة، فضلاً عن تدمير وتضرر حوالي 50000 مبنى في القطاع.

وحسب بيانات إسرائيلية رسمية، فإن 64 عسكرياً و3 مدنيين إسرائيليين قُتلوا، وأصيب 1008 آخرون بينهم 651 عسكرياً و357 مدنياً. بينما تقول “كتائب عز الدين القسام” إن مجاهديها وحدهم قتلوا 161 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً وأسروا آخر.

الجيش الصهيوني استدعى عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، والتكلفة اليومية لكل جندي تزيد عن 600 شيكل

أمّا اقتصادياً، فقد أدّى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة إلى خسائر كبيرة في الاقتصاد والسياحة والإنتاج. فمعركة “العصف المأكول”، استهدفت المطارات والمدن الفلسطينية المحتلة عام 1948، فتعطلت السياحة، وتراجع الاستثمار، وتضررت الميزانية الإسرائيلية بازدياد التكاليف العسكرية، فتراجع النموّ الاقتصادي بعدما تعطّل الإنتاج.

الجيش الصهيوني استدعى عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، والتكلفة اليومية لكل جندي تزيد عن 600 شيكل (الدولار=3.8 شيكل)، إضافة للاستخدام الواسع لمنظومة “القبة الحديدية”، إذ تقدر تكلفة كل صاروخ بـ120 ألف دولار.

وقدرت صحيفة “إيديعوت أحرونوت” العبرية الكلفة اليومية للجيش الصهيوني خلال العدوان، وفق مصادر أمنية، بـ43 مليون دولار، وذلك لا يشمل تزويد الجيش بمخرون أسلحة متجدد. كما تراجعت نسبة السياحة بـ 75 %، والأضرار اليومية للسوق الإسرائيلية بـ 28.5 مليون دولار تقريباً، وتراجع في الصناعة.

أما التعويضات نتيجة الأضرار جراء سقوط القذائف فتقدر بحوالي 80 مليون دولار، تقلص النمو في السوق بنحو 0.4 في المئة. وفي استطلاع جرى في اسرائيل بيّن أن “25% من أصحاب المهن والورش الصغيرة يفكرون بإغلاقها، و 44% دخلوا الإفلاس، نتيجة الحرب”، وذلك حسب القناة العاشرة الإسرائيلية.

على المستوى الإسرائيلي الداخلي، أدت الحرب على غزة إلى خلق توترات وصراعات كثيرة داخل الحكومة والأحزاب

الصمود الفلسطيني الذي مثّلته “كتائب القسام” دفع قادة الاحتلال والإعلاميين الصهاينة للاعتراف بتفوّق حماس وهزيمة الاحتلال. فقد اختلفت حرب “العصف المأكول” عن غيرها من الحروب العربية – الإسرائيلية، فهي جرت فوق الأرض الفلسطينية، داخل ما يسمّى حدود الكيان الصهيوني، وهي الأطول إذ استمرت 51 يوماً، وهي الأعنف من حيث شدّة القصف وعنفه والأسلحة المستخدمة، إذ ألقى الاحتلال الإسرائيلي حوالي 20 ألف طن من المتفجرات، ما يوازي ست قنابل نووية، واستخدم أكثر من 75 ألف جندي ومئات الطائرات والدبابات.

خلال قراءة موضوعية، نستطيع القول إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كان ضخماً وعنيفاً ومؤلماً، وإن الاحتلال استخدم أهم عناصر القوة لديه، وأشدّ وسائل التدمير والقتل والإبادة، التي لم توفر الأطفال على الشاطئ “4 أطفال من عائلة بكر في 16-7-2014″، أو في الملاعب “8 أطفال في حديقة يوم 28-7-2014 أول أيام العيد”.

لكن في السياسة، ومن خلال مراجعة أهداف العدوان الإسرائيلي، فإن الحكومة الصهيونية فشلت في تحقيق ما أعلنته وشدّدت عليه من أهداف، مثل: تدمير الأنفاق وترسانة الأسلحة الصاروخية، وتطويع إرادة غزة،وضرب المقاومة، وتوفير الأمن للمستوطنين.

فقد بقيت حماس تستخدم الأنفاق بكفاءة طوال الحرب، وأعادت ترميم ما تهدّم، وأنشأت أنفاقاً جديدة، وظلّت وتيرة إطلاق الصواريخ محافظة على مستوياتها، بعد أن أطلقت حماس ما يقارب 7000 صاروخ خلال المعركة. ولم تستطع الحكومة الصهيونية طمأنة المستوطنين في جوار غزة، وهم يشاهدون حماس تشقّ الطرقات في محاذاة المستوطنات، وهم يسببون القلق لحكومتهم من كثرة الشكاوى عن سماعهم أصوات حفر الأنفاق.

سياسياً.. وقف الفلسطينيون في الداخل والخارج إلى جانب حماس، وتوحدوا في دعم المقاومة، واستطاعت حماس استثمار العدوان سياسياً، فأصرّت على تشكيل وفد فلسطيني مشترك للذهاب إلى القاهرة لمفاوضة الاحتلال بشكل غير مباشر.

وعملت أطراف إقليمية مثل إيران وحزب الله على تفعيل تواصلها مع حماس بعد تراجع.. واضطرت السلطات المصرية لاستقبال وفد من حماس رغم كل ما أصدرته من اتهامات بحق الحركة.

حرب غزة

ومع توقّف العدوان، سارعت أطراف دولية وإقليمية إلى الاتصال بحماس، والتحاور معها من أجل التوصل إلى هدنة متوسطة المدى، وسط اعتراف دولي وإسرائيلي بفشل العدوان، واستحالة الحلّ العسكري، وصعوبة القضاء على حماس.

وأصبحت تصريحات الجنرال الإسرائيلي شلومو ترجمان، قائد “الجبهة الجنوبية”، التي قال فيها إنه “لا بديل عن حماس”، وتصريحات الجنرال يوآف هار إيفين رئيس شعبة العمليات في جيش الذي قال إنه “لا حلّ عسكرياً في غزة”، بمثابة اعتراف سياسي عسكري صهيوني على مستوى رفيع بفشل عدوان 2014، وهو يعبّر عن تحوّل، ويفتح الباب أمام طريقة أخرى للتعامل مع قطاع غزة.

على المستوى الإسرائيلي الداخلي، أدت الحرب على غزة إلى خلق توترات وصراعات كثيرة داخل الحكومة والأحزاب.

أما على مستوى الأمّة، فإن نتائج الحرب الأخيرة غزة أكدت على دور حماس في الأمّة، وعلى مكانتها الشعبية والسياسية، وعلى عدالة مشروعها، وظهرت القضية الفلسطينية مجدداً أنها قضية الأمّة المركزية، وعادت حماس لتدخل صلب المجتمعات والمحافل السياسية التي خاصمتها في الفترة الأخيرة..

السابق
فنيش: نحن مع التيار الوطني الحر وندعمه ولا نقاش في ذلك
التالي
عاتب على الله: في هذيان المظلومين