اعتداءات تشوّه أجمل غابات عكار

لم تفلح كل الجهود التي بذلت على أكثر من صعيد في اتخاذ خطوات عملانية من شأنها وقف التعديات المتكررة على غابات عكار الفريدة من نوعها، في كل منطقة المتوسط. وعلى الرغم من تفاؤل العكاريين بقرار وزير الزراعة أكرم شهيب تشكيل «لجنة وطنية لحماية وادارة غابة القموعة من الاعتداءات المستمرة وعمليات القطع العشوائي»، والتي جاءت بعد سلسلة مناشدات، الا أن هذا القرار بقي حبرا على ورق مع عدم تمكن محافظ عكار عماد لبكي من تحريك المياه الراكدة في بركة التعديات، أو أقله جمع المتخاصمين المتسببين بها حول نقاط مشتركة أساسية.
أدى الواقع المذكور الى ضرب قرار شهيب عرض الحائط، وذلك مع استمرار التعديات وتوسعها بشكل لافت لتطال غابات الشوح، واللزاب والعرعر والعذر والأرز النادرة في منطقة القموعة، وسط غياب إدارات المحافظة والسلطة المحلية المتمثلة بالبلديات واتحادات المنطقة، بالإضافة الى عدم اكتراث القوى الأمنية بما يجري من انتهاكات، وغض نظر من قبل المرجعيات السياسية في عكار.
وفي الوقت الذي تقف فيه القموعة بأشجارها التي يناهز عمرها الألفي سنة، بحسب البيئيين، حائرة في الصراع بين أهلها وأبنائها المتنازعين على ملكيتها، يستغل البعض الخلاف العقاري للتمادي بالاعتداءات من دون أي رادع. وهو ما يؤكد مجددا على أن حماية غابات المنطقة يتطلب تنفيذ أكثر من خطوة، لعل أهمها تضافر جهود الوزارات المعنية ووضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتهم، من وزارات الزراعة، والبيئة، والدفاع، والداخلية والبلديات، والعدل، إضافة الى إشراك المجتمع المحلي المتمثل بالبلديات.

تشوّه التعديات أجمل غابات عكار
تشوّه التعديات أجمل غابات عكار

تغيير ملامح المنطقة
أصبح واضحاً أن الاعتداءات أسفرت على مدار الأعوام الماضية الى تغيير ملامح المنطقة الى حد كبير، فتم تحويل سهلة القموعة التي كانت تغمرها الثلوج والمياه طيلة أيام السنة الى مرعى للحيوانات، كما عبثت يد الانسان في المنطقة وأدت الى الكثير من التلوث جراء رمي النفايات ومخلفات الزوار، الذين يقصدون المنطقة للاستجمام. وانقرضت العديد من الحيوانات والنباتات النادرة بسبب التعديات المستمرة والرعي الجائر.
وتتربع القموعة فوق القرى العكارية، إذ تتدرج في الارتفاع من 1500 متر حتى 1700 متر عند سهلة القموعة الفريدة من نوعها في حوض المتوسط، وهي مزنرة بمجموعة من التلال والهضاب التي تلفها بشكل شبه دائري. تغطيها الثلوج شتاء، بينما تتحول إلى بحيرة طبيعية في الربيع، حيث كان يصل ارتفاع المياه فيها الى أربعة أمتار. وتتشكل المياه بفعل ذوبان الثلوج التي تغطي المرتفعات المحيطة بها، وأبرزها تلة قلعة عروبا التي يصل ارتفاعها إلى 2300 متر، وهي خزان مائي لقضاء عكار بأكمله، تنبع منه الأنهر الرئيسية في المنطقة (نهر موسى، والنهر الكبير الجنوبي، والاسطوان).
محمية طبيعية
يشدد رئيس «مجلس البيئة في عكار ـ القبيات» الدكتور أنطوان ضاهر على ضرورة التحرك لاعلان القموعة محمية طبيعية لوقف التعديات عليها، مؤكدا أن «أعمال القطع في تزايد مستمر، وهي بدأت تطال آثار المنطقة وصخورها النادرة، حيث يلجأ البعض الى استقدام آليات والدخول بها الى عمق الغابة فيتم اقتلاع الأشجار منعا لترك دليل على أعمال القطع، كما يتم نقل الصخور المنحوتة بشكل طبيعي، والتي تضم نقوشا ورموزا دينية عن الشعوب التي مرت في المنطقة».

(السفير)

السابق
بطولة العالم لسيارات الـ «فورمولا وان»: هاميلتون وروزبرغ يمنحان «مرسيدس» الثنائية السادسة
التالي
اوروبا ما بين التشدد والترقب تجاه اثينا بعد الاستفتاء