قانون المعوقين، الصادر قبل 15 عاماً، لا يزال يحتاج الى مراسيم تنظيمية. إنها لمفارقة لا بل إنها لعادة في القاموس اللبناني. فإما لا تصدر قوانين ملحة للواقع اللبناني، وإما لا تطبّق بسبب غياب القرار السياسي او انعدام آلية التنفيذ التي تتجلّى بالمراسيم التنظيمية.
حالُ قانون المعوقين كغيره من القوانين اللبنانية الكثيرة، وربما لهذه الغاية شكلت لجنة متابعة تنفيذ القوانين في مجلس النواب التي لم تنجح حتى الآن سوى في حث الحكومة على التعجيل في التطبيق. انما الحكومة، “المترّنحة” اصلا بين الانعقاد وعدمه، تصطدم بعقبة تلو الاخرى حتى تكاد قائمة المطالب تطول ولا تنتهي!
في قانون المعاقين، لفت رئيس لجنة حقوق الانسان النائب ميشال موسى، قبل نحو اسبوعين، الى ان القانون لا يزال يحتاج الى مراسيم تنظيمية. وهو خصص جلسة للجنة حقوق الانسان لرفع توصية جديدة الى الحكومة يذكرّ فيها بأهمية المراسيم.
يشرح موسى لـ”النهار” انه “في عام 2000، ويوم كان وزيراً للشؤون الاجتماعية، اعد اقتراح قانون المعوقين الذي حدد سلسلة حقوق للمعاق، وعلى أكثر من مستوى. انما مذذاك لم تصدر كل المراسيم المتعلقة بالقانون والتي هي من صلاحية الحكومة”.
المعلوم ان هذا القانون يهدف بدرجة اولى الى “دمج المعاق في المجتمع”، وهو حدّد سلسلة حقوق ابرزها “الحق في الحصول على الخدمات الصحية وإعادة التأهيل، حق المعاق ببيئة مؤهلة، حقه في التنقل والمواقف ورخص السوق، حقه في السكن، في التعليم والرياضة، في العمل والتوظيف والتقدمات الاجتماعية”.
والمهم ايضاً ان القانون لم يغفل “الأصول الخاصة للعمليات الانتخابية”، بحيث ينبغي ان “تؤخذ في الاعتبار حاجات الأشخاص المعاقين عند تنظيم العمليات الانتخابية من نيابية وبلدية وغيرها”.
ولهذه الغاية، صدر المرسوم الرقم 2214/2009 المتعلق بالإجراءات والتدابير المتعلقة بتسهيل مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في الانتخابات النيابية والبلدية والتي أجريت عامها.
وفي نص القانون، خصص باب “للحقوق الاخرى التي تتعلق بالإعفاءات الضريبية الخاصّة، فضلا عن بطاقة المعاق الشخصية”.
وزارات عدة ونقص
اليوم، ما ينقص القانون عدد من المراسيم التنظيمية. يوضح موسى: “القانون يتعلق بعدد من الوزارات، كالمال والاشغال والداخلية والعمل والتربية وغيرها. لذلك، ومنعاً لاي اشكالية في التطبيق، ومنعاً لتضارب المسؤوليات او ضياعها كما يحصل عادة، لا بد من صدور مراسيم تطبيقية لمرة واحدة، تعطي القانون قابلية للتنفيذ، لئلا تضيع المسؤوليات بين وزارة واخرى”.
واذا كانت هذه المشكلة تتناقلها الحكومات منذ 15 عاماً، فان الواقع اليوم يعتبر اكثر صعوبة، لكون الحكومة الحالية أمام اكثر من باب للعرقلة والتعطيل.
وعن النواحي التي تعتبر معلّقة بسبب عدم صدور المراسيم التنظيمية، يجيب موسى: ” نسبة التوظيف التي ينبغي ان تكون 3 في المئة في المؤسسات العامة والخاصة، وتأهيل البنى التحتية”.
وكالعادة، وبسبب اهمال الدولة، يتقدّم دور المؤسسات المدنية كبديل. وفي هذا الاطار يأتي دور “مرصد حقوق المعاقين” ليرصد الانتهاكات، وخصوصا انه يتعاون مع ” اتحاد المقعدين اللبنانيين” والمفكرة القانونية ومنظمة “دياكونيا”، فيصدر تقارير دورية عن الانتهاكات.
واللافت ان في تقرير عام الـ2014، احتل العمل اعلى نسبة من الشكاوى، تلاها عدم توافر البيئة المؤهلة وبعده النقص في الخدمات الصحية.
واذا كان الدستور يساوي بين جميع المواطنين، فضلا عن الاتفاقات الدولية التي وقعها لبنان، فلم يعد مطلوباً سوى القليل لتكتمل عملية اندماج المعاق في مجتمعه. وإلا من المؤكد ان ثمة قطبة مخفية وراء الاهمال المستمر. ألم تكف 15 عاماً حتى تتوافر النية عند احدى الحكومات المتعاقبة فتصدر المراسيم المطلوبة؟!
(النهار)