العلمانية ليست ملحدة ولا مؤمنة

حسن مشيمش

العلمانية فلسفة سياسية سهلة يسيرة واضحة تقول لليهود ممنوع عليكم إقامة دولة يهودية دينية باسم التوراة وممنوع على المسيحيين إقامة دولة دينية باسم الإنجيل وممنوع على المسلمين إقامة دولة دينية باسم القرآن إن محرمات التوراة والإنجيل والقرآن يمكن أن تكون ممنوعات في قوانين الدولة وليس محرمات وإن فضاء المجتمع مفتوح لأتباع الديانات لكي يهدوا الناس إلى قيمها.

نعم يوجد في الشريعة محرمات وواجبات سياسية وقضائية واقتصادية لكنها محدودة

والدولة العلمانية من واجباتها أن تحمي حرية المعتقدات الدينية وممارسات الشعائر الدينية وطقوسها ومناسكها كل ذلك من أجل أن لا تزعم الدولة أي رجال الدولة بأنهم يمثلون الدين في الدولة وليس الشعب وحتى لا تزعم الدولة أي رجال الدولة بأن دولتهم هي دولة الله؟

الشيخ حسن مشيمش

الدولة إما أن تمثل الشعب وإما أن تمثل الله فالعلمانيون يعتقدون بأن الدولة تمثل الشعب لا الله سبحانه وتعالى والدينييون يعتقدون بأن الدولة فريضة دينية وبالتالي تمثل الله لا الشعب وتحكم بما أنزل الله لا بما أنزل الشعب وإن معادلة الدينيين ليست كاملة ولا تامة لأن الله لم يُنْزِل نصوصاً كشف لنا بها كيف نبني الدولة ولم يفرض علينا بنصوص أن نبني له دولة كما فرض علينا أن نصلي ونصوم لأن الله لم يفرض علينا أن نبني دولة ونسميها بعد ذلك بدولة الله أو دولة الدين، لأنه لم ينزل الله نصوصا كافية لسد حاجات الدولة من القوانين ولم ينزل الله نصوصا فيها نظام سياسي أو نظام اقتصادي أو نظام قضائي.

نعم يوجد في الشريعة محرمات وواجبات سياسية وقضائية واقتصادية لكنها محدودة جدا لا يصح بناء عليها أن نبني دولة باسمها إن الدولة بحاجة لآلاف القوانين وبحاجة لأنظمة ودساتير وهذه ليست موجودة في نصوص الشريعة لأن الشريعة ليس من وظيفتها أن توفر ما تحتاجه الدولة إن الدولة فكرة انسانية بشرية (تدبيرية) وليست فكرة عبادية دينية إنها متطورة بتطور الحياة ونصوص القرآن ونصوص الدين ليس فيها ما يبني دولة وهذا من بديهيات الدين عند أهل المعرفة والبصيرة وأقول للأخت فاطمة التي تعيش في ألمانيا هل ألمانيا منعتك يوما من أداء واجب؟

هل فرضت عليك أن ترتكبي حراما؟ فماذا يريد الله من الدولة سوى ذلك أي سوى أن لا تفرض عليك الدولة أن ترتكبي حراما وأن تمتنعي عن أداء واجب؟ إن كل دولة حبيبة لله إن لم تفرض على الإنسان أن يرتكب حراما وأن يمتنع عن أداء واجب..

السابق
تامر حسني يعيّن سفيراً لخدمات نقل الدم القومية
التالي
الأسد ينتظر جائزته من الصفقة الأمريكية- الإيرانية