أميركا وروسيا تديران الحروب ولا تستعجلان الحلول

أميركا روسيا
بين عجز الخارجية الأميركية عن تأكيد إرسال إيران لنحو سبعة آلاف مقاتل من الحرس الثوري والحشد الشعبي العراقي للدفاع عن دمشق، وتأكيدات أوساط عسكرية أميركية ان الوضع العراقي مقلق جدًا، تبدو عملية "الشد والإرخاء" على أشدّها بين الأميركيين والإيرانيين عشية التوصل الى إتفاق نهائي في الملف النووي.

كان لافتًا عقد جلستين مغلقتين في مجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضعين السوري واليمني يوم أمس الاول. وفيما لم تتسرب انباء كثيرة عما دار في الجلسة المخصصة لسوريا، برز “التصعيد” الروسي المدروس والمقنن ضد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ممّا أثار تكهنات بأن مقايضة صامتة يجري الإعداد لها من اجل ضبط مفاعيل التطورات الميدانية الجارية في سوريا بالتنسيق مع إيران، خصوصا مع اعلان الرياض ان “المسّ” بأمن عرسال هو خط احمر ايضا، وارتباط المعركة فيها مع السعي لرسم خطوط “الدويلة” التي ستقيمها طهران.

كما سرّبت أوساط أميركية ان المفاوضات مع إيران تناولت للمرة الاولى ملفات إقليمية عدة، على رغم تذكير الخارجية الأميركية بالعقوبات التي فرضتها واشنطن على الحرس الثوري الإيراني، في معرض توجيه “الإنتقاد” لمحاولات إيران تحسين الوضع الميداني للنظام السوري، سواء عبر الدفاع عن دمشق وتحصين الشريط الممتد منها وصولا الى ساحل اللاذقية مرورا بجبال القلمون، او عبر إرسال الآف المقاتلين لإستعادة مدينة إدلب وجوارها من ايدي المعارضة.

فاذا كان التوصل الى إتفاق نووي هو القدر المتوقع نهاية الشهر الحالي او ما بعده قليلا، فلا بد لهذا التوقيع من ان يتم وفق ميزان للقوى، لا يضمن الحفاظ على النظام السوري، بقدر ما من شأنه أن يضمن حصة إيران ودورها وموقعها في المعادلة السياسية المقبلة عليها المنطقة.
تقول أوساط عسكرية أميركية إن استعمال ورقة “داعش” بالشكل الذي جرى فيه من الرمادي في العراق الى تدمر في سوريا، أظهر بشكل واضح الدور الإيراني الذي سعى الى خلط اوراق لفرض امر واقع على واشنطن، للقبول بها كشريك في الحرب ضد الارهاب، وللظهور بمظهر الممسك بالعدد الأكبر من الأوراق الإقليمية قبيل توقيع الإتفاق النووي.

الاتفاق النووي
وتكشف تلك الأوساط عن حركة “نزوح” لمجندي الجيش العراقي الى ميليشيات الحشد الشعبي، انضم عدد كبير منهم الى ميليشيات مقتدى الصدر وكتائب حزب الله، حيث الرواتب والحوافز المادية أكثر إغراء.

فاذا كان التوصل الى إتفاق نووي هو القدر المتوقع نهاية الشهر الحالي، فلا بد من ان يتم وفق ميزان للقوى

وتعتقد تلك الأوساط ان عملية النزوح هذه تجري بدفع ورعاية مباشرة من إيران، الامر الذي ينذر بتمدده الى مفاصل المؤسسات الحكومية الاخرى، وبالتالي يهدد بفرط الحكومة والدولة العراقية مجددا. وبحسب تلك الاوساط فإن السيناريو الجاري تنفيذه في كل من العراق وسوريا، يظهر أن إيران تستعد حثيثا لمرحلة جديدة من الصراع، يقوم على إنهاء “الكيانات” الرسمية في هذين البلدين، لمصلحة “تقسيم” عملي.
وهو ما يجري ايضا في اليمن مع معاودة طهران تسليم شحنات الاسلحة والمساعدات الى مسلحي الحوثيين وجماعة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، استعدادا لحرب طويلة في هذا البلد.
وتتحدث تلك الأوساط عن نقاش جدي تجريه الدوائر العسكرية والسياسية الأميركية عن جدوى التمسك بالأهداف التي وضعت بعد الاعلان عن قيام التحالف الدولي ضد داعش صيف العام الماضي والنتائج الهزيلة المتحققة، في الوقت الذي تتمسك فيه واشنطن بسياسة “النأي بالنفس” من التدخل بشكل مباشر في تلك الحروب، وإنكشاف الكثير من خطط التلاعب بورقة داعش، ما أجبر طهران على تغيير خططها الميدانية، ودفعها نحو التورط بشكل مباشر في تلك الجبهات، بعدما إستنفذ سلاح “داعش” أهدافه في هذا المجال.

الرياض: ان “المسّ” بأمن عرسال هو خط احمر ايضا

وخلافا لما يجري التلويح به من ان لحظة التسويات قد اقتربت وخصوصا في سوريا، لا تبدو الإدارة الأميركية مأخوذة بهذا الإحتمال، بعدما تبين ان الحوار الأميركي – الروسي أنتج تفاهما على عزل الإنعكاسات السلبية المتوقعة من تفلت النزاع الاقليمي بين الاطراف المتورطة فيه، وعلى محاولة رعاية الانقسام والتقسيم المديد، طالما ان تلك الاطراف تظهر إرادة “صلبة” في إنزال الهزيمة ببعضها البعض تحت شعارات ومسميات مختلفة، سواء دفاعا عن “دولة الخلافة” او عن “ولاية الفقيه” او احياءً لإمبراطوريات لا مجال تاريخيا لتكراها مجددا.

السابق
الحكومة وكلت الجيش بعرسال.. حزب الله خسر المعركة السياسية والإعلامية
التالي
جون كيربي: «داعش» خطير وسيسيطر على أراض جديدة