إذا صح خبر اللبنانيين بتدمر: ميشال عون باع جنوده مرتين

ميشال عون
انتشر صباح اليوم خبر تحرير 27 لبنانياً من المعتقلين في سجن تدمر في سوريا عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي في لبنان، بعد تغريدة على أحد المواقع التابعة لتنظيم داعش. وانتشر هذا الخبر بعدما تمكنّ تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة على مدينة تدمر بعد معارك شديدة جرت مع النظام السوري. فكيف سيبرر عون تنصله لقضية المخطوفين والمعتقلين بعد تحالفه مع نظام الأسد؟

خبر تحرير المعتقلين اللبنانيين من سجن تدمر وبالرغم من عدم تأكيده حتى الآن، أعاد بريق الأمل إلى قلوب الامهات التي جفّت دموعهن من كثرة الإنتظار إلاّ أنّ أملهنّ وسعيهن في المطالبة بالكشف عن مصير أبنائهن لم يستكين يوماً على الرغم من مرور عقود على الإعتقال، وعلى الرغم من الإنكار المتكرر للنظام السوري بعدم بقاء لبنانيين في سجونه، إضافة إلى تواطؤ بعض الزعماء اللبنانيين والحكومات المتعاقبة بعدم العمل بجدية للكشف عن مصير اللبنانيين المفقودين من لبنان في عهد الوصاية السورية ومنذ بداية الحرب الأهلية.

ولعلّ أبرز الزعماء اللبنانيين الذي نسي القضية وتواطأ مع من نكلّ واغتصب أرضه وقتل واعتقل أبناء بلده إن لم نقل أبناء طائفته، والذي يجهر دائما بالمحافظة على مصالحهم، هو الجنرال ميشال عون حامل شعار الدفاع عن حقوق المسيحيين.

فخلال سنوات نفيه الباريسية وفي مقابلاته وتصاريحه الموثقة ساند العماد عون بقوة واندفاع قضية المخطوفين والمعتقلين في السجون السورية، وكان يصر باستمرار على ضرورة تشكيل لجنة دولية حيادية للتحقيق في الأمر، معتبراً أن هذه الجرائم هي ضد الانسانية ولا يشملها أي قانون عفو.

وفي الوقت نفسه كان يُحمِّل السلطات السورية مسؤولية أعمال الاعتقال والاختفاء، ويلصق بجميع الحكومات اللبنانية خلال حقبة الاحتلال السوري مسؤولية التستر على المجرمين الحقيقيين.

وقد نشر في جريدة «النهار» بتاريخ 20 كانون الأول من العام 2000 تصريح للعماد عون يقول فيه:«أما العسكريون المتمركزون في موقع دير القلعة – بيت مري والذين كانوا يتبعون اللواء العاشر فلم يقتل أي منهم خلال المعركة مع السوريين وكذلك الراهبان الأنطونيان (البير شرفان وشربل أبو خليل) اللذان شاهدهما الأهالي وتحدثوا معهما بعد هدوء المعارك، لكن الجيش السوري لم يتعامل معهم كجيش صديق بل أسر العسكريين اللبنانيين والرهبان».

وفي عام 2005 وبعد انطلاق شرارة ثورة الأرز التي أنهت الوصاية السورية وأخرجت الجيش السوري من لبنان، عاد عون تحت لواء ثورة الإستقلال إلى لبنان، إلاّ أنّه تحالف مع النظام السوري الذي لطالما وصفه بالمحتل، وانقلب على جميع مواقفه السابقة ولعّل أبرزها موقفه من قضية المعتقلين اللبنانيين في أقبية سجون النظام الأسدي.

ففي 21/7/2008 وبعد اجتماع كتلته النيابية برئاسته، بعد زيارته لسوريا، شدد العماد عون في تصريحه وحديثه مع الصحافيين وكذلك في البيان الرسمي على مسمى «المفقودين» وكرره 9 مرات، ولم يستعمل المسمى الحقيقي «المخطوفين والمعتقلين في السجون السورية» ولو مرة واحدة، وهنا تراجع واضح لموقف عون في تحميل النظام السوري مسؤولية اختفاء آلاف اللبنانيين بينهم عناصر في الجيش اللبناني الذي كان عون يوماً ما قائداً له، إضافة إلى لبنانيين من جميع المناطق والأطياف اللبنانية.

المفقودينوفي الأول من كانون الأول من العام 2008، وبعد هجوم على عون بسبب زيارته الأراضي السورية للقاء الأسد، من دون أن يأتي بجواب لأهالي المعتقلين قال عون في تصريح له : « أذهب الى سوريا ورأسي مرفوع، وحين انتهت الخصومة تحوّلت الى صديق وقضية المعتقلين في السجون السورية ليست مسؤوليتي وأنا لست ذاهباً لدراسة ملفات فهذا من عمل الحكومة».

وتابع عون قد يكون اللبنانيون بحاجة إلى تذكير عن كيفية فقدان المفقودي، مشيراً إلى انّه علم بفقدان عسكريين بعد أن سلم القيادة إلى العماد لحود ووصل إلى مرسيليا.

واشار عون إلى أنّ الوحدات العسكرية تحصي المفقودين فيها والشهداء في اللحظة ذاتها ودير القلعة ليست غابة الأمازون ليستحيل البحث فيها، واللجنة البرلمانية التي أنشئت خلال فترة إبعاده لم تتابع عملها إضافة إلى مسؤولين كثر عن الموضوع ما يعني أن المسؤولية تقع على عاتق كثيرين وليس عليه ولا على السوريين.

إذاً هذا التنصل من المسؤوليات من قبل عون الذي يعلن مراراً وتكراراً أنه يدافاع عن حقوق المسيحيين. إضافة إلى تحالفه مع من يستمر بنكر وجود لبنانيين في سجونه المصنفة بأسوأ السجون في العالم، يعني تبني واضح لمواقف من يستمر بتعذيب لبنانيين اعتقلوا ظلماً، والإشتراك بحرقة قلوب أمهات وأباء إما ماتوا وهم ينتظرون عودة أبنائهم أو يعيشون على أمل خبر يصلهم من أي سجين محرر من هذه السجون. فكيف سيواجه من يحلم بقصر بعبدا اهالي المعتقلين والمخطوفين اللبنانيين بعد أن خان قضيتهم من أجل مصالحه الخاصة عندما يعود المعتقلين إلى ربوع الوطن؟

السابق
تهجير عرسال تمهيدا لدولة الساحل؟
التالي
«سجناء تدمر» قنبلة دعائية تفجّر الشكوك فضيحة مالية تُسابق عرسال في مجلس الوزراء