ملف حزب الله (5): «سرايا المقاومة» وأكبر أدوارها في صيدا

سرايا المقاومة صيدا
«سرايا المقاومة» هي من أهمّ مؤسسات حزب الله، وهي منتشرة من العديد من المناطق اللبنانية، معظم عناصرها لا ينتمون إلى الطائفة الشيعية. والدور الأكبر للسرايا هو في صيدا، حيث استطاع الحزب من خلالها أن يفرض مجموعات أمنية داخل المدينة تأتمر بأمرته.

في أواخر القرن الماضي أنشأ حزب الله إطاراً يضم عناصر مؤيدة لخطه، لكن لا تتوفر فيها الشروط لتكون أعضاء فاعلة في جسمه الحزبي، بحسب تعبير أحد المشرفين على “سرايا المقاومة”.

ينتمي عناصرها إلى طوائف شيعية وغير شيعية، وأطلق على هذا الإطار إسم “سرايا المقاومة” وراحت تتمركز وحداتها في مناطق ذات تنوع طائفي ومذهبي. جمعت “السرايا” عناصر من تنظيمات لبنانية مختلفة وبقايا المقاومة الفلسطينية وعناصر مرتبطة بالأجهزة الأمنية تلتقي مع حزب الله في الاتجاهات العامة. وقد نالت خلال الأعوام الماضية مساعدات مالية ضخمة من الحزب.

إقرأ أيضاً: ملف حزب الله (4): الهيئات النسائيّة لتخريج «الزينبيات»

وتعمل “السرايا” أكثر ما تعمل بين صيدا، حيث “بوابة الجنوب”، وبين بيروت حيث تقطن تجمعات سكانية مختلطة من شيعة ودروز ومسيحيين ومسلمين سنّة يرغب شباب عاطل عن العمل منهم بالاستقواء وحمل السلاح. وصيتها أنّها مليئة بـ”الزعران”، الذين يريدون سندا قويا ويريدهم حزب الله في صفوفه بدل أن يكونوا خارجين عليه.

في صيدا، وخلال شهر يونيو\حزيران 2014 أعلن الشاب الصيداوي (غ.و.) المعروف بإسم جيفارا، إنشقاقه عن التنظيم الشعبي الناصري مع مجموعة من العناصر في منطقة تعمير مخيم عين الحلوة والتحاقه بسرايا المقاومة.

بدا واضحاً وبعد سنوات من العلاقات مع قوى سياسية مختلفة في مدينة صيدا، أن لا قدرة ولا إمكانية لحزب الله للإمساك سياسياً بالمدينة، ولم يعد له خيار سوى الإمساك الأمني.

حاول حزب الله عبر عدد من المشايخ ففشل، وعبر عدد من المجموعات ذات الاستقلالية النسبية فلم يحقق نجاحاً، وعبر العلاقة مع التنظيم الشعبي الناصري. لكن للأخير حيثياته المحلية التي تجبره على البقاء على مسافة من سياسة حزب الله وسلوكه وآلية عمله. لذلك لم يعد أمامه سوى الإمساك أمنياً عبر تنظيم مجموعات أمنية عسكرية تتواجد في معظم أحياء المدينة،كي تفرض سيطرتها على الأرض حتى لو أدّى ذلك إلى إثارة البلبلة والمشاكل وافتعال حوادث أمنية متفرقة.

ويبدو أن حزب الله وبعد إزاحة الشيخ أحمد الأسير قبل عامين مع ما مثّله من موقع معارض مسلّح… قد نجح في خطته الأمنية وفرض وجود مجموعات أمنية وشلل شبابية مرفوضة إجتماعياً لكنّها قادرة على منع أي نشاط معارض لها في أي حي من أحياء المدينة.

يقول أحد المشرفين على سرايا المقاومة: “أعرف أنّ معظم عناصر سرايا المقاومة غير قديمة، لكنهم أعلنوا استعدادهم للنضال ضد إسرائيل والتزامهم خط المقاومة، وأعرف أن بعضهم يتعاطى المخدرات وسلوكه سيء إجتماعيا، لكنّنا نسعى لتطوير قناعاتهم ومساعدتهم للسير على الصراط المستقيم”.

والمجموعات بشكل عام موجودة في كل حي، خصوصاً في البلد القديمة حيث تحاول عناصرها السيطرة على مختلف جوانب الحياة وتمنع أي مخالف للرأي لها. وشهدت منطقة الفيلات و”التعمير الوسطى” حوادث اعتداء على مواطنين وما زال في الذاكرة اعتداء عناصر سرايا المقاومة على قوى الأمن الداخلي من دون أن تحظى هذه العناصر بعقوبة مناسبة.

أما في التعمير التحتاني فيشرح الوضع أحد أعضاء التنظيم الشعبي الناصري: “إننا في المنطقة كنا تنظيماً واحداً يضم شباباً من مختلف الطوائف، أتت سرايا المقاومة لتشق صفوفنا وتسحب عناصرنا ذات الانتماء الشيعيِ، ما عزز الإنتماء السنّي للعناصر الأخرى فترك بعضهم التنظيم ليلتحق بتيارات إسلامية أخرى ما أضعف موقع التنظيم، والآن تتحكم مجموعات السرايا بالمنطقة وإذا اختلفنا مع سرايا المقاومة، يقول لنا عناصرها ماذا تفعلون هنا، إذهبوا والتحقوا بمنزل أسامة سعد، لا تبقوا هنا.”

ويشير أحد الصيداويين إلى أن قسما من عناصر السرايا تعمل في مجال بيع كهرباء المولدات الكهربائية. وهذا يسمح لها بجمع المعلومات الأمنية التي تريدها من خلال المشتركين في المولدات”.

هذا التوزيع في الأحياء يسمح لحزب الله توتير الأجواء في أحياء المدينة كافة متى أراد وليس بحاجة إلى تغطية سياسية، بل يمكن التنصل من المسؤولية من أعمال هذه المجموعات متى شاء.

هكذا بات مفضوحا أنّ “السرايا” هي يد حزب الله في الداخل وليست في أي حال من الأحوال يده ضدّ إسرائيل ولا علاقة لها بـ”المقاومة” إطلاقا. ويبدو أنّ رصيدها آخذ في الانكماش بعد انفجار الصراع السني – الشيعي في لبنان والمنطقة.

السابق
واشنطن تبدي قلقها لحكم الاعدام بحق مرسي ورفاقه
التالي
مقتل 4 قياديين و32 عنصرا من داعش في العملية الاميركية في سوريا