المعارضة السورية تضرب «داعش» استعداداً للنظام في حلب

المعارضة السورية

كتبت صحيفة “العربي الجديد ” تقول : تمكّنت قوات المعارضة السورية في حلب، على نحو مفاجئ، من إلحاق هزيمة كبيرة وغير مسبوقة منذ أكثر من عام بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وسيطرت على المنطقة الواقعة جنوب سد الشهباء في ريف حلب الشمالي التي كان “داعش” يسيطر عليها. وحققت قوات المعارضة هذا التقدم بالتزامن مع محاولات النظام المستمرة للتقدم في محيط المدينة الصناعية في منطقة الشيخ نجار القريبة، ليمنحها الأفضلية في قتال قوات النظام شمال حلب.
وشنّت قوات المعارضة، المتمثلة بالجبهة الشامية أكبر فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، فجر يوم الثلاثاء، هجوماً على “داعش” الذي يتمركز في بلدات حساجك والحصية وقول سروج الواقعة جنوب بحيرة الشهباء في ريف حلب الشمالي، لتتمكن من إجبار “داعش” على الانسحاب من المنطقة تحت ضغط القصف المستمر، وبعد مهاجمة نقاطه بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة.

جاء هذا التقدم، في الوقت الذي يحشد فيه النظام المزيد من قواته في المدينة الصناعية في منطقة الشيخ نجار، التي تبعد عن المنطقة التي سيطرت عليها قوات المعارضة أخيراً، أقل من خمسة عشر كيلو متراً جنوباً. ويوضح مصدر في الجبهة الشامية (طلب عدم ذكر اسمه)

لـ”العربي الجديد” أنّ “استخبارات الجبهة الشامية تمكنّت من رصد قوات جديدة تابعة لـ حزب الله اللبناني وقوات النظام، وصلت أخيراً إلى منطقة المدينة الصناعية والمنطقة المقابلة لبلدة كفر صغير في ريف حلب الشمالي”.
ويرى المصدر أنّ حشد قوات النظام الجديد الذي تزامن مع محاولاتها المستمرة للتقدم على حساب المعارضة في منطقة البريج الواقعة إلى الغرب من المدينة الصناعية، هو تحضير لهجوم جديد لقوات النظام ضد قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي، بهدف فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء المواليتين للنظام والمحاصرتين من قبل قوات المعارضة منذ نحو ثلاث سنوات.
وتسيطر قوات النظام شمال حلب على المدينة الصناعية وسجن حلب المركزي وأجزاء من بلدة حندرات وبلدة سيفات كلياً، وبلدة باشكوي التي تعتبر رأس حربة قوات النظام شمال حلب، وتتعرض لهجمات يومية من قبل قوات المعارضة.

وقامت قوات المعارضة في الأيام الأخيرة، بقصف مناطق تمركز قوات النظام في بلدة باشكوي بالصواريخ والقذائف محلية الصنع، كما دُمّرت عدة جرافات ومدرعات تابعة لها في البلدة بصواريخ مضادة للدروع من نوع “تاو” أميركية الصنع.
وتزيد هذه التطورات من احتمال تصاعد الصراع بين قوات النظام وقوات المعارضة شمال حلب مجدداً بعد نحو شهرين ونصف الشهر من الهدوء النسبي الذي تبع الهزيمة الكبيرة التي تلقّتها قوات النظام في بلدتي رتيان وحردتنين شمال حلب، اللتين حاولت قوات النظام السيطرة عليهما بعد منتصف شهر شباط/ فبراير الماضي، لتوقع قوات المعارضة خسائر كبيرة بقوات النظام التي تسلّلت إلى البلدتين، وتعيد السيطرة على منطقة الملاح الاستراتيجية التي كانت تحت سيطرتها.

ويشير تقدّم قوات المعارضة على حساب “داعش” في ريف حلب الشمالي، إلى احتمال تصعيد هجماتها عليه في المنطقة، وإجباره على التراجع أكثر، وتأمين خطوط إمدادها الخلفية في ريف حلب الشمالي، ما يمنحها أفضلية في قتال قوات النظام شمال حلب.

أما في محافظة إدلب، فقد بات ما يميّز قوات المعارضة المسلحة هو التنوع في الخطط الموضوعة قبل المعركة واضحاً بما يشبه “الجيش المنظّم”.
وتتجلى الانتصارات الأخيرة لـ”جيش الفتح” الذي يمثّل اتحاد كبرى فصائل المعارضة في ريف إدلب الجنوبي، في السيطرة على قرية مصيبين، التي تعتبر المفتاح الرئيسي لمعسكر المسطومة ومدينة أريحا، بالإضافة إلى حواجز جبل الأربعين، أبرزها حاجز الفنار، أكبر حواجز النظام في جبل الأربعين، اذ إن مصيبين، بالإضافة لكونها تشرف على طريق المعسكر والمدينة، تعتبر خط الدفاع الأول لأريحا وتقع على الطريق العام الدولي بين اللاذقية وحلب.
اللافت أنّ الثوار بدأوا بتفجير حواجز النظام في جبل الأربعين المطل على مدينة أريحا، ولم تكن وسيلة الاقتحام الاعتيادية هي السبيل الوحيد هذه المرة، بل عمدت فصائل المعارضة إلى حفر نفق بطول 700 متر، استغرق أحد عشر شهراً، وشارك فيه أكثر من مائة عنصر، بما يشير إلى أن المعارضة كانت تخطط على المدى البعيد، ليكون استهداف حاجز الفنار، أكبر حواجز النظام في جبل الأربعين، بقذائف الهاون ومدفع محلي، كفيلاً بتفجيره بعد تفخيخه، ما أدّى إلى قتل وجرح العشرات من قوات النظام.
كذلك كان لافتاً توقيت السيطرة على حواجز معربليت وعبد الحي المنشرة على أطراف مصيبين، حيث شكّل المناخ الجوي المتعمد اختياره من قبل المعارضة، عاملاً حاسماً عبر تحييد سلاح الجو التابع للنظام، ما مهّد لاقتحام الحواجز والسيطرة على قرية القرية بعد ذلك.

ويلفت أحد المنضوين في “جيش الفتح” والملقّب بـ”أبي بكر” لـ “العربي الجديد” إلى أنّ “المعارضة باتت على أسوار أريحا الشرقية الجنوبية، بعد تحرير حاجز الفنار، وليس لثكنة المسطومة أي حساب بعد أن يتم التقدم لأريحا”، معتبراً، أنّه “في حال سيطر الثوار على حاجز الجومة، المدخل الشرقي لأريحا، سيتم قطع طريق الإمداد للثكنة من المدينة وتحاصر بالكامل”، مشيراً إلى أن “قوات النظام منهارون تماماً بعد تحرير الفنار ومصيبين”.

وتعدّ قرية مصيبين طريق إمداد لقوات النظام بالذخيرة والعناصر، ينطلق من أريحا نحو معسكر المسطومة، نظراً لموقع القرية الجغرافي في منتصف المسافة بينهما. وبالسيطرة عليها، يصبح المعسكر محاصراً تماماً من قبل “جيش الفتح”، في حين لا يزال لمدينة أريحا طريق إمداد وحيد لها يمرّ من سهل الغاب.
ويبدو واضحاً أنّ قوات المعارضة ستعمد من خلال الانتصار الأخير، بعد الاستعداد الكامل، للتوجه إلى مدينة أريحا التي تحوّلت إلى خزان بشري لقوات النظام، وسيكون هذا التوجه متزامناً مع ثكنة المسطومة التي تعتبر مع معسكرها، “الطلائع”، من أبرز الثكنات المتبقية للنظام ومن أكبر معسكراته. وتبلغ مساحة معسكر المسطومة، “الطلائع”، كيلومتراً مربعاً واحداً، ويحتوي على أكثر من 30 دبابة ونحو 400 جندي، بالإضافة إلى عدد كبير من الرشاشات المتوسطة والثقيلة.
وتشير الانتصارات الميدانية إلى أنّ الريف الجنوبي لإدلب الممتد إلى ريفي حماة واللاذقية الشماليين، سيكون في قبضة المعارضة خلال الأيام القليلة المقبلة، لتكون محافظة شبه خالية من قوات النظام، باستثناء منطقتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام ومطار أبو ظهور العسكري.

السابق
الجلسة 23 بلا رئيس .. و«النيّة الجرمية» لم تنطبق على سماحة
التالي
فضيحة الفضائح