تضارب اولويات الاجندات السياسية الداخلية يمنع الانتخابات الرئاسية

إذا كان بعض الأفرقاء اللبنانيين ينتظرون انتهاء استحقاقات إقليمية ودولية، لتبدي الدول المعنية بعدها اهتماماً بالاستحقاق اللبناني العالق في دوامة الفراغ منذ نحو عام، فإن الربط بينهما، وفق ما تشير اوساط سياسية مطلعة لـ”المركزية”، يشكل وصفة أكيدة لاستمرار الفراغ في سدة الرئاسة الاولى، بعدما تبين ان كل الرهانات التي عقدت على اكثر من محطة للافراج عن رئاسة لبنان سقطت، واخفقت كل الجهود والمبادرات الداخلية والخارجية في الوصول الى الحل المنشود.

وتقول الاوساط، ان علة العلل ليست كما يوحي البعض، لاسيما الجهات المعرقلة لمسار الانتخابات الرئاسية من خلال مقاطعتها الجلسات التي بلغ عدد الدعوات الى انعقادها 23، تارة بالبحث عن رئيس مسيحي قوي واخرى بانتظار تبلور المشهد الاقليمي لاختيار رئيس على قدر اهمية المرحلة واتجاه رياحها، وصولا الى الاتفاق النووي الايراني، على اهمية النتائج التي ستترتب جراءه ليس على مستوى لبنان فحسب انما على دول منطقة الشرق الاوسط برمتها، بل في عقدة مركزية محورها عدم التقاء اجندات القيادات السياسية في لبنان الموزعة وفق الانتماءات الطائفية وتضاربها في بعض الاحيان الى درجة الاختلاف على جنس الملائكة في اليمن وسوريا وغيرها من الدول التي لا ناقة للبنان فيها ولا جمل لمصالحه الوطنية.

وتعتبر ان اجندة القيادات الاسلامية موزعة بين الفريقين الشيعي المتمثل بثنائية حركة امل وحزب الله والسني الذي يعبر عنه تيار المستقبل. فالفريق الاول يضع في قائمة اولوياته الحرب في سوريا وضرورة مساندة نظام الرئيس بشار الاسد ومنع انهياره واستمرار محور المقاومة والممانعة في منطقة الشرق الاوسط ومواجهة التنظيمات الاسلامية المتطرفة والتكفيرية والارهابية التي تضع نصب اعينها راهنا اسقاط نظام الاسد لاقامة دولتها الاسلامية. وللغاية، فان ليس في اجندة هذه القيادة اليوم سوى مشاركة حزب الله في الحروب في المنطقة من سوريا الى العراق واليمن والى حيث تدعو الحاجة الإقليمية، واعتبار هذه المشاركة واجبا وطنيا وقوميا، مع الحرص على استقرار الداخل اللبناني المؤمن حتى الساعة بمظلة دولية وحوار الضرورة مع “المستقبل”. اما سائر ملفات الداخل فتتعاطى معها تحت سقف تسيير الامور بـ”التي هي احسن” عبر حكومة الرئيس تمام سلام.

اما القيادة السنية، فثمة تضارب صارخ في اجندتها مع المشروع القيادي الشيعي حتى انه يشكل النقيض. فهي تحرص على دعم المعارضة المعتدلة في سوريا لتسلم السلطة واسقاط النظام، وهو ما تعتبره اولوية لتسهيل شؤون لبنان التي ما زال البعض يرهنها بالنظام السوري، لا سيما الملف الرئاسي، كما انها تسعى الى نزع سلاح المقاومة من ضمن استراتيجية حصرية السلاح بيد الشرعية وتبدي حرصا على اتفاق الطائف وقاعدة المناصفة لا سيما بعدما ظهرت مطالبات من الفريق الشيعي بتعديل الطائف وتكريس المثالثة.

وحدها القيادات المسيحية يتربع في صدارة اهتماماتها الملف الرئاسي بكل جوانبه، ولئن كان بعضها، يشارك في تعطيل جلسات الانتخاب، الا ان المساعي الداخلية والخارجية في اتجاه انجاز الاستحقاق تبدو تنبثق من رحمها، لا سيما بكركي التي يجول سيدها على دول القرار، طالبا العون والمساعدة لتأمين الاستقرار السياسي للبنان خشية ان يهتز الامني، اذا ما طال الفراغ وتخطى عتبة السنة.

واستنادا الى هذا المشهد والتضارب في الاجندات، تعتبر الاوساط ان لا حل لازمة الرئاسة في لبنان في المدى المنظور، وان ابواب الحلول ستبقى موصدة الى حين توافر الاتفاق الداخلي الذي نصحت كل دوائر القرار اللبنانيين بوجوب توفيره لانتخاب رئيس وعدم التعويل على الخارج لانجاز المهمة وهذه النصيحة سمعها كل من زار هذه الدوائر من المسؤولين اللبنانيين.

السابق
الجيش السوري يطارد ٤٨ إيرانياً
التالي
أهل الضاحية: سننتصر في القلمون.. لن ننتصر.. سننتصر..