وثيقة عربية تفضح تزوير إسرائيل: تل أبيب مقامة على أرض أميرية مؤجرة

عقد تأجير تل أبيب باللغة العربية

في الحياة الإسرائيلية كثير من الأساطير التي بُنيت لبنة لبنة، لكن الوقائع سرعان ما أظهرت حقيقتها.
ومن بين هذه الأساطير بناء تل أبيب كأول مدينة عبرية في التاريخ. فالتاريخ، خصوصاً القديم، لا يثبت أن اليهود في أي مرحلة أنشأوا بأنفسهم على أرض فلسطين مدينة. والتاريخ الحديث، يسمح لهم، لأسباب تتعلق بامتلاك الوسائل، بتصوير الأمور كما يشاؤون، وبما يخدم أهداف الحركة الصهيونية.
ومنذ سنوات والصراع يدور، حتى في الأوساط الصهيونية، حول الروح المؤسسة لتل أبيب. والسائد أن مئير ديزنكوف كان خلف الفكرة، وأنه ترأس لجنة إدارة تل أبيب الأولى. ولكن باحثة إسرائيلية أوضحت أن هذا ليس صحيحاً، وأن أول من طرح الفكرة وترأس اللجنة كان شخصاً يدعى عكيفا أرييه فايس الذي بقي رئيساً للجنة تل أبيب حتى العام 1910. وهي تشير إلى أن من خلفه في رئاسة اللجنة، وتحوّل بعدها إلى رئيس للبلدية مئير ديزنكوف، شطب اسم فايس من التاريخ، وحل مكانه كمؤسس.
وتشرح الباحثة الإسرائيلية أن خلافات عقارية وقعت بين فايس وديزنكوف قادت إلى تدخل البنك الفلسطيني الانكليزي الذي موّل عملية البناء، حيث كان الخلاف في أساسه بين نظرتين: إحداهما اشتراكية تقوم على أساس التعاون، والثانية رأسمالية تقوم على مبدأ الملكية الخاصة.
وتمتد الأسطورة إلى صورة شهيرة يعتبرها الأرشيف الصهيوني صورة تأسيس تل أبيب، وتوزيع القطع السكنية لإقامة الوحدات الاستيطانية عليها. ولكن بحاثة ومؤرخين يرون استحالة أن تكون تلك الصورة قد أخذت في المناسبة، وأنها يمكن أن تكون تمثيلاً لاحقاً للحدث أو اجتماعاً لأشخاص في مناسبة أخرى.
والحقيقة أن الروايات حول نشأة تل أبيب كانت موضع خلاف منذ الثلاثينيات. فقد كتب المؤرخ إلياهو هكوهين أن هناك عشرة أشخاص يدّعون أنهم المؤسسون، وأنه في «العام 1936 كتب أبراهام درويانوف في كتابه عن تل أبيب استحالة تحديد من كان أول من فكر بإنشاء تل أبيب، لأن كل واحد أسهم بشيء ما. فقد كان فايس هو من جمع الناس عام 1906 وهناك قرروا تأسيس جمعية وهذه حقيقة».
وفي كل حال فإن ما يعرف بتل أبيب، التي احتفلت في العام 2009 بالذكرى المئة لتأسيسها، يعرف أنها لم تنشأ كمدينة بل كحي في مدينة يافا العربية. ففي العام 1906 اتفقت مجموعة من 66 يهودياً، كانوا يعيشون في يافا، على محاولة بناء حي خاص بهم يمكنهم فيه أن يمارسوا حياتهم كما يريدون، لا أن يعيشوا في أحياء عربية. وقرر هؤلاء تشكيل لجنة تمثلهم من خمسة أشخاص، لم يكن بينهم مئير ديزنكوف، وكان عكيفا أرييه فايس الذي طرح فكرة إنشاء حي على أسس حديثة. وفي العام 1909 اختيرت الأرض، وتم توزيعها على المشاركين، وفقط في العام 1911 انضم ديزنكوف للجنة الحي وصار رئيساً لها.
وأمس نشرت صحيفة «هآرتس» وثيقة باللغة العربية تم اكتشافها مؤخراً وتتحدث بوضوح عن تأجير الأرض. والوثيقة كما يبدو موثقة في المحكمة الشرعية في يافا، ويعود تاريخها إلى العام 1325 هجرية. وتتحدث الوثيقة بوضوح عن أن هذه أراض أميرية وأن العقد هو عقد تأجير. وتنسف هذه الوثيقة تماماً الأسطورة الإسرائيلية التي تتردد عن قيام اليهود بشراء الأرض.

ومن المعروف أن الحديث يدور عن فترة ما قبل الانتداب البريطاني لفلسطين حين كانت الأراضي المقدسة لا تزال تحت حكم الدولة العثمانية.
وأشارت «هآرتس» إلى أن هذه الوثيقة التاريخية كانت في داخل أحد الملفات في الأرشيف الصهيوني في القدس المحتلة، لم يولها أحد انتباهاً، إلى أن وقعت بيد مهندس وباحث في تاريخ يافا يدعى شموئيل غيلر. وقالت الصحيفة إنه في حمى بحثه عن تاريخ شارع بسطرس، وهو شارع التجارة الرئيس في يافا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، اكتشف ملفاً بعنوان «استئجار بيوت لليهود في يافا».

وداخل هذا الملف اكتشف وثيقة تعود لنهاية العام 1909، وعليها وجد اسم مئير ديزنكوف.
وفهم غيلر أنه وضع يده على وثيقة تاريخية فائقة الأهمية، لأن هذه الوثيقة شكلت الاتفاق الذي مهد الطريق لإنشاء تل أبيب. وهنا ثمة أهمية فائقة لما يُكتب بعد ذلك. فالباحث يشير إلى أن هذا عقد بين البنك الفلسطيني الانكليزي ومجموعة اليهود، ولكن الوثيقة تشير بوضوح إلى أن الأرض أميرية، وأن العقد تأجيري. ثم إذا كان العقد هو بين بنك انكليزي، يملكه الصهاينة ويهود أجانب، فلماذا يكتب باللغة العربية ويوثق في المحكمة الشرعية في يافا.
بل إن صحيفة «هعولام» التي كانت تنطق بلسان الهستدروت الصهيوني كتبت في آذار العام 1909 أن «الجمعية الإسكانية التي تهدف الى بناء حي يهودي جديد في يافا، تقدمت للعمل. وقد تم شراء الأرض المطلوبة .. والجمعية منشغلة بحفر بئر في وسط الحي. ويتم تقسيم قطعة الأرض إلى شوارع وسيطلق اسم الدكتور هرتسل على الشارع الرئيس».
عموما أنشئت تل أبيب بمشادة بين أعضاء الجمعية، ما دعا البنك إلى سحب التمويل، ونشوء مشكلة لم تحل إلا بأخذ مدير البنك من غرفته في الفندق الذي يقيم فيه إلى البنك وإجباره على توقيع عقود التمويل.

(السفير)

السابق
«داعش» يسيطر على مناطق قرب بغداد
التالي
هبة طوجي..خطوة جديدة نحو العالمية