السيّد الأمين: «تحرير الرجل» يقود إلى «تحرير المرأة»

حق المرأة مهضوم في مجتمعاتنا العربية المسلمة، هذا ما تجمع عليه النخب الثقافية والاعلامية في بلادنا، فما العمل من أجل رفع هذا الإجحاف عنها، وهل الاسلام هو المسؤول؟ أم أن عاملا أساسيا آخر هو المسؤول عن هضم حقوق المرأة كما يوضح سماحة العلامة السيد محمد حسن الأمين؟

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وعيد الأم اللذين احتفل بهما العالم الشهر الفائت برزت حقيقة راسخة أثارتها مواقع التواصل المنتشرة في عالمنا العربي الإسلامي. وهذه الحقيقة هي أن المراة في أوطاننا ما زالت مغبونة الحق. وقد حمّل عدد من الناشطين العاملين في الشأن العام الدين الإسلامي مسؤولية تخلّف المرأة والحد من حقوقها في بلادنا قياساً إلى ما تتمتع بها نظيرتها في الغرب منذ عقود. فهناك المساواة شبه مطلقة مع الرجل وتميزها على صعيد الأولوية التي تحوزها بالنسبة الى الأحوال الشخصية، من حضانة ونفقة وتعويضات وغيرها من حقوقها بعد الانفصال الزوجي. كما أنّ استقلالها الشخصي بات محمياً بقوانين صارمة لا تجعل من تابعة كزوج أو أب أو شقيق كما هو واقع المرأة لدينا.
لذلك فقد توجّهنا الى سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين بسؤال: هل يهضم الإسلام حقوق المرأة؟

فأجاب: “أود أن أشير أن شعار تحرير المرأة على مستوى العالم العربي رفع منذ بداية القرن العشرين مع نشر قاسم أمين لمؤلفه المشهور “تحرير المرأة”، وحتى يومنا هذا ما زال هذا الشعار مطروحا، لكننا لم نلاحظ أن ثمة تقدماً كبيراً على هذا الصعيد وهذا في نظرنا يعود إلى مسألة أساسية لا تقتصر على أن المرأة لها مشكلة خاصّة في مجتمعنا بل إن المسألة هي المرأة والرجل معاً. فيعانيان من الاستلاب وفقدان الحرية والشعور بالشخصية المستقلة، بما يؤسس لبنية اجتماعية تتكاثر فيها المظالم ويتلقى فيها الرجال الظلم والقمع بالقدر الذي تتلقى فيه المرأة ذلك. ولذلك فإن خلاص المرأة لا يكون بمعزل عن خلاص الرجل نفسه، أي عن قيام نهضة اجتماعية، تستمد أسسها من حقوق الإنسان بصورة عامة… هذه الحقوق كما نرى لم يتم اكتشافها أو إنجازها في عصر النهضة الغربية، بل نجد أن الشريعة الإسلامية قد حققت في بنيتها التشريعية حق الحرية والفرادة للمجتمع كلّه. لكن رغم ذلك لم يتخلص الاجتماع الإسلامي من نزعته الذكورية التي كان لها تأثيرها حتى على الرؤية الدينية لموقع المرأة ودورها. من هنا فإني أحسب أن أي ثورة في سبيل تحرير المرأة يجب أن تكون جزء من ثورة في سبيل تحرير الاجتماع الإسلامي ككل”.

بالنسبة الى التغيرات الإجتماعية والثقافية التي طبعت عصرنا الحالي وخصوصا بروز ما يسمى بـ”المرأة العاملة” بعد “المرأة المتعلّمة”، ما عزّز استقلاليتها، يؤكد السيّد الأمين إن “ما قلناه قبل قليل عن أن انتقاص حقوق المرأة المتعلمة في مجتمعنا لا يقل عن انتقاص حقوق الشباب المتعلمين، خصوصاً بالنسبة الى وظائف الدولة والمؤسسات العامة، يعود بنظرنا الى فساد النظام السياسي الذي يوزع الامتيازات والوظائف وفق الولاءات السياسية. فكم من شاب يملك من طاقة وعبقرية علمية لا يتاح له أن يتسلّم وظيفة رئيس دائرة فيما نجد شاباً بالكاد يعرف القراءة والكتابة يتسلم منصب مدير، وغيره من المناصب الكبرى، وفقاً لقواعد الاستغلال والتمييز حسب الولاءات السياسية والعائلية… ونجد أن هذا الأمر ينطبق على النساء بالطريقة نفسها. وهذا يعبّر عن أزمة سياسية هي أزمة النظام السياسي الطائفي والمذهبي والعائلي وعدم ارتقائه إلى مستوى مؤسسات الدولة الحديثة، كما هي موجودة في العالم المتقدم”.

بالنسبة الى قوانين الأحوال الشخصية و”القضاء الشرعي” يرى السيّد الأمين أن “هناك إجحافاً بحق المرأة في قضايا الإرث والقيمومة والوصاية”، ويقول: “أنا أرى وجوب إعادة النظر ببعض الأحكام المعمول بها في المحاكم الشرعية تجاه حضانة الأولاد وتجاه تقصير هذه المحاكم في تشجيع المتزوجين على وضع لائحة للشروط والشروط المتبادلة التي تلزم الطرفين بالحياة الزوجية كما هو معمول في عدد من الأقطار الإسلاميّة، لأن وضع هذه الشروط يقلّل من نزعة الهيمنة الموجودة في طباع الكثير من الرجال”.

ويتابع: “إن إجراء وضع هذه اللائحة مثلا هو تطوير للأحكام الشرعية التي يمكن أن تلاقي التطور الاجتماعي المتسارع في العصر الحديث”.

السابق
احراق سيارة في بلدة الدوير
التالي
نديم قطيش إلى العربية: أنا جندي إعلامي في عاصفة الحزم