هكذا نفهم «خبيصة» الأحلاف الإقليمية والمحلية الجديدة

التحالف السياسي الدائم انتهى. أو قل "انتهى زمن الأيديولوجيا". ما عاد هناك أحلاف تامة ومنجزة ونهائية. هناك أحلاف الضرورة "على القطعة". في كلّ موضوع وكلّ أزمة وكلّ حرب يمكن أن تغيّر أيّ دولة، أو أيّ حزب محليّ، خريطة تحالفاته، ثم يتراجع عنه في اليوم التالي.

كأنّ العلاقات السياسية تدخل في مرحلة من التحوّلات التي لا يمكن فهمها بسهولة. لا تبدأ بالعلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، ولا تنتهي بما قاله حليف “حزب الله” في البقاع عبد الرحيم مراد الذي اعتبر في حديث لجريدة “الحياة” السعودية أنّه من حقّ المملكة العربية السعودية التدخل في اليمن لحماية مصالحها.

فالولايات المتحدة تحالف إيران في العراق وتعاديها في اليمن. تدعم عاصفة الحزم العربية ضدّ مصالح طهران في صنعاء وتدعم الحراك المدعوم إيرانيا في العراق ضدّ مصالح السنّة وتنظيم “داعش”. كما أنّ موقف الولايات المتحدة في سورية ضبابي ويكاد يكون حيادياً في بعض الأحيان بين النظام وأعدائه.

كذلك يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إيران في اللحظة التي تعلن تركيا أنّها قد تقوم بدور عسكري في سورية، بالطبع سيكون ضدّ مصالح إيران. ويستقبله الإيرانيون بحفاوة كبيرة.

قبلها اشتركت كلّ من مصر والسعودية في حلف عسكري وسياسي ضمن “عاصفة الحزم” مع كلّ من قطر وتركيا، الراعيين الرسميين لـ”الإخوان المسلمون” الذين حاربهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويعدم قياداتهم في مصر بدعم سعوديّ واضح وكبير.

وقيل الكثير عن أنّ السعودية خفّضت أسعار النفط لتضرب إيران ولتؤذي حليفتها المفترضة الولايات المتحدة الأميركية، فيما يساند الرئيس الأميركي باراك أوباما عاصفة الحزم العربية.

في لبنان يشتم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المملكة السعودية ويشدّد على “استمرار الحوار مع تيار المستقبل”، فيما يصف الرئيس سعد الحريري نصر الله  بأنّه “بوق” و”شتّام” ويشدّد على “استمرار الحوار مع حزب الله”.

كذلك يقف عبد الرحيم مراد وغيره من القيادات السنّية في تحالف مع “حزب الله” لكنّهم لا يقفون معه في صراخه ضدّ عاصفة الحزم العربية والإسلامية ضدّ إيران.

العلاقات السياسية في طور تحوّلات يمكن وصفها بأنّها “جنبلاطية”. فالنائب وليد جنبلاط أوّل من خرج من تحالف قوى 14 آذار ليقف في “الوسط”. فشارك في حملة “إقالة” الرئيس سعد الحريري وتعيين النائب نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة بدلا منه في العام 2010، ثم راح يتّخذ مواقف “على القطعة” وبحسب الموضوع، تارة مع قوى 14 آذار، أي تيار المستقبل، وطورا مع قوى 8 آذار، أي “حزب الله”.

يمكن القول إنّ التحالف السياسي الدائم انتهى. أو قل “انتهى زمن الأيديولوجيا”. ما عاد هناك أحلاف تامة ومنجزة ونهائية. هناك أحلاف الضرورة “على القطعة”. في كلّ موضوع وكلّ أزمة وكلّ حرب يمكن أن تغيّر أيّ دولة، أو أيّ حزب محليّ، خريطة تحالفاته، ثم يتراجع عناه في اليوم التالي.

الكوكب يتغير بسرعة.

 

السابق
الخطوط البريطانية تعتذر وتوضح سبب تأخير رحلتها
التالي
خامنئي: عدم التوصل لاتفاق أفضل من التوصل لاتفاق سيء