إسرائيل والاتفاق النووي: الرهان «المستحيل»؟

تواصل حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة باراك أوباما التنازع حول الاتفاق النووي مع إيران.
وكشفت «هآرتس» النقاب عن سعي الحكومة لإحباط أو عرقلة الاتفاق عبر مساري التواصل مع الإدارة الأميركية وتشجيع أنصارها في الكونغرس على سن قانون يعتبر الاتفاق معاهدة دولية تتطلب مصادقة الكونغرس.
وفيما رفض أوباما مطلب نتنياهو اشتراط الاتفاق باعتراف إيران بإسرائيل، أقر بأن سريان الاتفاق هو ما يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وأنه بعد انقضاء مدة الاتفاق، يمكن لإيران بسرعة انتاج هذا السلاح.
وأشارت «هآرتس» إلى أن إسرائيل تنوي العمل على مسارين متوازيين في الأسابيع القريبة لإحباط الاتفاق النووي أو على الأقل تحسين بنوده.
ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن حكومة نتنياهو ستحاول تجنيد الكونغرس لتمرير قوانين تعسر تمرير الاتفاق أو حتى تمنع المصادقة عليه إذا أبرم حتى 30 حزيران المقبل.
وبالتوازي تعمل إسرائيل على مواصلة الاتصالات مع إدارة أوباما بغرض إدخال قائمة «تعديلات» على الاتفاق.
وفي هذا الإطار، ستحاول إسرائيل قدر المستطاع اقناع أكبر عدد من أعضاء الكونغرس بتأييد مشروع قانون تقدم به رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، الجمهوري بوب كروكر.
ويقرر المشروع أنه خلال 60 يوما من التوصل الى اتفاق شامل مع إيران، يقوم مجلسا النواب والشيوخ بمراقبة ومراجعة لكل بنوده. ويلزم مشروع القانون مسؤولي الإدارة الأميركية بتسليم تقارير مفصلة للكونغرس والحضور إلى سلسلة جلسات استماع بشأن الاتفاق.
وينص مشروع قانون كروكر على أنه إذا تم إقرار الاتفاق خلال 60 يوما في قرار مشترك للجنتي الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب يمكن إزالة العقوبات المفروضة على إيران.
وأشارت «هآرتس» إلى أن صيغة المشروع الحالية لا يمكنها منع الاتفاق، وإنما تعرقل فقط تنفيذه، وتضع عراقيل بيروقراطية أمامه.
ونقلت «هآرتس» عن المسؤول ذاته القول بأن إسرائيل ستحاول الإقناع بإدخال بند إلى مشروع القانون يعتبر الاتفاق «معاهدة». وخلافا للاتفاق، فإن المعاهدة الدولية التي توقع عليها الولايات المتحدة تتطلب تصويتا عليها في مجلس الشيوخ قبل أن يسري مفعولها. وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن «هناك صراعاً في الكونغرس حول إيران، وبوسع الكونغرس أن يقول كلمته أيضا بشأن اتفاق شامل مع إيران، يضفي مشروعية على كل قدراتها النووية».
ومعروف أن البيت الأبيض يتحفظ على كل مشروع قانون كروكر، ويمكن أن يستخدم ضده حق الفيتو. كما ليس مؤكدا أن يقبل كروكر نفسه بإدخال تعديل جوهري كهذا على مشروعه. ولذلك، وفي ضوء تأييد كل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لمشروع كروكر، فإن الجهد سيتجه أكثر نحو إقناع سيناتورات ديموقراطيين بتأييد المشروع.
وواضح أن تحييد الفيتو الرئاسي يتطلب تأييد 67 سيناتوراً أميركيا لمشروع ما. والواقع أنه ليس هناك تأييد واضح سوى في صفوف الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، وعددهم 54، ما يعني الحاجة الى نقل 13 سيناتورا ديموقراطياً من جهة الرئيس إلى جهة معارضيه. وهناك اعتقاد أن هذه مهمة صعبة، إن لم تكن مستحيلة.
في كل حال، وبموازاة الجهد الإسرائيلي داخل الكونغرس هناك جهد يبذل مع الإدارة الاميركية ذاتها. ويستند هذا الجهد إلى واقع أن هناك بنودا لا اتفاق بشأنها بين إيران والقوى العظمى، ما يترك هامشا لإدخال تعديلات في الاتفاق النهائي. وتطالب إسرائيل بتقليص أكبر في عدد أجهزة الطرد المركزي المسموح لإيران استخدامها، وإغلاق منشأة فوردو، وعدم إلغاء العقوبات عن إيران إلا بشكل تدريجي ووفقا لتقدم التنفيذ الإيراني لبنود الاتفاق.
وعدا ذلك تطالب إسرائيل بأن تكشف إيران كامل التفاصيل عن الأبعاد العسكرية المحتملة لمشروعها النووي، والتعهد بإخراج اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المئة إلى الخارج. كما تطالب بمنح الوكالة الدولية للطاقة النووية فرصة الدخول إلى أي مكان في إيران وقتما تشاء.
عموما ليس واضحا إن كان لاستراتيجية العمل الإسرائيلية هذه أي فرصة للنجاح بسبب التناقض القائم بينهما. ويكفي أن يكون لإسرائيل دور ظاهر في الكونغرس حتى تتعزز شكوك الإدارة تجاه نتنياهو وحكومته.
وكان أوباما رفض يوم الاثنين المطلب الإسرائيلي باشتراط الاعتراف الإيراني بإسرائيل لتمرير الاتفاق معتبرا أن ذلك أشبه باتخاذ قرار بأن لا يوقع الاتفاق إلا بعد تغيير النظام الإيراني لطبيعته. واعتبر أن التفكير على هذا النحو يعبر عن «خطأ أساسي في الحكم». وشدد أوباما على أن الولايات المتحدة لا تريد لإيران أن تمتلك سلاحا نوويا بسبب طبيعتها، ولو كانت إيران مثل ألمانيا أو فرنسا أو السويد لتغير طابع الحديث عن بنيتها النووية.
من جهة أخرى كشف المعلق الأمني في «معاريف»، يوسي ميلمان النقاب عن أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تبذل جهودا كبيرة من خلف الكواليس لبلورة تفاهمات مع الولايات المتحدة حول ما ينبغي اعتباره انتهاكا إيرانيا للاتفاق وما الذي ينبغي على الإدارة الأميركية فعله في حال كهذا.
وأشار ميلمان إلى أن هذا الحوار يعني عمليا مناقشة «اليوم التالي» أو ما بعد سريان الاتفاق. ولاحظ أن إسرائيل والإدارة الأميركية شرعا في حملة علاقات عامة لأغراض داخلية وخارجية على حد سواء.
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية حاولت تخفيض لهب الخلاف مع إسرائيل في حين سعت إسرائيل لتلطيف حدة هجماتها على الاتفاق وحصر مطالبها بتعديل بنوده.

(السفير)

السابق
«داعش» تغادر الجرود.. أين العسكريون الـ9؟
التالي
طائرة استطلاع اسرائيلية خرقت اجواء حاصبيا والعرقوب