لبنان من دون إحصاءات رسمية عن السرطان!

بين تزايد أعداد المصابين به وأكلاف استشفائه العالية، وتقدم وسائل علاجه وارتفاع منسوب الأمل بالشفاء منه، يبقى مرض السرطان خارج دائرة الإحصاءات الدقيقة، التي تشكل في معظم دول العالم القاعدة التي رتكز عليها في رسم استراتيجية عامة للوقاية أولا، ومن ثم للعلاج.

السجل الوطني للسرطان التابع لوزارة الصحة متوقف عن العمل في الكشف عن ارقامه منذ العام 2008، لان الدعم المادي لاستمراره توقف. وبالتالي، فإن لبنان من دون احصاءات رسمية للكشف عن هوية السرطان وانواعه..!

والأرقام المتوافرة عن مجموع مرضى السرطان في لبنان، وتوزع أنواع سرطاناتهم، التي تعود إلى عام 2008، غير مفيدة اليوم في تقدير حجم المرض محليا، في وقت تؤكد مراكز طبية عدة ان الأعداد ترتفع من دون توقف، وان “لغة النسب” تقول إن من بين كل 100 الف لبناني هناك 150 شخصاً مصاباً جديدا بالسرطان كل سنة، والاسباب متعددة ابرزها تلوث البيئة.

وكان وزير الصحة وائل أبو فاعور صرح بأنّ نسبة مرضى السرطان في لبنان تتقدم على الكثير من الدول المجاورة، وأنّ الوزارة تبحث في أسباب هذا الأمر، و لكن في المقابل لم نجد إشارة تدل على نية جدية بإحياء “السجل الوطني للسرطان“.

“معلقين بحبال الهواء “

هكذا، وبرغم تقدم الطب، وتطور العلاجات وإمكانات المستشفيات اللبنانية الكبرى، يبقى مرضى السرطان “معلقين بحبال الهواء” أكثر من تعلقهم بأمل الشفاء، الذي لا يدعمه برنامج وطني حكومي متكامل. الاختصاصي في السرطان الدكتور نجيب جهشان قال لـgreenarea :”لقد تبين لنا ان ارتفاع الاصابات بالسرطان يعود الى زيادة التلوث في الهواء ونوعية الاكل الدسم والتدخين الذي يساهم وحده بنسبة 30%، من دون ان ننسى عامل الوراثة و العلاج الهورموني“.

ويكرر الدكتور جهشان ما يؤكده سائر زملائه، وهو أنه: ”كلما كان الاكتشاف مبكرا كانت نسبة الشفاء اسرع، واليوم 50 في المئة من السرطانات ككل، المكتشفة في الوقت المناسب، وصلت الى الشفاء الكلي.” في السنوات الثلاث الأخيرة، برز تطور لافت، تمثل في ارتفاع أعداد المصابين بالسرطان في عمر ما دون الخمسين، وخصوصا بين النساء (سرطان الثدي). وأوضح الاختصاصي في أمراض السرطان الدكتور ناجي الصغير:”أن دراسة علمية أجراها فريق من الباحثين في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، تشير إلى أن أكثر من نصف النساء المصابات بسرطان الثدي في لبنان هنّ دون الـ50 من العمر. وربطت الدراسة الإصابة بسرطان الثدي في عمر مبكر بعدة عوامل، منها الاستعمال المزمن لحبوب منع الحمل، والسمنة، والإكثار من استهلاك الدهون الحيوانية.. “

وذكرت الاختصاصية في الجهاز التنفسي الدكتورة ميرنا واكد أن “دراسة عن سرطان الرئة بيّنت أنه من أكثر السرطانات انتشاراً في العالم وفي لبنان، وذلك نتيجة الإدمان على التدخين واستعمال وسائل التدفئة الملوثة، وهو موجود بكثرة عند الرجال يليه سرطان البنكرياس.” الى ذلك اسف الاختصاصي في أمراض السرطان والدم الدكتور باسم قبرصي “لكون الإحصاءات في لبنان غير كافية. فالإحصاءات لدى وزارة الصحة غير كاملة لأنها تشمل المرضى المصابين بالسرطان الذين يتلقون العلاج على نفقتها، أما عدد المرضى الذين يُعالجون على نفقة الضمان الاجتماعي، والذين يتعالجون على نفقتهم الخاصة، فلم يدخلوا في احصاءات وزارة الصحة، والأمر ذاته بالنسبة لتعاونية موظفي الدولة.لهذا فإن إحصاءات وزارة الصحة غير كاملة بالإجمال“.

سرطان القولون

حسب الدراسات الاخيرة تبين أن سرطان القولون والمستقيم، وهو من السرطان القليلة التي يمكن الوقاية منها من خلال الفحص، يبقى السرطان الثاني الأكثر شيوعاً بين النساء والرابع الأكثر شيوعاً بين الرجال في لبنان. وفي معظم الحالات، تبقى أسبابه غير واضحة، الا ان مضاعفة نسبة ارتفاعه تعود في الأغلب الى التقدم في السن، والتاريخ العائلي عدا العادات الغذائية في تناول الأطعمة الفقيرة بالألياف والغنية بالدهون، و أسلوب الحياة قليل الحركة وارتفاع داء السكري والسمنة المفرطة، والتدخين والاستخدام المفرط للكحول.

وينصح مدير الجمعية اللبنانية لأطباء الدم والأورام بروفسور الطب الدكتور فادي فرحات: ” الأشخاص الذين تخطوا الخمسين من العمر بأن يخضعوا لفحص الرصد المبكر للوقاية من سرطان القولون بهدف ضمان نسبة شفاء عالية قبل تقدّم المرض“.

امل في الشفاء ..

الأبحاث المتعلقة بمرض السرطان، في تطور مستمر، وقد توصلت غلى طرق علاج واعدة، من شأنها إحداث ثورة حقيقة في نسبة الشفاء من المرض والتعايش معه. يقول الاختصاصي بالسرطان الدكتور جوزف قطان. “هناك تطور بارز في العلاج السرطاني، الا وهو العلاج المشخصن حيث بتنا نداوي كل حالة سرطانية بدقة متناهية بعد كشف نوعها من خلال الفحص المتطور للحمض النووي“. اما الاختصاصي بالسرطان الدكتور فادي نصر فتحدث ايضا عن العلاج الجديد المناعي الذي دخل في عالم العلاجات السرطانية وقال:”لقد توصلنا الى ثورة في عالم العلاجي للسرطان من خلال العلاج المناعي حيث سنصل الى نسبة 30% من الشفاء الكلي للسرطانات، كسرطان الجلد مثلا وسرطان الدم الحاد.”

(greenarea)

 

السابق
مشاهدة برامج الطهي تكسب الوزن الزائد
التالي
الحوثيون في باب المندب ودول الخليج تلوّح بإجراءات