هناك ترحيل سري للشيعة من الإمارات لا تعرفون به

مطار دبي
يبدو أن عملية الترحيل الأخيرة التي طالت 70 لبنانياً (معظمهم من الطائفة الشيعية) من دولة الإمارات الأسبوع الماضي، ليست سوى رأس جبل الجليد أو "جبل الترحيلات" كما يرى البعض مع توالي الأنباء عن ترحيل دفعة جديدة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة. وإذا كان صدى "الترحيل المباشر" الذي يتم من خلال إبلاغ السلطات الإماراتية الشخص المعني مباشرة بقرار الإبعاد، يجد طريقه سريعاً إلى الصحف وسائل الإعلام ومواقع التواصل، فإن ترحيلاً من نوع آخر لا يجد من يتحدث عنه، فما هو هذا النوع من الإبعاد؟

بينما كان منير، يشرب كوباً من الشاي الأخضر في مكتبه بأحد شوارع الحي المالي الراقي في مدينة دبي، تلقّى الشاب الثلاثيني اتصالاً هاتفياً ظنّ للوهلة الأولى أنه سيغيّر حياته إلى الأبد.

أخطر المتصل الذي يعمل مديراً في إحدى أكبر الشركات الإماراتية، منير بالموافقة على انضامه لفريق الشركة مقابل عرض “خيالي”، وهو حلم طالما انتظره الشاب الثلاثيني.

لم يتردد منير الذي أمضى في ربوع الإمارات والخليج أكثر مما عاش في وطنه لبنان ومسقط رأسه بلدة مشغرة (البقاعية)، لحظة واحدة في تقديم كتاب الاستقالة، تمهيداً للالتحاق بعمله الجديد خلال شهر واحد، وذلك وفق ما تنص عليه لوائح قانون العمل في دولة الإمارات.

يقول منير لـ “جنوبية “: “جلّ ما كنت أفكر فيه خلال هذا الشهر، التخطيط لحياة أفضل على مختلف الأصعدة والمستويات المهنية والمادية وحتى الاجتماعية، جلّ ما كنت أفكر فيه هو كيفية اتمام (نص ديني) والارتباط ببنت الحلال وتكوين أسرة جميلة وحياة هادئة”.

لم يكن الشاب “المسكين” الذي يتخذ نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قدوة ومثالاً أعلى في الطموح والعمل والنجاح، يعرف أن أحلامه ستتبخر بجرة قلم بسيطة.

فبعد أيام فقط، تلقّى اتصالاً ثانياً من ذات الشخص الذي كلمه في المرة الأولى (مدير الشركة الكبرى)، يخبره فيه بأنه تم رفض طلب تحويل إقامته، وبالتالي سحب عرض العمل المقدم من قبل الشركة.

يروي منير لـ “جنوبية” تفاصيل تلك اللحظة المرّة، والدموع تنهمر من عينيه، يحاول عبثاً التقاط أنفاسه: “لم أصدق ما حصل، لقد كانت صدمة كبيرة لي ولعائلتي، لاسيما وأنني كنت أساعد والدي في دفع الأقساط الجامعية الباهظة لإخواتي، إلى جانب غيرها من أعباء الحياة الكثيرة”.

يتابع: “حاولت مراراً وتكراراً الاستفسار عن الأسباب التي حالت دون نقل إقامتي من شركة إلى أخرى، مع العلم أن المسألة بسيطة وليست معقدة، ولكن أي جهة لم تبد أسباباً واضحة لعملية الرفض تلك”.

وبينما كان منير يتنقل بين وزارة وإدارة وأخرى في محاولة يائسة لتغيير الوضع “المستجد”، تلقّى عرض عمل آخر من شركة إماراتية ثانية، ولكن خاب أمله مرة جديدة إذ لم يكن مصير المحاولة الثانية أفضل حالاً من الأولى. فظل الرفض سيد الموقف.

وعلى وقع عمليات الرفض المتكررة، كانت فترة السماح لبقاء منير داخل الدولة قد شارفت على نهايتها، فلم يكن أمام الشاب المتفوق كما تؤكد شهادات التقدير واﻷوسمة العديدة التي حصل عليها، سوى اللجوء إلى طلب تأشيرة زيارة، فجاءت الموافقة ليغادر إلى سلطنة عُمان المجاورة، ويعود إلى الإمارات زائراً هذه المرة.

يقسم منير الذي أمسى بين ليلة وضحاها بلا عمل، بعيداً أو “مبعداً” عن أهله وأصدقائه، “والله نحنا بالإمارات كنا عايشين أحسن ما يكون، ومعاملة طيبة يشهد الله، نحنا ما إلنا خصة بحدا، نحنا مش مع حدا، بس مش رايحة إلا على الناس المعترة، يلي جايي تسترزق”.

قصة منير الذي انقلبت حياته وحياة عائلته رأساً على عقب، تشكل نموذجاً للكثير من الشباب اللبنانيين الذين يتم إبعادهم خارج دولة الإمارات بطريقة “غير مباشرة” نتيجة تصريحات أو تصرفات غير مسؤولة من “مسؤولين” مع وقف التنفيذ!

السابق
أوباما يهنئ الإيرانيين بعيد «النوروز»: لدينا فرصة تاريخية لمستقبل مختلف
التالي
عطلة الصحافة لمناسبة عيد البشارة