رولا أمين: ليس من دون ابنتي

«خُيِّرت بين وظيفتي والبقاء في بيروت وبين ابنتي، فاخترت ابنتي… عادوا وخيّروني بين السجن وتسليم ابنتي فاخترت السجن»، تقول الزميلة رولا أمين لـ «السفير» بعد دقائق على خروجها من السجن في عمّان أمس. تشكر أمين جميع من تضامنوا معها، إثر سجنها أمس الأوّل في العاصمة الأردنيّة، بعد رفضها تسليم ابنتها دينا (5 سنوات) لطليقها. تتمنّى أن تستمر حملة التضامن التي أطلقت لمساندتها، وضمت آلاف الأشخاص في الدول العربية والعالم، «لدعم النساء ومنع الظلم اللاحق بهنّ». برأيها، يجب مساندة النساء ودعمهنّ في المحاكم، وليس في المؤتمرات والبيانات فقط.

في اتصال مع «السفير» تقول أمين إنّها وبالرغم من كونها صحافيّة معروفة وقادرة على تحمّل أعباء حضانة ابنتها، وبالرغم من حملة التضامن الواسعة معها، إلا أنّها لم تحصل حتى الآن على قرار نهائي بحضانتها. تسأل عن النساء الأخريات اللواتي يواجهن مشاكلهنّ وحيدات، غير قادرات حتى على إيصال أصواتهن، لتقول إن حملة التضامن يجب أن تستمر للمطالبة «بتنفيذ القانون ومنع استباحة النساء وحقوقهنّ».
يقول صلاح الدين البشير محامي الدفاع عن أمين، إنّ القانون الشرعي الأردني واضح لا لبس فيه. فهو يعطي الأم الأردنية حقّ حضانة أطفالها حتى سنّ 15 عاماً. بعدها يتمّ تخيير الأطفال بين الاستمرار بالعيش مع والدتهم أو مع والدهم. ويمكن للأم أن تحتفظ بالحضانة إلى سن الثامنة عشرة. وهو قانون سبقت الأردن فيه الكثير من الدول العربية الأخرى. ابنة رولا دينا، لم تبلغ بعد سنواتها الستّ، ومع ذلك، تخوض والدتها معركة ضارية للحصول على حكم نهائي بحضانتها.
تزوجت رولا في بيروت حيث كانت تعمل. وأنجبت طفلتها دينا فيها أيضاً. عندما انفصلت عن زوجها، اختارت أن تؤمّن الشروط التي تطلبها المحكمة للسماح لها بحضانة ابنتها. تركت عملها في بيروت وتفرغت للاهتمام بها. أخذت منزلاً في عمان العاصمة وسجلتها في إحدى أهم المدارس في الأردن.
أقامت دعوى للحصول على حقها بحضانة ابنتها أمام محكمة وادي السير الشرعية. وعلى «ذمّة تلك الدعوى»، وفق أحد محاميها، الأستاذ محمد أبو حليمة، تقدمت بطلب ضمّ، أيّ حضانة، مستعجل. وعليه، صدر قرار عن المحكمة بضم طفلتها دينا لأمها رولا، بصورة مؤقتة إلى حين البتّ بالدعوى النهائيّة للحضانة. استأنف طليق أمين، رجل الأعمال الأردني محمد العجلوني، القرار أمام محكمة الاستئناف الشرعيّة، وهي أعلى من محكمة وادي السير. وقررت هذه المحكمة رد الاستئناف وعدم قبوله. فتقدم بدعوى «تظلم» أمام محكمة وادي السير نفسها، وأيضاً قررت هذه المحكمة «رد التظلم، أي رفضه». لاحقاً، عاد وتقدم باستئناف على قرار رد «التظلم». هذه المرة قررت محكمة الاستئناف إلغاء قرار الضم المعجّل التنفيذ، وبالتالي إصدار قرار بتسليم رولا طفلتها لطليقها، وهو ما رفضته أمين لتختار السجن على ترك طفلتها تعيش رحلة عذاب جديدة.
يعتبر المحاميان البشير وأبو حليمة أن «قرار محكمة الاستئناف هو قرار منعدم، لأن قرار الضمّ المستعجل والقرار الصادر بالتظلّم، لا يقبلان الاستئناف وفقاً للمادة 137 من أصول المحاكمات الشرعية». وتنصّ تلك الأصول على «استئناف القرارات الصادرة في الدعاوى الفاصلة في الدعاوى، وقرار الضمّ المستعجل ليس من تلك الفئة، ولا يخضع لنصّ تلك المادة. إضافة إلى انه لا نصّ في قانون أصول المحاكمات الشرعيّة يشير إلى وجود ما يسمى بالتظلم».
وعلى إثر القرار «المنعدم» الصادر عن محكمة الاستئناف، تمّت إجراءات أخرى، يرى أبو حليمة «أنّها باطلة أوّلاً لأنّها مبنيّة على قرار منعدم، ولوجود أخطاء جوهريّة في هذه الإجراءات، ومن بينها أنّ أحد الإخطارات التنفيذيّة التي صدرت بحقّ رولا كانت تعتريها أخطاء في البيانات». كما أنّ «الإخطار التنفيذي الثاني الذي بُني عليه إجراء القبض على رولا وسجنها تم تبليغه لرولا قبل يوم من اعتقالها أي في 15 آذار/ مارس الحالي، وتمّ اعتقالها فوراً في اليوم التالي، ولم تمنح المدّة القانونيّة المنصوص عليها في الإخطار والبالغة سبعة أيّام».
ولكن على ماذا رست الأمور في النهاية؟ تقول أمين لـ «السفير» إنّها بخير مع طفلتها، وإنها ستمضي في معركة الحصول على حقّها بحضانتها وفق ما ينصّ عليه القانون الأردني حتى النهاية. ويقول المحامي صلاح الدين البشير إنه لا خوف مبدئياً من سجن رولا مجدداً أو نزع ابنتها من أحضانها، وإن الضمانة الأساسية بالنسبة لهم هي القانون الأردني والحقّ الذي لا بد أن يستند إليهم الحكم النهائي في دعوى الحضانة المستمرة منذ عام ونصف العام.

(السفير)

السابق
محاسن نوم القيلولة…معرفة السبل والوقت الأفضل
التالي
تجار برج البراجنة اعتصموا احتجاجا على اقفال طريق مستشفى الرسول