عليان: على الدولة اللبنانية ان تأخذ موقفاً تاريخيا تجاه الإمارات

وأخيراً خرجت وزارة الخارجية اللبنانية والمغتربين عن صمتها بعد ترحيل 70 عائلة لبنانية من الإمارات بتأكيدها بجملة مقتضبة انه ” تبلغنا من سفارة لبنان في الامارات ان السلطات الاماراتية قررت ترحيل 70 عائلة لبنانية في الساعات الـ 24 المقبلة”. وبينما يتابع رئيس لجنة المُبعدين من الإمارات حسان عليان اتصالاته مع المسؤولين اللبنانيين لمتابعة مجريات هذه القضية لاسيما بعدما جُمّدت قرارات الإبعاد سابقاً طيلة الخمس سنوات رغم بعض العمليات الترحيل المخفيّة والمبطنة، يبدو ان الموضوع بحاجة الى زيارة ثانية لرئيس مجلس النواب نبيه بري الى الإمارات لمعرفة خلفيات هذا القرار التعسفي من مسؤول رسمي.

مما لا شكّ فيه ان موضوع ترحيل اللبنانيين من الإمارات منتهٍ تحت عنوان “الأمن القومي”، إذ يبدو واضحا ان السياسة التي تنتهجها دولة الإمارات حيال اللبنانيين وتحديدا الشيعة منهم هي ضمن اجندة أميركية – صهيونية للضغط على مشروع المقاومة اللبنانية. يُقال ان هناك لائحة إماراتية طويلة معدّة سلفا بأسماء رجال الاعمال وأصحاب رؤوس الأموال لطردهم تعسفياً دون ذكر الأسباب او التحقيق معهم. قضية لم تتكبد الدولة اللبنانية عناء البحث عن الأسباب واتخاذ موقف تاريخي من دولة الإمارات ليبقى المبُعدون يدفعون ثمن “المضايقات السياسية” بخسائر مالية فادحة وترحيل اجتماعي تعسفي.
إكتفت الإمارات بعدم التعليق حالياً على قرارها، في حين تشير كل المعطيات السابقة الى ان خلفيات هذا القرار سياسية مسقطة بذلك ذريعة “الأمن القومي”. في العام 2009 قامت الإمارات بترحيل عشرات اللبنانيين من الطائفة الشيعية الذين عاشوا لسنوات طويلة على اراضيها للاشتباه في علاقتهم مع حزب الله المدعوم من ايران. وفي عام 2013، رحّلت قطر 18 لبنانيا بناء على قرار صادر عن دول مجلس التعاون الخليجي بفرض عقوبات على حزب الله نتيجة تدخله العسكري في سورية الى جانب قوات النظام. وفي 2015 قامت الإمارات بترحيل 70 عائلة لبنانية لأسباب مجهولة مرتبطة بدون شك بسياسة المقاومة ومحاولة ضربها من خلال ترحيل 63 شيعيّا من الأراضي الإماراتية.
ليست المرة الأولى التي تقرر الإمارات فيها ترحيل لبنانيين، كما ليست المرة الأولى التي تعلق فيها كتلة المستقبل على قرار الترحيل حيث جاء الرد هذه المرة على لسان نائبها نبيل دو فريج بقوله “العلاقة مع الامارات فاترة في الآونة الاخيرة ونشعر منذ أكثر من شهر ان الامارات عندها حذر تجاه اللبنانيين ولكن حتى الساعة لا نعلم سبب ترحيلهم”.
“حتى الآن ليست لدينا معلومات أكيدة عن خلفيات هذا الابعاد، ولكن حتما هناك عناوين عدة من السياسة الى المنظومة الامنية” هكذا يقرأ رئيس لجنة المُبعدين من الإمارات حسان عليان قرار ترحيل الإمارات لـ70 عائلة لبنانية. هو الذي دفع ثمن الترحيل في العام 2009 يوم قررت الامارات ترحيله لأنه من بيئة مقاومة، يحاول جاهداً رفع الصوت للحدّ من هذه المهزلة بتواطؤ دولي وصمتٍ رسمي مطبق.

مهلة الـ 24 ساعة
ويرى عليان ان الفرق بين عملية الترحيل هذه والعمليات السابقة يكمن في نقطتين : العدد الكبير للبنانيين المُبعدين والذي بلغ 70 عائلة وليس 70 شخصا. اما النقطة الثانية فتتمثل بالمدة الزمنية المعطاة لهؤلاء لمغادرة البلاد. ما يعني ان هذه المهلة ستتسبب بخسائر مالية واقتصادية فادحة بالعائلات اللبنانية التي لا تملك الوقت الللازم لإنهاء معاملاتها وبيع ممتلكاتها وتحسين اوضاعها أقله تيمنا بالعمر الذي قضاه على هذه الأرض.
وأكد عليان انه حسب المعطيات المتوافرة لقد تمّ تأكيد خبر ترحيل 70 عائلة الى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي إكتفى بتصريح يؤكد صحة المعلومات المتداولة. برأيه بدأت عملية الترحيل في العامين 1998 و2009 على نحو مبطن تفاديا لأي بلبلة اعلامية، وكان هناك قرار بترحيل عدد كبير يصل الى 6 آلاف شخص مدرجة اسماؤهم في قائمة المرحلين سلفا لكن الوساطة التي قام بها الرئيس بري نجحت في تجميد هذا القرار موقتا. ولكن الأكيد من هذه العملية غياب الأسباب لهذا القرار التعسفي وانتماء معظم المبعدين الى الطائفة الشيعية ما يعزز نظرية الانتقام من المقاومة عبر شعبها.

خسائر بـ 60 مليون دولار
يُدرك جيدا عليان ان مشروع الترحيل يخدم الاجندة الاميركية الصهيونية والرؤية الداعشية حديثاً، ولو حقا كل الذين رُحلوا او إتُخذ قرار بترحيلهم يهددون الامن القومي لماذا لم تصدر مذكرات توجيهية بحقهم او حتى قرار بإعتقالهم وحكمهم؟ الخطة واضحة ومرسومة سلفاً من هذه الدولة عنوانها ضرب مشروع المقاومة وتشكيل بيئة ضاغطة للنيل منها بطريقة غير مباشرة. وأكثر من ذلك يُضيف عليان “هناك عائلات مضى على وجودها في الامارات اكثر من 20-30 سنة وهي اليوم تواجه قرار الترحيل شأنها شأن العائلات الأخرى ، فلماذا لم تتخذ الدولة الاماراتية قرار الترحيل بحقها مسبقا؟ ولماذا لم تتحرك منذ 30 عاما اذا كان سبب ترحيلها امنيا بحتا ؟”.
ويشير الى اننا علمنا “انه مورست على بعض التجار الكبار وأصحاب الاموال اللبنانيين في الامارات ضغوط كما أجبر البعض الآخر على بيع ممتلكاتهم بأسعار زهيدة حيث بلغت خسائرهم 60-70 مليون دولار”. ان العائلات المبعدة تتكبد خسائر فادحة بسبب عدم امهال الدولة الامارتية لهم سوى 24-48 ساعة لتسوية اوضاعهم قبل العودة الى لبنان. ويختم عليان صارخا “على الدولة اللبنانية ان تأخذ موقفاً تاريخيا يُسجل لها تجاه الإمارات. لم يعد مسموحا ان نُذل، على دولتنا الفاضلة ان تقف الى جانب مواطنيها ، إذ لم يعد جائزا ان نقبل بهذه السياسة التعسفية – التمييزية التي تشنها دولة الامارات من وقت الى آخر بحق اللبنانيين”.
وبينما يتناقل اللبنانيون في الامارات معلومات عن رفض السلطات منح عدد من اللبنانيين تأشيرة اقامة بالرغم من حصولهم على عروض عمل. وخشية البعض الآخر من المعايير التي ستعتمدها السلطات لتحديد من هو المنتسب لحزب الله وتتعاظم هذه المخاوف خصوصا عندما يأتي موعد تجديد الاقامة، يبقى السؤال هل سيكون للدولة اللبنانية موقف واضح مما يجري ام “يا غافل إلك الله”؟

(البلد)

السابق
الاعلامية البارزة رلى أمين في السجن من أجل ابنتها 
التالي
السنيورة «يتمرّد» على الحريري.. والحوار!