زحمة السير في لبنان تكلّف المليارَي دولار سنوياً

في بلدٍ تتحوّل مداخل مدنه الكبرى في ساعات الذروة “باركينغ” عمومياً، أصبحت قضيّة زحمة السير واقعاً يتعايش معه المواطن. فالخسائر التي تطال وقته وماله تدفعه باستمرار الى التساؤل عمّا اذا كان ثمّة جهود تبذل من الجهات المعنيّة للحدّ من هذه المشكلة التي ترخي بثقلها على كلّ اللبنانيين دونما استثناء.

وفق دراسة ميدانيّة أعدّتها “الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية” LIRSA، تعود أسباب زحمة السير في لبنان الى قصر شبكة المواصلات، ازدياد عدد المركبات، غياب النقل العام، عدم وجود مواقف للسيارات، عدم اجراء دراسة جدوى مرورية للمجمّعات والأبنية المنشأة، غياب التنظيم المدني، عشوائية الترخيص لورش الأشغال، وعدم وجود إدارة مرور.

وفي جولة سريعة على الأرقام، تكشف احصاءات LIRSA أن “عدد المركبات في لبنان لا يقل عن مليون و500 ألف مركبة، يدخل منها 400 ألف الى العاصمة بيروت يومياً، مما يؤثّر سلباً في وضع الطرق وطبيعة الحركة المروريّة”.
على خطٍ موازٍ، أشارت دراسات أعدتها جامعتا هارفرد ولويزيانا الأميركيتان والحكومة اللبنانية إلى أن خسائر الدخل القومي اللبناني نتيجة زحمة السير، تصل إلى ملياري دولار سنوياً، وذلك بفعل الوقت الضائع الذي يخفّف الإنتاجية، وحرق الطاقة، وصيانة السيارات، اضافةً الى ثني المواطنين عن التسوّق تفاديًا لقضاء وقت طويل في السيارة.
ويلاحظ أن الخسائر تتراكم في ظل غياب تنفيذ الخطط التي من شأنها التخلّص من زحمة السير. لكن ماذا عن الأموال الطائلة التي ينفقها لبنان لدعم قطاع النقل العام والتي تقدّر بحوالى 500 مليون دولار، من دون أن ينعكس ذلك تطويراً فيه؟ والى متى سيظلّ مشروع النقل العام المشترك مشروعاً مؤجلاً؟
في الأمس القريب، جرى الحديث في مكتب وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر عن “تحضيرات مكثّفة لإطلاق مشروع النقل العام للركاب ضمن بيروت الكبرى، بما في ذلك النقل السريع على الخط الساحلي”. وهذا الأمر “يشكل نظام نقل متكاملاً لخدمة كل المناطق ضمن بيروت الكبرى، وربطها مع مراكز المحافظات في الشمال – الجنوب – البقاع كمشروع رائد ينفذ في مرحلة أخرى، على أن يتم في المرحلة الثانية استكمال هذا النظام وايصال خدمة النقل الى كلّ المناطق اللبنانية”. لكن حتّى الآن يبقى حبراً على الورق ويبقى المواطن أسير سيارته.
ولكن يبدو أن ثمة أملاً، إذ أكّد رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب محمد قباني لـ”النهار” “أنّنا دخلنا حاليًا مرحلة الأشهر وليس السنوات، لتنفيذ خطة النقل العام المشترك، فثمة مشاريع عدّة يتمّ التشاور فيها مع البنك الدولي بغية الوصول الى أفضل الحلول خدمةً للمواطن”. وإذ شدّد على أن وزارة الأشغال تبّنت أفكاراً عدّة حول خطّة النقل وقدّمتها للحكومة، أمل في حلّ قريب”.
وأعلن قباني بعد الاجتماع الذي عقدته لجنة الأشغال النيابية الأربعاء الماضي أن ” ثمّة اجتماعات تُعقد من دون الاعلان عنها مع البنك الدولي وخبراء لبنانيين لحلّ موضوع النقل العام”، وأشار الى انّه “سيقوم بعقد جلسة مهمّة في المجلس النيابي خلال الأسبوعين المقبلين اذ سيقدّم البنك الدولي اقتراحاته في هذا الشأن”.
تجدر الإشارة الى أن مجلس الإنماء والإعمار يعمل على اعداد دراسات لإطلاق مشروع لتطوير النقل الحضري في منطقة بيروت الكبرى، تقدّر قيمته بـ 200 مليون دولار. ويرتكز المشروع الى إنشاء خطوط للباصات بين بيروت وطبرجا، ويناقش المجلس حاليًا مسألتي وضع الخطط العملانية للمشروع وتمويله مع البنك الدولي، وفق التقرير الأسبوعي العاشر لبنك عودة.

السابق
إيران تستفزّ المنطقة والمعترضون كُثر
التالي
عن فضل شاكر «المجرم» و«قدّيسي» حزب الله