رستم غزالة. الاسم لوحده كاف لإدخال الرعب الى قلوب اللبنانيين وربما الى قلوب جميع السوريين. رستم غزالة اللواء السوري ابن محافظة درعا الذي عيّن في العام 2002 بديلا للواء غازي كنعان على رأس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان.
هو الرجل البدين القصير القامة الحاد النظرة الاصلع المدجج بالسلاح، والمتخم بالمرافقين والذي تنم ابتسامته عن قوة مخيفة اضافة الى انه كان يعيش كالملوك من حيث الرفاهية على عادة الضباط السوريين الذي خدموا في لبنان دولتهم النظامية.
وكان له زوجتان إحدهما لبنانية تدعى لبنى عويدات، وله منها اولاد. كانت قد هربت الى لبنان عبر مطار بيروت الا انه اعادها بالقوة عبر شكوى مقدمة من “ضرّتها” تتهمها فيها بالسرقة.
وكان غزالة قد انضم الى سلاح المدفعيّة في الجيش السوري، والتحق بدورة ضباط في الاتحاد السوفياتي، واستعان الجيش السوري بخبرته العسكرية لفرض الرعب على لبنان في فترة الحرب الأهليّة في السبعينات. واتخذ من بلدة عنجر البقاعيّة مقرا لقيادته حيث ان الشهيد ابو حسن سلامة (حزب الله)، الذي اغتاله الموساد الاسرائيلي، كان من الذين ذاقوا طعم سجون عنجر عند رستم.
كما كان لأوتيل الـ”بوريفاج” المركز الأمنيّ الأشهر في بيروت دوره البارز في استدعاء السياسيين اللبنانيين الذين نادرا ما كانوا يتأخرون عن تلبية طلبات غزالة او غازي كنعان قبله ومن لفّ لفّهم.
ولا تزال قضية الخوات التي فرضها كضابط سوري حاكم على السياسيين تتردد في الاعلام، وآخرها ما ذكره عبداللطيف الشماع من ان غزالة كان يتقاضى من الرئيس رفيق الحريري ما يصل الى 60 ألف دولار شهريا.
وكان غزالة يتدخل في كل صغيرة وكبيرة بدءا من تعيين الوزراء والنواب وتوظيف أزلامه اللبنانيين من إعلاميات وإعلاميين وفرض الخوّات على المؤسسات الكبيرة والصغيرة، والشركات. وقد وصل الامر الى الادارات الرسميّة كوزارة العمل مثلا حيث القصص لا تُعد ولا تُحصى ومنها التغاضيّ عن أي ملف يمّس مقربين لهم او مؤيدين او بعثيين او مناصرين قدماء. فكانت تطوى الدعاوى والملفات بسحر ساحر بحجة انها تمسّهم. ولايمكن نسيان ما تعرض له مناصرو التيار الوطني الحرّ حينها من ملاحقات واعتقالات اضافة الى اقفال محطة “ام تي في” والتضييق على محطة “الجديد” وغيرها من الوسائل الاعلامية المحليّة اذ باتت الحرية والديموقراطية أمرا ً شكليّأ.
ووصل الفساد بأن كانت الأسر اللبنانية تشتكي للضابط السوري ضد بعضها البعض في مشاكل قد تصل الى مستوى المشاكل الشخصيّة والعاطفية.
وكان العامل السوري العادي كبائع الكعك يُعامل كالمدير خوفا من استدعاء المخابرات التي لم ترحم أحدا، اذ دفع الشباب اللبناني ثمنا باهظا جراء ذلك. ولا تزال مسألة الإخفاء القسري للآلاف مأساة تعيشها أمهات لبنان حتى اليوم. وكان يتم سحب وخطف أيّ معارض بمجرد الشبهة دون أي تفسير او معلومة.
وكانت الطامة الكبرى حين سلّم الرئيس الحريري لـ”غازي كنعان” مفتاح بيروت العاصمة كتكريم على خروجه من لبنان وتعيين رستم غزالة مكانه!
وقد وصلت جرائم النظام السوري الى أقصاها فيما يتعلق بالتمديد لرؤساء الجمهورية والنواب حيث كان الدستور لعبة بين أيديهم، ولم يقف بوجههم او يواجههم سوى النائب السابق الراحل نسيب لحود في الوقت الذي كان الجميع منصاعا لهم.
ومن ينسَ فضائح تبييض الأموال عبر بنك المدينة الذي لا يزال ملفه مطويّا حتى الآن.
وهل ننسى كلبنانيين الإنشقاقات والمعارك التي ضربت الأحزاب اللبنانية دون استثناء، بايعاز من غزالة نفسه وسلفه كنعان الحكّام الفعليين والممسكيين بزمام السلطة فيه؟
فلبنان منذ العام 1973 يعيش ظاهريّا كنظام ديموقراطي، لكن فعليّا فقد كان محكوما من أصغر ضابط سوري، اذ وصل الامر الى ان تستباح الاعراض وتخطف البنات وترسل النساء كهدية الى عنجر والبوريفاج، ولم يستثن من ذلك نساء السياسيين الطامحين دوما الى الكراسي!
وبعد اغتيال رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان عاد غزالة الى سورية، حيث عُيّن رئيسا للأمن السياسي هناك.
لكنه خلال وجوده في لبنان كان “قد أدار شبكة تجارة مخدرات في البقاع خلال الحكم العسكري السوري”، على ما يذكر البعض.
والجميع يذكر حين اهدى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ضابط سوريا في لبنان العميد غزالة “بندقية المقاومة” في احتفالية توديع رافقت انسحاب القوات السورية من الأراضي اللبنانية تحت وطأة “ثورة الأرز” وضغوط المجتمع الدولي.
ومناسبة هذا التقرير هو تردد معلومات عن موت غزالة حيث ذكرت تقارير صحفيّة أنه تم التأكيد على الشائعات التي تقول إن “رستم غزالة” أغتيل. في حين انتشرت أخبار تقول إن الأسد عزله من منصبه، وتقول أخرى إنه تعرض للاغتيال. ومن المؤكد ان الآلاف من ضحاياه اللبنانيين سيشعرون بفرحة الانتقام ولو بعد حين من الزمن.
فهل تصح خبرية تصفيته؟ ام انه يرقد في إحدى المستشفيات بين الحياة والموت بعد تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة؟ ولماذا نشر فيديو تدمير قصر رستم الغزالي على يد شبيحته خوفا من سيطرة الثوار عليه. وهل لا يزال على رأس عمله وبكامل صحته حيث أكد عدد من مؤيديه عبر الفايسبوك أنه على رأس عمله وبصحة جيدة، ونشروا صورة له مؤرخة بتاريخ 23 شباط وهو في مكتبه مرتديا بزة عسكرية؟!