رحيل أبو اسماعيل قندقجي

لم تُغَيِّر السنوات التسعون من عزيمة إبن مدينة صور أبو إسماعيل مصطفى قندقجي، الذي بكّر في انتمائه إلى «الحزب الشيوعي اللبناني»، وبقي وفيًّا لمبادئه حتى اللحظات الأخيرة.

نهل أبو إسماعيل من معين الحياة، وتعلم منها معاني مواجهة الصعاب بصبر وتفانٍ. سحرته مع مطلع شبابه الثورة البلشفية، وانضم في ما بعد إلى «الحزب الشيوعي» إلى جانب المرحوم المعلم رفلة أبو جمرة، وحسين الخشن، ومهند الصفدي، وآخرين من طيف صور المتعددة الانتماءات والأديان، غير آبهٍ في تلك الفترة بالملاحقات والاعتقالات التي كانت تطال المناضلين من جانب الانتداب الفرنسي والسلطة اللبنانية.
عندما سُدَّت سبلُ العيش أمام أبو اسماعيل، بعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، اضطر إلى العمل في تمديد سكة الحديد، التي كانت تربط لبنان بفلسطين المحتلة عند منطقة رأس البياضة ـــ الناقورة. أحدثت تلك الفترة القصيرة من عمله بأجر مهم حينها (ليرة سورية لبنانية واحدة يوميًّا) تحولًا إضافيًّا في رفض أبو اسماعيل للظلم والقهر، بعدما كان يشاهد بأم عينه تعرض العمال المستقدَمين من المستعمرات البريطانية للضرب من قبل الجنود الإنكليز.
تعلق أبو اسماعيل بالقراءة إلى حد الشغف، قرأ عشرات الكتب والروايات، وثابر على متابعة الصحف اليومية والمجلات التي كانت ضيفته وجليسته الدائمة على طاولة المقهى الذي كان يرتاده قرب منزله في صور، قبل أن تدفعه الظروف قبل سنوات قليلة للانتقال إلى منزل آخر مستأجر عند مفترق العباسية.

يجري دفن قندقجي قبل صلاة ظهر اليوم في جبانة الخراب في صور.
(السفير)

 

السابق
إرهاب «راجح»
التالي
كندا: شيخ شيعي لبنانيّ تدرّب بايران.. فطردته