فلسطين.. في أوراقها النقدية حتى العام 1948

من علامات استقلال الدول وسيادتها، تمتعها بامتياز إصدار العملة الرسمية، وفرض استعمالها على كامل أراضيها.

هذا الحق البديهي محروم منه الشعب الفلسطيني، الذي يستخدم اليوم الشيكل الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
لكن التاريخ يخبرنا بواقع مغاير عندما كانت لفلسطين عملتها الخاصة التي تحمل رموزاً تعكس هويتها العربية.
وبعد انهيار السلطنة العثمانية، وسيطرة فرنسا وبريطانيا على الشرق الأوسط، ظهرت الحاجة إلى إيجاد عملة جديدة لفلسطين، لتحل مكان الليرة العثمانية، والجنيه المصري الذي استخدم على نطاق واسع في مختلف المناطق الساحلية لكل من فلسطين، لبنان وسوريا.
ولذلك، قررت وزارة المستعمرات البريطانية في العام 1926 تأسيس «مجلس نقد فلسطين»، ومنحته حق إصدار قطع وأوراق النقد، بغية استعمالها ضمن الأراضي المشمولة بالانتداب البريطاني.
وهكذا أبصر «الجنيه الفلسطيني» النور، ووضع في التداول في الاول من تشرين الثاني العام 1927، وقد قسم إلى ألف مل، بحيث صدرت القطع المعدنية من فئة مل واحد إلى مئة مل، بينما تراوحت الأوراق النقدية من فئة الخمسمئة مل إلى ورقة المئة جنيه.
وأثارت هذه الأوراق فور صدورها عاصفة من الانتقادات، لكون السلطات البريطانية حاولت استرضاء الحركة الصهيونية، فجاءت الأوراق المالية وهي تحمل كتابات باللغات العربية والانكليزية والعبرية. وما زاد من سخط الفلسطينيين هو الكتابة الإضافية التي وضعت بعد كلمة فلسطين بحيث تم كتابة بين قوسين بالعبرية «ألف ياء» وهو مختصر لـ «أرض إسرائيل» (باستثناء فئة الـ500 مل).
ولم يكن هذا الإجراء كافياً، إذ اعتبرت الحركة الصهيونية أن أوراق النقد لا تحمل رسومات تعبر عن «الهوية الإسرائيلية».
وبالفعل، فإنّ كل الأمكنة التراثية التي تظهر على الأوراق النقدية كانت تعبر عن هوية فلسطين العربية، ففئة الـ500 مل، تصور مسجد بلال بن رباح على تخوم بيت لحم (تطلق عليه إسرائيل اليوم اسم «قبر راحيل»)، بينما تظهر قبة الصخرة في القدس على فئة الجنيه. وتحمل الفئات الأخرى الرسم ذاته، وهو مئذنة الجامع الأبيض في مدينة الرملة (تطلق عليه إسرائيل ضمن حربها الثقافية لتزوير التاريخ اسم «البرج الأبيض»).
وظل الجنيه الفلسطيني في التداول حتى العام 1948، حيث سارعت إسرائيل، بعد أربعة أشهر فقط من إعلان تأسيسها، الى منع استخدام العملة الفلسطينية.
وفي العام 1949، استبدل الأردن الجنيه الفلسطيني بالدينار الأردني، ومنع استخدام الجنيه اعتباراً من 30 أيلول العام 1950.
وتعتبر العملة الفلسطينية من أهم الأوراق التي يبحث عنها هواة جمع العملات لما تمثله من قيمة تاريخية. وهي نادرة جداً، لا سيما الفئات الكبيرة التي يصل سعرها إلى آلاف الدولارات.
ولعل هذه الأوراق التي تذكرنا دائماً بالقضية الفلسطينية لا تظل مجرد ذكرى للتاريخ بل نجدها من جديد وقد صدرت عن دولة فلسطين المستقلة والحرة في المستقبل القريب.

(السفير)

 

السابق
لبناني يحتال على فرنسي بـ8 مليون دولار!
التالي
منى صفوان تستقيل من «الميادين»