عبد اللطيف الشماع: الحريري سعى الى دفع نصرالله لمساعدته على الأسد

كتبت “المستقبل” تقول: كان مدوّيا خروج غالب أحمد الشماع المعروف بعبد اللطيف الشماع، عن صمته الطويل، خصوصاً لجهة كشف الأسباب التي دفعت الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى فتح حوار ثنائي مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

فمَن كان يلقِّبه زوّار قريطم بـ”أبي الهول”، أبلغ غرفة البداية في المحكمة الخاصة بلبنان، حيث تجري المحاكمة الغيابية لخمسة متهمين يحميهم “حزب الله”، بأنّ الحريري سعى لدفع نصرالله إلى الوقوف معه في عملية إقناع النظام السوري بالانسحاب من لبنان، بحيث” يترك السوريون الأمر للبنانيين في إدارة شؤونهم بأنفسهم على كل المستويات الأمنية والدستورية (…) مع وعده له بأنّ موضوع سلاح حزب الله، يستطيع اللبنانيون أن يجدوا حلاً له بالتفاهم بينهم وبين الحزب”.

ولفت الشاهد الذي كان يُلازم الرئيس الشهيد في لبنان وخلال تنقلاته في الداخل والخارج، إلى أنّ الحريري كان يُبذل جهوداً في ذلك الأمر ولكن لم يصل إلى حلّ معين.

وشرح الشاهد الذي لم يخرج يوماً على الإعلام وكان صديقاً للحريري منذ أيام الطفولة في صيدا، لغرفة البداية، طريقة تفكير الحريري لفتح حوار مع نصرالله، فقال: “ظنّ الحريري أنّ التواصل مهم مع حزب الله وشرح وجهة نظره بأنّ لبنان لا يمكنه الاستمرار بالطريقة التي كانت سائدة في ذلك الوقت. وكان يعتبر أنّ حزب الله عنصر أساسي في هذه المعادلة وكان يرغب في أن يُقنع حزب الله أي السيد حسن نصر الله بأنّ نيّاته ليست في مواجهة سوريا ولا كما كان يذكر، في بعض الأحيان، بالتآمر على سوريا، ولكن بحفظ وعمل علاقات سليمة بين سوريا ولبنان، وكذلك المحافظة على مصلحة سوريا التي كانت تقول آنذاك إنّ حدود لبنان المتاخمة لسوريا هي ضعيفة إذا لم تكن تحت سيطرة السوريين”.

ووفق الشاهد، فإنّ سبب اختيار الحريري لنصرالله يعود الى “ما كان معروفاً عن العلاقة الوطيدة بين حزب الله وسوريا (…) خصوصا وأنّ أحد الامور التي كانت تهمّ الرئيس الحريري في تلك الفترة تتعلق بحل المشكلة السورية (…) واعتبر الحريري أنّ نصر الله إنسان ضحّى بولده في سبيل استقلال لبنان، ورغب في التواصل والتفاهم معه على طريقة معينة للخروج بالبلد من هذا المأزق الذي وصل إليه”.

وقدّم الشمّاع، بوضوح غير مسبوق، نظرة الحريري إلى القرار الدولي 1559 الذي كان يُصرّ النظام السوري على اتهام الحريري وبعض المحيطين به بوضعه، فقال: “جاء القرار 1559 في مصلحة لبنان أو لنقل الذين يرغبون ويؤيدون مصلحة لبنان. كان هو عبارة عن وضع حدّ للتدخّل السوري المباشر في لبنان وهذا ما كان يسعى إليه معظم اللبنانيين الوطنيين. وكان جواب الحريري على اتهام السوريين له به إنه يريد أن يقيم علاقات صداقة وودّ وتعاون مع السوريين، وليس علاقات حاكم ومحكوم”.

وأضاف: “موقف الرئيس الحريري من سلاح حزب الله كان يناقشه مع السيد حسن نصر الله ودامت مناقشته له فترة طويلة ولا يعتبر الرئيس الحريري أنّ وجود سلاح بيد أي طرف كان، هو سلاح مقبول، إلاّ سلاح القوى الأمنية اللبنانية. في ذلك الوقت كان هناك سلاح حزب الله وسلاح ميليشيات تابعة لسوريا”.

وهذه نقاط في غاية الأهمية للإدّعاء العام، الذي بدأ يُظهر ما لديه من أدلة على الصلة المتينة التي كانت تربط النظام السوري، المعادي للحريري، بحزب الله.

وأفاد الشاهد، وهو كان يرافق الحريري في معظم زياراته لدمشق، إلى أنّ الحريري، وتدريجياً، منذ العام ألفين وثلاثة “كان يائساً من إمكانية التعاون أو التواصل أو إمكانية إقناع السوريين بما كان يصبو إليه (…) وهو عاد بعد لقاء الأسد الذي فرض فيه عليه التمديد للرئيس يومها اميل لحود “تحت طائلة تكسير البلد على رأسه وعلى رأس وليد جنبلاط” بقناعة أنّه لا فائدة تُرجى من التواصل أو التباحث من جديد مع السوري.

وكشف الشاهد الذي كان يشهد بما كان الرئيس الشهيد يُحدّثه بشأنه، أنّ الحريري وجد في محاولة اغتيال النائب مروان حماده رسالة قاسية جداً، له ولجنبلاط، وقد غيّرت كثيراً من قناعاته، وهو كان بإصراره على تكثيف زيارات الإطمئنان لحماده، يهدف إلى إبلاغ النظام السوري بأنه مصمّم على موقفه من وجوب انتهاء تدخّلهم بالسياسة اللبنانية.

وكان لافتاً للإنتباه أنّ رئيس الغرفة القاضي دايفيد راي كما ممثل الادّعاء العام غرايم كاميرون، توقفا باهتمام، عند العلاقة التي تربط بشار الأسد برستم غزالة، وأرادا أن يأخذا ما يكفي من تأكيدات على أنّها علاقة امرة مباشرة، الأمر الذي أكده الشاهد، مراراً وتكراراً، وأكد أنّ هذا الموضوع تحدّث به الرئيس الحريري، أكثر من مرة.

والتشديد على هذه الصلة في غاية الأهمية، لأنّ الحريري، ومنذ العام ألفين وثلاثة، بدأ يتعرّض لتهديدات، مباشرة وغير مباشرة، مصدرها إمّا الأسد وإمّا غزالة.

وأشار الشاهد إلى أنّ النظام السوري كان مستاء من الطريقة التي اعتمدها الحريري لبيع أسهمه في صحيفة “النهار” بعد طلب الأسد منه ذلك في اجتماع “التهديد والإهانة” الذي حضره مع الأسد إلى غزالة كل من غازي كنعان ومحمد خلوف.

وفي تعداده للفوارق في العلاقة بين الحريري ودمشق في فترتَي حافظ الأسد وبشار الأسد، أشار الشاهد إلى أنها تميّزت مع بشار بقلّة الإحترام وبالتهديدات وبالشتائم.

ولفت الشاهد إلى دور الحريري الرائد في التوصل إلى اتفاق الطائف، كما إلى الطموحات الإنمائية والإعمارية التي دفعته إلى العودة إلى لبنان والإنخراط في العمل السياسي، بعدما كان قد انكب على توفير ستة وثلاثين ألف منحة دراسية للشباب بالإضافة الى المساعدات المرضية لمَن كان بحاجة.

وفي جولة مع ممثل الادّعاء العام للإشارة على المروحة الواسعة التي كان يقيمها الحريري عربياً ودولياً، من خلال علاقاته المتينة مع قادة الدول على امتداد الكرة الأرضية، توقف الشاهد عند لقاءين جمعا الحريري في دبي مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. في الزيارة الأولى “وكنتُ جالساً الى جانبه” كان الشيخ محمد يسأله عن مشاريعه وتطلعاته للبنان وماذا يخطط لتطوير البلد وكان الحريري يسترسل فيها لأنّ هذه الامور كانت أحَب إلى قلبه من السياسة، وشرح له ماذا ينوي أن يفعل لتطوير لبنان وتطوير الاقتصاد والمؤسسات وخلاف ذلك. وفي المرة الثانية التي ذهب لمقابلته “وأعتقد بعد سنة” قال له الشيخ محمد: “أيّها الصديق أنت تفكّر بالمشاريع الإنشائية والتطوير وخلاف ذلك، ونحن استفدنا من أفكارك ونطبق هذه الامور في دبي”.

شمّاع يواصل اليوم الإدلاء بإفادة ستستمر على مدى يومين إضافيين.

السابق
«الضمان» ونقابة الأطباء يرفضان الوصفة الموحّدة وزارة الصحة و«مافيا» الدواء.. مَنْ يهزم مَنْ؟
التالي
برّي وسلام يلتقيان قريباً ولقاء عون – جعجع ليس بعيداً والراعي يتحرّك مُجدّدا