الخطة الأمنية في البقاع دفنت قبل ان تولد.. بقرار ممن؟

عقب عملية اقتحام سجن رومية التي نفذها وزير الداخلية نهاد المشنوق مسلحاً بدعم حزب الله وتأييده ومباركته، وهذا ما اشار إليه حينها نبيه بري رئيس ميليشيا حركة أمل ورئيس المجلس النيابي اللبناني في الوقت عينه.. حين قال أمام زوّاره بحسب ما نقلت صحيفة “الجمهورية”، «إنّ عملية سجن رومية هي إحدى تداعيات الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله»، وأثبَتت أنّ هناك دولةً فعلاً، فلقد كان الأمر يتطلب قراراً سياسياً، ما إن اتُخِذ حتى نُفّذ، وأفضل ما في هذه الخطة أنّها نُفِّذت بكتمان، لكنّ هذه التداعيات ستستمرّ من خلال الخطة الأمنية في البقاع».. الاشارة إلى ان عملية قادمة في منطقة البقاع لضبط الأمن الغائب ووقف المطلوبين وهم بالالآف، هي من باب الترويج للتوازن الطائفي والمذهبي وكما يبدو فقط لتنفيس غضب الشارع واهالي الموقوفين وهم اكثر من المحكومين.. لأن المشنوق تحدث وكانه قد أجهز على مجرمين واوقف مطلوبين، وهم في السجن فعلياً إن كان لا يدري؟ في حين ان منطقة البقاع تعج بالمطلوبين ولا حسيب ولا رقيب ولم يقدم على خطوة واحدة لاعتقال أحدهم..ربما لأن صاحبه وفيق صفا لا يرغب إلى الآن باقفال هذا الملف أو انه لا يجد الوقت مناسباً.. فمنطقة شمال البقاع وجمهورها وحتى أن معظم المطلوبين فيها، هم وقود حزب الله في الصراع الدائر في سوريا والعراق واليمن.. والتهويل بهم على استقرار الأمن في لبنان والبقاع تحديداً أداة مناسبة.. إذ فجاة تقع عشرات حوادث الخطف والسلب والقتل وغيرها من الأحداث، وأحياناً تمر فترة هدوء مدروسة ومحددة بأدوار لا بد من تمثيلها بما يتناسب مع متطلبات المرحلة..حتى لا ينزعج الفريق السياسي للفريق المؤيد لمحور طهران – دمشق.

ومع ذلك كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ان عملية تطهير البقاع من المجرمين والمطلوبين قد اقتربت.. وان الاعداد لها يجري على قدم وساق.. وان مخابرات الجيش والأمن العام الذي يثق بهما جمهور المقاومة والممانعة.. وغيرها من المؤسسات الأمنية وما اكثرها في لبنان.. تعد العدة للقيام بالمهمة المطلوبة..فقد أوردت محطة(OTV) مؤخراً أن 500 ضابط وعنصر من الامن الداخلي يتحضرّون للخطة الامنية في البقاع.. إن مجرد نشر هذا الخبر معناه ان المطلوبين في البقاع قد غادروا أماكن سكنهم.. وأن اعتقالهم قد أصبح غير ممكن أو في خبر كان.. ومما يعني ان الاعلان عن الخطة وحجم عناصرها وعديد قوتها معناه أن الخطة قد انتهت وتم الاجهاز عليها رسمياً. ثم إن في البقاع ما مجموعه 35000 مذكرة توقيف.. فكيف لقوة أمنية بهذا الحجم ان تنفذ خطوة امنية محكمة.. وتقوم بتوقيف هذا العدد الضخم من المطلوبين..وهذا الاعلان والسلوك والتصرف وعدد القوة الأمنية يذكرنا ببيت الشعر الذي يقول:

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا  أبشر بطول سلامة يا مربع

ويجدر القول هنا أن جرير والفرزدق شاعران معاصران لبعضهما البعض، اشتغل كل منهما بهجاء صاحبه وما هذا البيت الا تجسيداً لهذا الصراع فجرير يتهكم على الفرزدق الذي هدد قتل برجل اسمه مربع وهذا أشهر بيت قيل في التهكم و قد صار مثلا يضرب في من يهدد بشيء بعيد عن استطاعته..
ويبدو ان رد رعاة وحماة وداعمي  المطلوبين في البقاع على خطة الحكومة اللبنانية الهجينة والمشلولة والعاجزة يتناسب ويتناسق ويتناغم ويتجانس مع ما قاله الفرزدق في أحد شعراء بني نمير للدلالة على عجزه وفشله وقلة حيلته وقوته…بقوله:

فغض الطرف إنك من نمير      فلا كعبا بلغت ولا كلابا

وهذه هي حالنا مع هذه الحكومة… ووزير داخليتها وأجهزتها التي لم تلحظ حصاد المخدرات طوال شهر أيلول- سبتمبر..وهي نفسها التي لاحظت غياب عنصرين مؤيدين لأحد المطلوبين من مدينة صيدا، التي يتجاوز سكانها مئات الآلاف.. ولم تلحظ إلى الان غياب آلاف العناصر من ميليشيا حزب الله الذين يقتلون الشعب السوري ويشردونه داخل الاراضي السورية…ولا جثث قتلى حزب الله في طريق عودتها عبر الحدود إلى لبنان..وهي نفسها الحكومة والأجهزة الأمنية التي تعتقل كل من يؤيد ويدعم الثورة السورية ولا تجرؤ على مجرد التعرض لمن يشارك و يقوم بالتدخل في سوريا والعراق واليمن لأسباب دينية وتحت راية حزبية ويسيء للعلاقات اللبنانية مع الاشقاء العرب.. وهي نفسها الحكومة التي لم تلحظ إلى الأن بل لم تجرؤ أن ترد على تصريح الخامنئي الذي أشار أو طلب فيه التحاق المتطوعين الايرانيين بميليشيات لبنانية وسورية وعراقية؟
لذا ألا يحق لنا ان نتساءل عن الجهة او المسؤول الذي يسرب المعلومات إعلامياً وربما بطرق أخرى.. ويقوم بتبليغ المطلوبين بطريقة غير مباشرة عن قرب تنفيذ المهمة الأمنية في البقاع؟ مما يعني ان الخطة ولدت ميتة؟قبل ان تولد؟
(المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات)

السابق
انتخابات الفيفا: قبول طلبات المرشحين الاربعة
التالي
من أين لـ«داعش» هذه القوة؟