من فودة إلى الكساسبة.. القاتل واحد

ليست داعش إلاّ فصيلا إسلاميا، يؤمنُ أفرادُها عموما بالله ورسوله ويطبقون –وفق تفسيراتهم التي لا تختلف إلا بشكل بسيط عن تفسيرات بقية الفرق الإسلامية- تعاليمَ القرآن.

**  **  **  **

إذا نطق الراغبُ بالشهادتين –شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسوله- وكان بوضعٍ صحيٍ ونفسي وعقلي سليم يكون قد دخل الإسلام وفقَ رأي العديد من الفقهاء ماضياً وحاضراً، أما بقية الموجبات –كالصلاة والصوم والحج والزكاة- فعلى الرغم من أهمية تطبيقها –والرأي لهم- فإن ملاحظتهم عدم تقيد المسلم بها لا يستوجب التكفير لأن الله -وفق رأيهم- هو العالم بالنفوس والقلوب والأحوال ولأن دون ذلك مزالق كثيرة.

**  **  **  **

وكيل مجمع الأزهر الشيخ عباس شومان أكد قبل أقل من شهرين أن المرجعية الرسمية الأزهرية لا تكفّر داعش وأنها لم تكفر عبر تاريخها أحداً لأن ذلك يستوجب الكثير من التمعن والتحقق والتقصّي وهو من اختصاص أهل القضاء كما أن شرط التكفير هو جحود المتهم بوجود الله وبرسالة نبيه، ودعا بعد ذلك باسبوعين تقريبا إلى قتال داعش لأنها مارست القتل والتكفير وهتك الأعراض والبغي والفساد فأوجب مواجهتها لكن ذلك يجب أن يسبقه النصح حتى إذا استمع أهلها وتراجعوا عن شرورهم “فلا بأس”!!.

شيخ الأزهر أحمد الطيّب دعا إلى قتل وصلب وتقطيع أيدي وأرجل إرهابيي تنظيم داعش منذ أيام على خلفية قيامهم بإحراق الاسير الأردني الطيار منذر الكساسبة حيّاً-ورد ذلك التقطيع في أربع آيات قرآنية على الأقل- لكنه عاد للتأكيد أن موضوع التكفير لا يجوز إلا إذا أنكر صاحبه وجود الله ونبوة رسوله المسلم!!.

**  **  **  **

مجازر داعش وأفعالها التي لا تمت إلى الإنسانية بصلة ما تزال موضع أخذ ورد ودراسة وتمحيص وتدقيق واختبار عند بعض أهل الرأي، أما أتباع بوذا المسالمين فمصيرهم في جهنم دون أدنى شك!!.

**  **  **  **

ومن يقتل مؤمناً متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه (الآية 93 من سورة النساء).

**  **  **  **

لم يصدر عن مرجعية الأزهر أي بيان يدين قيام داعش بذبحَ الجنود اللبنانيين الأسرى عندها، ربما اكتفت في حينه بموقف دار الفتوى في لبنان الذي استنكر ذلك بشدّة!!.

**  **  **  **

الكاتب المصري فرج فودة كفّرته “جبهة علماء الأزهر” مطلع التسعينات من القرن الماضي وجرى اغتياله من قبل مجهولين بعد ايام. جاء ذلك بسبب كتاباته التي ناقش عبرها فكر الجماعات الجهادية وفتاواها التكفيرية وأعمالها الإرهابية إنطلاقاً من الآيات القرآنية التي اعتمد هؤلاء عليها في تبرير أفعالهم.

لم يصدر عن مجمع الأزهر في حينه أي بيان يدين قتل المفكر المسلم فودة أو يدعو مشايخه إلى عدم إصدار فتاوي التكفير بحق من لم ينقل عنه أنه جاهر بإنكار الشهادتين، لا بل شهد اثنان من كبار مفكريه أمام القضاء بأن فودة مرتد ويجب قتله ومنع المحاكمة عن المتهمين لأنهم نفذوا الواجب الشرعي حين أقاموا عليه الحدَّ بسبب أفعاله!!.

** **  **  **

آخر كلمات فودة قبل موته كانت: يعلم الله أنني لم أفعل كل ذلك إلا في سبيل وطني.

**  **  **  **

ما جرى بين القاضي وقاتل فرج فودة:

_ لماذا قتلته؟

_ بسبب كتاباته.

_ هل اطلعت عليها؟

_ لا، فأنا لا أجيد القراءة والكتابة، أنا فقط نفذت فتوى الجماعة الإسلامية!!.

**  **  **  **

أحرقت داعش الطيار الأردني منذر الكساسبة، هي لم تنفّذ إلا ما وعدَ اللهُ به الكافرينَ والمشركينَ وأعداءَ الأسلام، هو -وفق شرعهم- واحدٌ من هؤلاء، وما قاموا به هو تنفيذ لحكم الله فيه، ذلك قد ورد في العديد من الآيات، منها على سبيل المثال لا الحصر الآية 73 من سورة التوبة الذي دعا فيها الله نبيَّه إلى الجهاد ضد الكفّار والقسوة عليهم حيث أن مأواهم جهنم وبئس المصير.

**  **  **

منذر الكساسبة أُحرِق مرة واحدة ومات بعدها، أما أهل النار في جهنم فسيصار -لدوام تعذيبهم- إلى إلباسهم جلداً جديداً كلما أكلت ألسنة اللهيب جلدهم السابق بحسب الآية 56 من سورة النساء (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودُهم بدلناها جلودا غيرها ليذوقوا العذابَ إن الله كان عزيزا حكيما).

**  **  **  **

تسابق العديد من رجال الدين من مشارب وملل شتى على إدانة حرق الطيار الأردني ، تلك الجريمة التي تنضم إلى سلسلة الفظائع التي ترتكب فوق الأرض السورية والعراقية مع فارق بسيط بين منفذيها: بعضهم -كالساهرين على رعاية وتربية وتعظيم أمر داعش مثلا- وثّقوا تلك اللحظة وارادوا من ذلك بثَّ الرعب في قلوب الناس جميعاً.

كان بالإمكان منع نشر فيلم الذبح وسحبه من التداول في جميع مواقع الاعلام والإنترنت، لكن أحداً من “أعداء” داعش لم يرد، تسابقوا على توزيع تلك البشاعة ما أمكنهم، قلة منهم فعلوا ذلك لتأكيد أفعال داعش المجرمة، لكن الكثيرين قاموا بذلك كي يلفتوا انتباه العالم بعيداً عن الدم الذي ينقّط من أيديهم وأفواههم، في مقدمتهم أمريكا، تلك الدولة التي لا تبخل بجهدٍ لإعلاء أمر داعش وأخواتها كي يصير ثمن قتالهم أكبر، ثمناً سيُدفع من خير هذه البلاد وحيوات أهلها وأحلامهم في عيشٍ حرٍّ وكريم.

(المدن)

السابق
العاصفة «YOHAN» تقترب وهذه آخر مستجدات الطقس
التالي
قوات التحالف الدولي شنت أكثر من 2000 غارة جوية على سوريا والعراق