فضيحة السكر في مرفأ طرابلس.. من التخزين إلى التوقيف!

وضع القضاء اللبناني يده على فضيحة السكر الفاسد في مرفأ طرابلس، مستكملا ما بدأه وزير الصحة وائل أبو فاعور باعلانه أن كميات كبيرة من هذا السكر دخلت الى الأسواق المحلية عبر بعض التجار بالرغم من انتهاء مدة الصلاحية، فيما كان وزير المال علي حسن خليل يطارد «المافيا» الجمركية بين مرفأ بيروت ومطارها، من دون أن يرتدع المرتكبون.

وقد استوجبت فضيحة السكر توقيف أربعة أشخاص على ذمة التحقيق يوم الخميس الفائت هم: أحد أصحاب معمل الشمندر السكري في البقاع (ر. ق.) وشريكه (ع. ص.)، ومندوب شركة «لويس درايفوس» (أ. م.)، ومدير مصنع الشمندر السكري في البقاع (ع.ع.).
وقد تم تحويل المتهمين الأربعة الى النيابة العامة الاستئنافية في الشمال، حيث استمع المحامي العام القاضي وائل الحسن الى إفاداتهم، وقام بتحويلهم الى قاضي التحقيق رفول البستاني للتوسع في التحقيق معهم، تمهيدا لاصدار القرار الاتهامي بحقهم.
وقد أبقى البستاني على ثلاثة متهمين، وأخلى سبيل (ر. ق.) بكفالة مالية نظرا لوضعه الصحي الذي استدعى نقله الى المستشفى، وقد وافقت النيابة العامة على قرار إخلاء السبيل بسبب الوضع الصحي لـ(ر.ق.) الذي بلغ العقد الثامن من العمر.
وقد ورث (ر.ق.) تجارة السكر عن والده، وهو يملك معملا لتكرير السكر وتنقيته وسحب الرطوبة منه في منطقة الضبية.
وكانت شركة «لويس درايفوس» وهي من أكبر الشركات التي تتعاطى تجارة السكر، قد أدخلت الى مرفأ طرابلس 25 ألف طن من السكر في العام 2013، وقامت بتخزينها في العنابر المستأجرة من قبلها، وتبين أنها صرّفت 23 ألف طن من السكر في السوق المحلية والعربية بصورة قانونية، لكنها أبقت على كمية ألفيّ طن حتى شهر نيسان 2014، كانت على وشك أن تنتهي صلاحيتها، قبل أن تبيعها الى احدى الشركات المحلية وقد تم إنجاز البيان الجمركي العائد لها بشكل قانوني، لكن الصفقة لم تتم، فبقيت البضاعة في العنابر.
وفي شهر أيار الفائت، تم إنجاز بيان جمركي ثان للبضاعة تحت عنوان: «ألفا طن من السكر لاعادة التكرير» لحساب مصنع الشمندر السكري في البقاع من دون إلغاء البيان الجمركي السابق.
وقد بدأت كميات السكر تخرج تباعا بحجة التكرير لكنها كانت تباع الى السوق المحلية، وذلك خلال شهريّ حزيران وتشرين الأول من العام 2014، وهي منتهية الصلاحية، من دون أن يؤكد أحد ما إذا كانت خضعت للتكرير أم لا، حيث أخرج بداية 500 طن، ثم توالت عمليات إخراج كميات السكر والتي بلغت مجتمعة نحو 1190 طنا، وبحسب الوزير أبو فاعور تبين أن إخراج السكر كان يتم بمعدل شاحنة كبيرة كل يومين.
وقد استمر الأمر على هذا المنوال الى أن أجرت وزارة الصحة كشفا على ما تبقى من السكر (810 طنا) في مرفأ طرابلس، ليتبين أن الكمية منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستعمال، فضلا عن تأكيد التقارير التي رفعها المفتشون الى الوزارة بأن طريقة التخزين غير مطابقة للشروط، فضلا عن وجود بقايا قوارض وجرذان، ما أدى الى فساد السكر.
وفي الوقت الذي يؤكد بعض الخبراء أن السكر لا تنتهي مدة صلاحيته، تركت هذه الفضيحة سلسلة علامات استفهام منها:
• أين دور وزارة الاقتصاد في مراقبة السلع الغذائية الأساسية التي تدخل الى السوق المحلية وفي مقدمتها السكر؟
• هل كانت الوزارة على علم بدخول السكر المنتهي الصلاحية الى الأسواق المحلية؟
• هل أن كميات السكر قد خضعت للتكرير فعلا في مصنع الشمندر أم أنها ذهبت للأسواق مباشرة؟
• هل ما يحصل اليوم ناتج عن صراع بعض الشركات النافذة التي تسعى لاحتكار تجارة السكر في لبنان، أم أنه ناتج عن صراع سياسي معين؟
• هل سيصار الى لفلفة هذه القضية كما جرى مع غيرها على قاعدة تسوية سياسية معينة؟
• هل يدفع الثمن صغار التجار.. والى أي مدى سيبقى القضاء بعيدا عن التدخلات والضغوط في هذه القضية؟
وفيما رفضت وزارة الاقتصاد التعليق لأن الملف بات بيد القضاء، قالت مصادر قضائية لـ «السفير» أن هذه القضية ستتابع حتى النهاية، وأن التحقيق سيتوسع، وقد يطال أشخاصا أو موظفين من المتورطين بادخال كميات السكر الى الأسواق المحلية.
وأضافت أن القضاء لم يتعرض لأية ضغوط في هذه القضية، وهو لن يتهاون في ملاحقة أي متورط في تهديد سلامة المواطنين عبر إدخال السكر الفاسد أو أية سلع غذائية أخرى غير مطابقة للمواصفات.
ولفتت المصادر الانتباه إلى أن قرار الإفراج عن (ر.ق.) بكفالة مالية تمّ بسبب وضعه الصحي المتدهور، وأوضحت أنه قد تم ختم عنابر السكر في مرفأ طرابلس بالشمع الأحمر.
وعلمت «السفير» أن وزير الصحة وائل أبو فاعور سيزور اليوم وزير العدل اللواء أشرف ريفي، «وذلك بهدف التنسيق بين الوزارتين في ملاحقة كل من تسول له نفسه التلاعب بغذاء المواطنين وتعريض سلامتهم للخطر» على حد تعبير مصادر وزارية متابعة.

السابق
هاشم: المقاومة لن تستدرج الى المخططات الاسرائيلية
التالي
لاجئة سورية عمرها 10 سنوات.. معلّمة في العراء