حوار عين التينة للحد من الخطاب المذهبي.. وتغطية لـ«كل الخطة الأمنية»

سعد الحريري وحسن نصرالله ونبيه بري

كتبت صحيفة “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثامن والثلاثين بعد المئتين على التوالي.
الوقائع السياسية والأمنية تفرض نفسها، ولم يعد حوار “حزب الله” ـ “المستقبل” يحتاج إلى جدول أعمال ومقدمات بروتوكولية، في ضوء القرار الاستراتيجي الواضح من قبل الجانبين بالمضي في خطوات بناء الثقة بعد نحو خمس سنوات من شبه القطيعة السياسية الكاملة.
في ظل هذا المناخ، يستمر التحضير للحوار المنتظر بين زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون ورئيس “القوات” سمير جعجع، وفي ظله أيضا، يسترق لبنان، يوما بعد يوم، دعائم سياسية لأمنه واستقراره برغم التهديدات الماثلة، ما دام الإرهاب قد أصبح موجودا في كل منطقة لبنانية، وما دام الخطر “يتهدد كل اللبنانيين من دون استثناء”، على حد تعبير وزير الداخلية نهاد المشنوق.
وفي انتظار تحديد ساعة الصفر للبدء بتنفيذ الخطة الأمنية في منطقة البقاع، تواصل وحدات الجيش بالتنسيق مع باقي المؤسسات الأمنية إجراءاتها الوقائية في معظم المناطق اللبنانية، وخصوصا في منطقة الشمال، في ظل تقديرات أمنية عن وجود انتحاري ثالث ينتمي إلى مجموعة الإرهابيين طه الخيال وبلال مرعيانة اللذين فجرا نفسيهما بأحد مقاهي جبل محسن قبل أسبوع، وكان مقررا أن يفجر نفسه بحزام ناسف، قبل أن يتوارى عن الأنظار.
وقالت مصادر أمنية لـ”السفير” إن قائد “جبهة النصرة” أبو مالك التلي الذي يواجه مأزق عاصفة الشتاء الطبيعية وعاصفة الضغط المتصاعد من تنظيم “داعش” من أجل مبايعته، أوعز إلى الإرهابيين شادي المولوي وأسامة منصور بتكثيف العمليات العسكرية ضد الجيش اللبناني، وخصوصا في طرابلس والشمال.
وأشارت المصادر إلى أن المولوي ينسق التحركات اللوجستية من مكان وجوده في مخيم عين الحلوة، فيما يتولى أسامة منصور (من عين الحلوة أيضا) ما يسمى “الدليفري”، أي توزيع العبوات الناسفة والأحزمة الانتحارية.
مجموعة المولوي ـــ منصور
وبيّنت التحقيقات التي أجريت حول التفجير الانتحاري المزدوج في جبل محسن أن الانتحاريين طه الخيال وبلال مرعيانة والانتحاري الثالث المتواري كانوا من ضمن مجموعة المولوي ـــ منصور، وقد غادروا التبانة معا بعد دخول الجيش اللبناني إليها وتوجهوا إلى منطقة القلمون السورية حيث خضعوا هناك لتدريبات عسكرية وعادوا بعدما طُلب منهم تنفيذ عملياتهم الانتحارية.
ولم تستبعد المصادر وجود رابط سابق بين هؤلاء الثلاثة وبين منذر الحسن الذي قتل في السادس من رمضان الماضي في طرابلس بعد مداهمة قوى الأمن الشقة التي كان يتحصن فيها في مجمع “سيتي كومبلاكس” في عاصمة الشمال.
وتشير المعلومات إلى أن نحو 400 شاب غادروا منطقة الشمال عموما للقتال في سوريا إلى جانب التنظيمات الإرهابية منذ بدء المعارك هناك (قبل أربع سنوات)، منهم من عاد بعد فترة، ومنهم من أعلن عن مقتله، ومنهم من يعتبر في عداد المفقودين، ومنهم من يستمر بالتواصل مع عائلته.
65 قتيلاً من الشمال
وتردد أنه في العام 2014 وحده توجه إلى سوريا نحو 200 شاب شمالي، معظمهم تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 22 عاما، وهم ينقسمون إلى قسمين:
الأول، يلتحق بتنظيم “داعش”، وبينهم أحد أبناء طرابلس ويدعى (ف. ش) الذي يتولى توزيعهم على المعسكرات ومن ثم “الجبهات”، فضلا عن اختيار الانتحاريين الذين يتم استخدامهم في عمليات انتحارية في العراق أو سوريا. وقد نعت عائلات طرابلسية وشمالية منذ تشرين الأول الماضي نحو 11 شابا قضى معظمهم في عمليات انتحارية داخل الأراضي السورية.
القسم الثاني، يلتحق بـ “جبهة النصرة” في القلمون السوري عبر جرود عرسال بواسطة وسطاء ومهربين، حيث يتم تدريبهم وتجنيدهم على العمليات الانتحارية.
وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن عدد الذين قتلوا في سوريا والعراق يصل إلى 65 شخصا، بينهم 13 شخصا قتلوا دفعة واحدة في كمين تلكلخ، واثنان من مخيم نهر البارد، فضلا عن نحو 10 أشخاص من جبل محسن وقرى علوية في عكار خلال قتالهم إلى جانب الجيش السوري.
وبحسب مرجع أمني لبناني، فإن الوضع في طرابلس في ضوء المداهمات الأمنية اليومية المستمرة، بالتزامن مع “عملية رومية” يشي بحدوث تحركات مريبة تتجلى في قيام بعض المجموعات بمحاولة توتير الوضع، عبر إلقاء القنابل الليلية في أكثر من مكان والاعتداء على بعض النقاط العسكرية، غير أن اللافت للانتباه، يضيف المرجع، هو تعاون الأهالي في معظم المناطق مع الإجراءات الأمنية، الأمر الذي ساعد في الساعات الماضية في توقيف شخصين من المتهمين بالاتصال بمجموعات إرهابية فيما تجري ملاحقة (ع. ع.) الذي ضُبط في منزله، أمس الأول، حزام ناسف وذخائر.
وإذا كان المرجع الأمني قد شدد لـ “السفير” على أن الوضع ممسوك أمنيا، إلا انه أعرب عن خشيته من أن تكون هناك محاولات لضرب استقرار طرابلس والشمال، لا بل كل لبنان، من خلال تحريك بعض الخلايا الانتحارية التي تدور في فلك “داعش” و “النصرة”، وهذا ما أكدته اعترافات بعض الموقوفين.
وربط المرجع الأمني تلك الخلايا بشادي المولوي وأسامة منصور، مؤكدا في الوقت نفسه أنهما موجودان في مخيم عين الحلوة، وسبق للمولوي أن دخل إلى المخيم بسيارة أجرة وكان حليق الذقن ومتنكرا بزي امرأة محجبة.
وتزامن كلام المرجع الأمني، مع تحرّك احتجاجي حصل أمس في مدينة البداوي تحت عنوان “الانتصار لقضية الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية”، تخلله رفع علم “داعش”، في تحد واضح للدولة والخطة الأمنية في المنطقة.
كما تزامن مع خطوة متناقضة، إذ ان قوى الأمن “نجحت، أمس، في سوق عدد من الموقوفين الإسلاميين الذين يحاكمون أمام المجلس العدلي (في قضايا متعددة)، ولم تسجل حالة غياب واحدة كما كان يحصل طيلة السنوات السابقة” على حد تعبير مرجع رسمي معني.
الجلسة الحوارية الثالثة
في عين التينة، انعقدت عند السادسة من مساء أمس، الجلسة الحوارية الثالثة بين “حزب الله” و “تيار المستقبل”، بحضور المعاون السياسي للامين العام لـ “حزب الله” الحاج حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله عن “حزب الله”، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري المهندس نادر الحريري، الوزير نهاد المشنوق عن “المستقبل”. وغاب النائب سمير الجسر بسبب سفره إلى الخارج (القاهرة). كما حضر الجلسة المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل.
ووفق البيان الصادر عن المجتمعين “جرى البحث في التطورات التي حصلت خلال الأسبوع الماضي، أمنياً وسياسياً والتقييم الايجابي لانعكاسات الحوار الجاري عليها، وتمّ التشديد على حماية القرارات الوطنية التي تحصّن الساحة الداخلية، واستمر النقاش في النقاط التي تمّ تناولها سابقاً، وحصل تقدم واضح فيها، بما يفتح آفاقا أمام نتائج تساعد على تثبيت الاستقرار الوطني”.
وعلمت “السفير” أن المجتمعين حددوا يوم الاثنين في السادس والعشرين من كانون الثاني الحالي موعدا للجلسة الحوارية الرابعة، على أن يستمر النقاش في العناوين المتفرعة عن قضية تنفيس الاحتقان، لجهة الحد من الخطاب السياسي والإعلامي (المذهبي وليس السياسي)، وسبل تعزيز الأمن السياسي.
وقالت مصادر المشاركين لـ “السفير” إن الحوار على مدى ثلاث ساعات جرى بجدية ومسؤولية وصراحة، وثمة إرادة واضحة بالمضي في الحوار كخيار استراتيجي لا ظرفي، فضلا عن محاولة تطوير عامل الثقة المتبادلة، وهي مسألة تحتاج إلى وقت والى مبادرات من الطرفين، برغم وجود متضررين يطلقون النار من هنا أو من هناك على الحوار.
وقد قيّم المجتمعون، وخصوصا “حزب الله”، بطريقة ايجابية “إنجاز رومية”، فضلا عن طريقة تعامل جميع الأطراف مع التفجير الإرهابي الذي استهدف جبل محسن، وذهب الحاضرون أكثر في اتجاه تعزيز الخطاب الوطني، وجرت الإشادة من جانب “المستقبل” بالخطاب الذي صدر عن السيد حسن نصرالله وعبّر فيه عن استعداده للاجتماع بالرئيس سعد الحريري وتأكيده جدية تعامل “المستقبل” مع الحوار.
وشددت أوساط المشاركين على أن ممثلي “حزب الله” كانوا واضحين في تأكيد دعم الخطة الأمنية على المستوى الوطني وأن تمارس الدولة اللبنانية صلاحياتها على كل الأراضي اللبنانية من دون أي استثناء.
وختمت الأوساط بالقول “جلسة تلو جلسة، يرتفع منسوب تقبل الآخر بكل أريحية، خصوصا أن النقاش يتسم بموضوعية وود وهدوء وجدية”.

السابق
الأزمة مع البحرين والخليج تُحاصر الحكومة الجولة الحوارية الثالثة: حماية خطوات الاستقرار
التالي
عملية «روميه» تفعّل المحاكمات وتنهي زمن «التمنّع » عن المثول أمام المجلس العدلي