العراق: الدعم الغربي ضد «داعش» لم يكن كافياً

لم يهدأ الحراك الداخلي العراقي، أمس، خصوصاً أنه يسير على وقع المتغيرات الإقليمية المترافقة مع ضغوط داخلية تتحين فرصة معالجة عدة مسائل عالقة، في ظل ارتفاع الاصوات المطالبة بإنشاء «أقاليم» شبه مستقلة على شكل إقليم كردستان، ومواظبة الحكومة العراقية على طلب الدعم من الدول الغربية، التي باتت تبحث وفق ما يرشح من تصريحات مسؤوليها، عن تكريس وجودها عراقياً مستغلة الوضع الأمني المتردي، والمفاعيل المستمرة لتمدد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – «داعش» في البيئة العراقية.

وبالرغم من تكرار تصريحات المسؤولين الأميركيين وحلفاء بلادهم الإقليميين حول مواصلة «دعم» العراق، إلا أن مواقف المسؤولين العراقيين تمحورت خلال اليومين الأخيرين حول نقص هذا الدعم، حيث أكد وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري، أمس، أن المساعدات التي تلقاها العراق حتى الآن من أجل مواجهة تنظيم «داعش» تعد «غير كافية».
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لـ «منظمة المؤتمر الاسلامي» اياد مدني الذي يزور بغداد، قال الجعفري إن المساعدات التي حصل عليها العراق «لم تكن بمستوى الكفاف» خصوصاً إذا «ما قيست بالوضع الاستثنائي» الذي تمر به البلاد، معرباً عن أمله في «أن تستمر حتى تكون أفضل من ذلك».
وكرر الجعفري اللازمة التي لم تعد تفارق تصريحات المسؤولين العراقيين بأن العراق يقاتل في هذه المعركة «نيابة عن العالم»، ما يدفع بالمسألة العراقية نحو المزيد من التدويل، مشدداً على أن الدعم المطلوب ليس من «موقع الترف»، طالما أن مقاتلي «داعش» جاؤوا من بلدان «خارج العراق ويهددون بلدانهم التي جاؤوا منها، لذا فان دعم الوضع الأمني والإنساني والبنية التحتية في العراق يدخل في هذا المضمار».
وفي هذا السياق تطرق الجعفري إلى الهجمات في باريس، معتبراً أن «طبول الخطر بدأت تقرع من بلداننا إلى بلدانهم (الدول الغربية)… ونحن أمام هجمة شرسة تعرف عن نفسها بأنها شرسة ومستبيحة لكل محرم».
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد أكد أيضاً، خلال استقباله منسق «التحالف الدولي» جون آلن، أمس الأول، على ضرورة «زيادة وتيرة الضربات الجوية المؤثرة ضد مواقع داعش»، وشدد على ضرورة «متابعة الخطوات الجارية لتدريب القوات العراقية وتوسعته ليشمل أكبر عدد ممكن منها»، بينما أعرب المبعوث الأميركي عن الحاجة إلى ما أسماه «استجابة عالمية» ضد «داعش»، مستحضراً هجمات باريس في هذا السياق، معتبراً أن «العراق هو على خطوط التماس لنزاع عالمي».
وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري إنه نقل رسالة في اجتماع مغلق مع آلن بأن «الدعم الدولي إلى حد الآن غير مقنع»، مشيراً إلى أن «الجوانب العملية القتالية إلى حد اللحظة تعتمد على إمكانيات العراقيين والبلد يعتمد على قدراته الذاتية»، وأردف مطالباً بالمزيد من التدخل الدولي في شؤون بلاده أن الميدان العراقي «يشهد حالة من المساهمة هنا أو هناك، ولكنها غير كافية في الظرف الصعب الذي يمر به».
إلى ذلك، عبر الجبوري عن حرص بلاده على «تطوير العلاقات» مع تركيا وتفعيل عمل لجنة الصداقة البرلمانية التركية – العراقية، خلال لقائه السفير التركي في بغداد فاروق قيماقجي، لافتاً إلى أنه سيقوم بزيارة أنقرة، الأسبوع المقبل، بينما يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة إلى بغداد خلال الشهر الحالي.
وأوضح الجبوري في حديث لوكالة «الأناضول» التركية أنه سيناقش «مواضيع استراتيجية في غاية الأهمية مع المسؤولين الأتراك، يتصدرها ملف الدعم الذي ستقدمه تركيا، في ما يتعلق بتجهيز وتدريب قوات الأمن العراقية».
وتطرق الجبوري إلى استمرار استعدادات العملية العسكرية على مدينة الموصل، مؤكداً على «تواصل الاستعدادات العسكرية واللوجستية لاسترداد الموصل، في جنوب وشمال المدينة»، لافتاً إلى أن «التحضيرات تشير إلى إمكانية استرداد المدينة من التنظيم في وقت قريب»، ولكن «تحديات تواجه العملية، حيث قد يحتاج العراق إلى المزيد من المعدات العسكرية».
وناقش الجبوري في لقاء مع العبادي الأوضاع السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد بالإضافة إلى الموازنة، و «المصالحة الوطنية» و «إعادة العوائل النازحة»، حيث شددا بحسب بيان صدر عن مكتب العبادي على «أهمية اعادة العوائل المهجرة إلى مناطقها، بعد أن تم تحريرها من عصابات داعش واعادة اعمار تلك المناطق».
وفي المقلب الداخلي، عزا نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي أسباب سقوط مدينة الموصل في حزيران الماضي بيد تنظيم «داعش» إلى «الريح السوداء» التي جاءت تحت عنوان «الربيع العربي»، وما «أفرزته الأحداث في سوريا».
واعتبر المالكي أن العراق لا يزال في «قلب المعادلة» وهو «مستهدف» من قبل الأنظمة التي «لا تؤمن بالحرية والديمقراطية»، وأشار إلى أن البعض «لا يسره» أن يرى العراق «قويا معافى»، متطرقاً من مدينة البصرة إلى مسألة إنشاء الأقاليم، حيث أكد أن «إقليم البصرة موضوع دستوري ولا يحق لأحد أن يلغي هذا الحق من المحافظات ولكن له ضوابط وآليات»، وأضاف أن «تشكيل الأقاليم على أساس طائفي وخلفيات الاقتتال الطائفي والعرقي أمر مرفوض، ولكن ينبغي اختيار اللحظة المناسبة لإنشاء الإقليم وضمن الظروف الهادئة للمحافظة وجو الأخوة والوحدة الوطنية».
وتسعى قوى سياسية عدة في محافظة البصرة إلى الشروع بتحويل المحافظة إلى إقليم شبه مستقل، وهو ما عبر عن دعمه له رئيس الحكومة حيدر العبادي خلال زيارته الأخيرة إلى المحافظة، بينما اعتبر المالكي أن الوقت «غير مناسب» لتحويل المحافظات إلى أقاليم.
وأكد المالكي في جامعة البصرة أن «الجو غير مناسب في العراق لمشاريع من هذا النوع نظراً لوجود الإرهاب والتدخلات الخارجية، وينبغي تأجيل مشاريع الأقاليم إلى أن تكون الظروف هادئة حتى ينتج عنها عراق اتحادي موحد»، مشيراً إلى أن «الأقاليم لا يمكن تشكيلها على خلفيات طائفية حتى لا تؤدي إلى تقسيم البلاد والاقتتال».
وفي سياق آخر أكد المالكي أن «عملية انخفاض النفط عملية سياسية وليست اقتصادية خاضعة للسوق العالمية»، مؤكدا أن عملية الانخفاض «تستهدف دولا محددة منها العراق وروسيا وإيران لتدمير اقتصادها وهذه الحرب مكملة للإرهاب».

صادرات نفط قياسية في شباط المقبل

أكدت مصادر اقتصادية، أمس، أن العراق ينوي زيادة صادرات النفط الخام من الموانئ الجنوبية إلى مستوى قياسي مرتفع خلال شهر شباط المقبل.
وذكرت المصادر أن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) خصصت 3.3 مليون برميل يوميا من خام البصرة للشحن في خلال الشهر المقبل، بزيادة عن 2.7 مليون برميل يوميا الشهر الحالي.
وأكدت المصادر المعنية بتجارة النفط، إن البنية التحتية الجديدة في مرافئ البصرة جنوب العراق، قلصت زمن انتظار الناقلات إلى حوالي يومين، بعد أن كان بين أسبوع وأسبوعين.
وبحسب الحكومة العراقية، فقد بلغت صادرات البلاد التي تعد ثاني أكبر مصدر للنفط ضمن منظمة «أوبك» 2.94 مليون برميل يوميا خلال الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ العام 1980، وتضمن ذلك مستوى قياسيا مرتفعا لصادرات المرافئ الجنوبية بلغ 2.76 مليون برميل يوميا.
وقال أحد التجــار إن بعــض الدول المنتــجة للنفـــط مثــل روســيا قد تحــتاج من أجــل ضبط ميزانيـــتها إلى زيادة الصادرات لتعويض أثــر انخــفــاض أســعار النفط الخـــام، الـــتي تراجعـــت بنحـــو 60 فـــي المئــة منــذ شــهر حزيران الماضي، وسط تخــمة في الــعرض العــالمي.
 

السابق
حوار «المستقبل» و«حزب الله» الى تقدّم
التالي
السيّد محمد حسن الأمين عن «شارلي ايبدو»: إعتدوا عليهم بمثل ما إعتدوا عليكم